التقارير

تقرير خاص: التعاون #الخليجي #الإسرائيلي.. إسقاط المحرمات تمهيدا لتثبيت العلاقات؟

 

لا يتوانى الإعلام الإسرائيلي عن الترويج لما يوحي يوما بعد يوم بوجود علاقة أو رابط ما بين الكيان الإسرائيلي وبعض الدول الخليجية وفي مقدمتها المملكة السعودية، فإعلام العدو طالما سرب معلومات عن علاقات موجودة سابقا أو مستحدثة مع دول خليجية أو الإعلان عن لقاءات تحصل هنا وهناك في السر وأخرى في العلن بين مسؤولين صهاينة وآخرين سعوديين أو خليجيين.

 

ومؤخرا لم يعد الأمر يقتصر على تصريحات لأنور عشقي وتركي الفيصل حول كيان العدو أو عن لقاءات جمعت الرجلين بقائد أمني أو سياسي إسرائيلي، بل انتقل الموضوع إلى تسريب معلومات عن نشاطات مشتركة، وعداد تسريبات لا يتوقف ومنها على سبيل المثال لا الحصر: - الإعلان عن زيارات متبادلة لوفود من الطرفين، كالإعلان عن زيارة وفد إسرائيلي إلى الرياض في إطار ما قيل إنه "التعاون الثقافي بين البلدين".

 

- الإعلان عن تدريبات عسكرية موحدة كتلك التي سربت عن تدريبات سعودية إسرائيلية في البحر الأحمر.

 

-  خبر افتتاح مراكز إسرائيلية في عواصم خليجية كمكتب تمثيل إسرائيلي في أبو ظبي لإحدى المنظمات الدولية.

 

- خبر وجود خطي جوي أو رحلات جوية ثابتة ودورية أسبوعيا بين إحدى العواصم الخليجة وتل أبيب.

 

- إقامة علاقات اقتصادية وعقد صفقات تجارية وعسكرية بشكل غير مباشر أو عبر وسيط بين دول خليجية وإسرائيل، لا سيما وجود تسريبات بدخول بضائع إسرائيلية إلى "بلاد الحرمين".

 

- تسريب أخبار عن لقاء جمع بين رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأمير سعودي بارز في الأردن.

 

وقد كشفت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية مؤخرا عن لقاءات سرية جمعت مسؤولين سعوديين بآخرين صهاينة خلال السنوات الثلاث الماضية في العديد من البلدان، وبحسب الصحيفة فإن الحديث خلال الاجتماعات تمحور حول التحديات المشتركة للطرفين وفي مقدمها الاستقرار الإقليمي وإيران كعدو مشترك.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن "شخصيات إسرائيلية رفيعة المستوى تتجول في العالم العربي بتكرار غير مسبوق وأنه لا يمكن تجاهل المصالح المتشابهة التي تطورت مؤخرا بين إسرائيل ومعظم الدول الخليجية"، وأضافت أنه "في بداية السنة الحالية التقى وزير البنى التحتية الإسرائيلي يوفال شتاينيتس في أبو ظبي مع شخصيات رفيعة من الأمارات العربية وقالت أن هناك رحلة طيران مرتين في الأسبوع بين أبو ظبي وتل أبيب"، وأكدت على "أهمية العلاقات التجارية والتنسيق الأمني بين تل أبيب وبعض العواصم العربية والخليجية"، وشددت على أنه "من الأفضل أن تتحسن العلاقات مع هؤلاء من وراء الكواليس إلا أن ذلك لن يطول للخروج إلى العلن".

 

كل ذلك يؤكد الشكوك بوجود شواهد على التنسيق أو عمق العلاقات بين الكيان الإسرائيلي وبعض دول الخليج وفي مقدمتها المملكة السعودية، مع ما يحمله كل ذلك من إشارات لتطبيع العلاقات أو لتهيئة الأجواء قبل إخراجها إلى العلن في يوم ما بحسب ما تسمح الظروف لذلك، وهذا ما يطرح الكثير من التساؤلات عن مدى القبول بوجود علاقات بين دول عربية وإسلامية مع "إسرائيل"؟ وهل تسمح الشعوب في هذه الدول بذلك؟ ولماذا دائما الهروب من الإجابة عن هذه الأسئلة والتلطي بأن ما يفعله أشخاص كأنور عشقي وتركي الفيصل، لا يعدو كونه نشاط فردي لا يعبر عن أفكار وسياسات الدولة، فهل كل ما سبق ذكره هو فقط مجرد حالات فردية لأشخاص يعبرون عن آرائهم الخاصة والشخصية؟ ولماذا في بعض الدول يمنع إبداء الرأي في كثير من المجالات ويبقى مسموحا ذلك بخصوص إسرائيل وتصبح الحريات الخاصة والفردية مقدسة؟

 

وللتذكير فقط عله يهم البعض، بأن "إسرائيل" هي عبارة عن كيان زرعه الاستعمار في مطلع القرن الماضي في أرض فلسطين، وأسست له ما يسمى دولة في العام 1948 على أرض عربية مسلمة وعلى أنقاض شعب عربي مسلم بأغلبيته الساحقة اسمه الشعب الفلسطيني، والتاريخ يشهد على ما تبع ذلك من مجازر وقتل وتشريد واحتلال ومؤامرات لا تنتهي ضد الشعب الفلسطيني أولا ومن ثم الشعب العربي في مصر والأردن وسوريا ولبنان وغيرها من الدول.

 

وفي الواقع قد تكون "إسرائيل" هي نقطة التحول الحقيقية لدى البعض في عدد من دول الخليج من المملكة السعودية إلى غيرها، فالتطورات تؤشر إلى وجود من يريد أن يطوي صفحة العداء لـ"إسرائيل" ومعها حوالي قرن من معاناة الأمة مقابل بعض المصالح الخاصة والآنية، وهنا نطرح سؤال بموضوعية بأنه حتى لو لم تكن هذه المصالح آنية وخاصة بل حتى لو كانت هذه المصالح ذات قيمة معينة هل يجوز معها التخلي عن كل شي يخص الأمة وفلسطين؟ هل يجوز التخلي عن التاريخ والجغرافيا والمقدسات والتراث والإنسان.. والكثير من المعاني والقيم التي تنبع من أصل ديننا المحمدي الأصيل؟

 

فهذه الأمة ومنها بالطبع المملكة السعودية الموجودة على الأرض التي شهدت نزول الوحي على الرسول الأعظم محمد بن عبد الله(ص) وفيها أول بيت وضع للناس في مكة وفي ما فيها من الطهر والقداسة، وقد نسب إلى الرسول محمد قوله في يوم من الأيام ".. والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أتخلى عن هذا الأمر ما تركته.."، ألسنا في هذه الأمة أبناء هذا الرسول الكريم ومن تعاليمه ننهل ونتعلم وعلى نهجه ودينه يفترض أن دول العالم الإسلامي تربت ومن ضمنها المملكة السعودية وغير من دول مجلس التعاون الخليجي؟ فكيف يمكن التفريط بمقدسات فلسطين واعتبار من يدنس المقدسات ويقتل الأبرياء في الأراضي المحتلة هو حليف وصديق... وأيا كانت المغريات يجب على المسؤولين في المملكة ودول الخليج التنبه جيدا لما يجري لأنه لو صح أن هناك علاقات تنسج مع إسرائيل فأن ذلك ينطوي بالدرجة الأولى على مخالفة كل تعاليم السماء وأعراف الأرض ...لأنه تحالف مع "الشيطان" ومع مجرم ارتكب ويرتكب أفظع الجرائم.

 

فكيف يقبل عاقل أن تُقدّم "إسرائيل" له على أنها صديق أو على أنها حليف أو على أنها حام؟ وما هذا التزوير للتاريخ والواقع وما هذا الخداع الذي يمارسه بعض الأعلام وبعض الحكام؟ وربما أن "إسرائيل" تحاول بتسريبها لأخبار عن علاقات نسجت في الخفاء أو العلن مع دول عربية، تحقيق عدة أهداف ومن ضمنها إثارة الفتن والبلبلة بين العرب والمسلمين عبر إظهارها أنها صديقة لطرف دون آخر وأن هناك عدوا مشتركا لهما من الدول الإسلامية نفسها في محاولة لخداع العالم الإسلامي عبر الإيحاء بنزاهة "إسرائيل" وسلميتها وهذا ما لن يتقبله الرأي العام العربي والإسلامي، فالتجربة أثبتت أن الشعوب العربية والإسلامية بطبيعتها وهويتها لا تقبل التطبيع مع الإسرائيلي ولو عقدت الأنظمة الحاكمة اتفاقيات ومعاهدات سياسية أو اقتصادية أو أمنية.

 

وقد يعتبر البعض أن هذه العلاقات السعودية الإسرائيلية أو الخليجية الإسرائيلية التي بدأ الحديث عنها تساهم في التمهيد لكسر الخوف من التطبيع مع العدو الإسرائيلي وكسر حاجز الجدار السابق الذي كان لا يسمح لأي شخصية عربية أن تلتقي علنا بالصهاينة، والخطورة الأبرز لذلك تتمثل بأن المملكة السعودية تصور نفسها أنها تقود العالم الإسلامي، وبالتالي تحاول القول للمسلمين عامة أن هذا الجدار مع "إسرائيل" قد سقط وبالتالي يمكن لأي كان أن يسير على النهج السعودي وتبرر لأي كان في العالم الإسلامي أن يفعل ما يفعله بعض المسؤولين السعوديين.

 

وقد نُقل عن بنيامين نتانياهو قوله منذ مدة إن "السعودية ترى في إسرائيل حليفا وليس تهديدا وأن دولا كثيرة غير المملكة في العالم العربي باتت كذلك"، ولكن يبقى من غير المقبول أن يعلن بعض المسؤولين الخليجيين والسعوديين عكس ما يفعلون ففي حين يظهرون أنفسهم قادة للعالم العربي والإسلامي ويحرصون على مصالح شعوبهم وشعوب أمتهم، نرى أن "القناة العاشرة" الإسرائيلية تنقل عن مسؤولين سعوديين أنهم يخبرون القادة الصهاينة خلال الاجتماعات "إنهم غير مهتمين بالفلسطينيين ولا يخجلون بالعلاقات القائمة مع إسرائيل لكنهم يؤكدون على ضرورة إبقائها سرية وضمن الغرف المغلقة بل إنهم يريدون إسرائيل إلى جانبهم..."، فهل هذا هو ما يعبر فعلا عن "الرؤية" المستقبلية للمملكة وللأمة؟ وهل هكذا يمكن قيادة بلد يكرس نفسه في قيادة العالم الإسلامي والعربي وينشئ أحلافا لشن حروب هنا وهناك بينما تترك فلسطين بمقدساتها وتاريخها لحليف الغرف المغلقة؟

أضيف بتاريخ :2016/05/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد