ناصر قنديل

  • نقاط على الحروف ماذا ينتظر وليد جنبلاط؟

    – الإشارات التي صدرت عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حول تهيئه للإقدام على خطوة نحو مسار التسوية الخاصة بتشكيلة الحكومة الجديدة، توحي بإدراك جنبلاط أن الجميع سيذهبون في النهاية إلى التسوية والتنازلات، وأن مَن يبقَ إلى آخر صف المتقدّمين فسيدفع الثمن الأكبر وسيتحمّل الخسارة المعنوية عن الجميع، فيما يعرف أنه أقلّ المستفيدين من التموضع على خط العرقلة، وأكثر القادرين على التخفّف من أسباب التشدّد.

  • كلام نتنياهو تمهيد للعدوان على العراق

    – منذ أكثر من شهر أضاف قادة كيان الاحتلال العراق إلى لائحة الدول التي تضم إيران وسورية ولبنان التي يهددون بضرب مواقع السلاح المقاوم فيها، ومن على منبر نيويورك جدّد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو التهديد للعراق من ضمن لائحة الاستهدافات الإسرائيلية. وليست صدفة أن يأتي هذا التهديد بالتزامن مع القرار الروسي بنشر منظومة صواريخ الـ«أس 300» وتسليمها للجيش السوري، ولا من باب الصدفة أن يأتي هذا مع إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن الأمر انتهى، والصواريخ الدقيقة باتت بيد المقاومة، وجاءت الصور التي لوّح بها نتنياهو لما وصفها نتنياهو مواقع الصواريخ قرب مطار بيروت أقرب للمهزلة التي جعلت بعد جولة السفراء المعتمدين في لبنان عليها، من نتنياهو مصدراً للسخرية.

  • تبقى الكلمة الفصل في المنطقة سوريّة

    – لأن المقياس الوحيد الحقيقي الثابت لتقدّم وتراجع أيّ من الحلفين المتقابلين على امتداد مساحة المنطقة والعالم، يبقى التقدم والتراجع في الجغرافيا. ولأن الجغرافيا إذا تعددت مساحاتها تبقى الأهمية للجغرافيا التي تلعب دوراً مقرّراً نسبة لحجم أهميتها في حسابات القوى المتموضعة على جبهات الصراع، ولأن الأهمية هنا ليست استنسابية أو تقديرية، بل تجد تعبيراتها في حجم الاستثمار السياسي والعسكري والدبلوماسي لتحقيق التقدّم ومنع التراجع فيها، والجغرافيا هي بر وبحر وجو، فغريب عن عالم السياسة، مَن لا ينطلق في قراءة مستقبل التوازنات الحرجة التي تقوم بين الحلفين المتقابلين، اللذين تقود أحدهما واشنطن، وتقود الآخر موسكو، من نقطة الثقل الجغرافية والاستراتيجية التي تمثلها سورية، ومشتبه أو مشبوه مَن يتوه أو يريد لنا أن نتوه في تفاصيل غامضة لقراءة التوازنات، حيث الكلام المتضارب، وتقدير الأهمية استنسابي، وتحديد صاحب اليد العليا تحكمه المزاجية والأهواء السياسية، مقابل الوضوح والسطوع اللذين تقدّمهما قراءة الجغرافيا السورية وحركيتها بين المتقاتلين.

  • العلاقة مع سورية و«تربيح الجميلة»

    – حسناً فعل الرئيس سعد الحريري بنصف الاستدارة في رسم موقفه من العلاقة بسورية وتراجعه عن المعادلة التي رسمها قبل أسابيع تحت عنوان «لن أذهب إلى سورية، وإن اقتضت المصلحة الوطنية ذلك فتشواً عن غيري «. فربط مستقبل العلاقة اللبنانية بسورية بالموقف العربي والقصد الخليجي طبعاً، الذي يسيطر على الجامعة العربية، رغم أنه قال في موقع آخر إنه لن يربط موقفه بالطلب السعودي كما حدث من قبل، مشيراً إلى أن نسخة سعد الحريري الجديدة تغيرت عن السابقة، لكن الرئيس الحريري مدعو لبعض التفكير الهادئ بالأمر بعيداً عن الانفعالية التي وردت في كلامه.

  • من المتوسط إلى هرمز: محور متماسك

    – كان من الطبيعي والمتوقّع أن تستنهض طفرة جنون الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلى ما يمكن أن تفكر فيه الكيانات الحليفة لواشنطن، التي أصابها الإحباط من سياسة الانكفاء التي رافقت السنتين الأخيرتين من عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، فالفرصة قد لا تتكرّر بوجود رئيس أميركي يرفع سقوف المواقف إلى الأعلى، ويبدي عزماً على خوض المواجهات بلا حسابات. وثبات الرئيس نفسه قد لا يستمرّ وهو المتقلب المزاج والآراء، والمحاط بتناقضات حسابات مراكز القوى والقرار داخل البيئة الأميركية، لذلك كان على الذين يسعون لمواقف أميركية متشددة في المنطقة، خصوصاً السعودية و«إسرائيل»، الذهاب إلى أقصى الحدود في تظهير مصادر القدرة على تغيير المعادلات، لتشجيع الرئيس الأميركي على المضي قدماً من جهة، ولاستثمار أعلى عائد متاح من مواقفه التصعيدية من جهة أخرى.

  • الصحف الورقية بين رفع العتب والمسؤولية

    – الصحف الورقية في أزمة، ليس الخبر جديداً ولا يخصّ لبنان وحده، ويسهل الحديث عن زمن التفوّق الذي يسجله الإعلام الإلكتروني، كما يسهل التحدث عن مسؤولية أصحاب الصحف وإداراتها وعجزها عن مواكبة التطور التقني وحاجات السوق، لكن هذا لا يحلّ مشكلة، ولا يغيّر في واقع. كما يسهل الحديث عن أزمات لا تقلّ خطورة تواجهها قطاعات اقتصادية تبحث عن تخفيف التكاليف وتطلب الدعم من الدولة، وتعتبر أنها أحق أو على الأقلّ لا تقلّ أحقية من الصحف بالدعم، لكن هذا ذر للرماد في العيون لرفع العتب والتهرّب من الجواب، والسؤال هو ببساطة، هل من وصفة يمكن للدولة المساهمة فيها بمواجهة أزمة الصحف الورقية؟ ولماذا؟ وكيف لا تقع على خط التصادم أو المفاضلة مع قطاعات أخرى؟

  • الحرب بين «نصرالله الصادق» و«نتنياهو الكاذب»

    بلغ التوازن الرادع الذي أنشأته المقاومة بوجه القدرة التدميرية التي يختزنها جيش الاحتلال، المرحلة التي تجعل من أي سجال يدور بين المقاومة والاحتلال حول السلاح بعيداً عن القيمة الأمنية التي يبنى عليها استنتاج يتصل بتعديل التوازنات،

  • مطار بيروت: أدرعي على الخط

    – بينما يتساءل اللبنانيون عن سر كثافة الأزمات في مطار بيروت، وسرعة تحولها إلى خبر أول في القنوات الفضائية الغربية والخليجية، واستعمالها كمدخل لبث تقارير لا علاقة لها بعناوين الأزمات، بل للتشهير بحزب الله والتحريض عليه تحت شعارات اتهامه بالسيطرة على المطار واستعماله لأغراض إجرامية ليس أقلها تهريب المخدرات وغسيل الأموال، خرج الناطق بلسان جيش الاحتلال ليريح اللبنانيين من عناء البحث والتفكير، فيما إذا كان ما يجري مجرد تعبير عن فوضى واهتراء أجهزة الدولة أم خطة مبرمجة، فقال إن حزب الله يقيم بنية تحتية لمستودعات ومصانع الصواريخ في محيط المطار وحرمه، عارضاً لصور لا تقول أي شيء له معنى، سوى ما تقوله الصور التي عرضها رئيس حكومة الاحتلال لأحد البساتين ليقول إنه منشأة نووية سرية قرب طهران.

  • كلفة السياسة على الاقتصاد

    – أربعة نماذج أمامنا تكفي لقراءة كلفة السياسة على الاقتصاد بطريقة تجعل الفقر والعوز والركود من جهة وارتفاع الأسعار وتفشي الفساد وارتفاع المديونية من جهة أخرى، سمات الاقتصاد العالمي والإقليمي واللبناني. فما يعيشه الاقتصاد الأوروبي جراء العقوبات الأميركية على روسيا وإيران تتحدث عنه بالأرقام الدوريات الأوروبية المتخصصة، حيث يشكل السوق الروسي سوقاً للاستثمار والتصدير لكبريات الشركات الأوروبية، وكانت إيران بعد التفاهم على ملفها النووي فرصة واعدة تسابقت إليها الشركات الأوروبية. وجاءت العقوبات الأميركية على تركيا ضربة أميركية ثالثة على الرأس الأوروبي. ووصل الأمر إلى حدّ قول المستشارة الألمانية إنّ العقوبات الأميركية على روسيا وإيران تكاد تكون عقوبات مباشرة على أوروبا وشركاتها، بينما على المقلب الآخر من العالم إجراءات حرب تجارية أميركية بحق الصين سينتج عنها في حال نجاحها وقف النمو الاقتصادي الصيني والتسبّب بأزمة معيشية لبلد المليار ونصف المليار نسمة، وفي حال فشلها ستتسبّب برفع الأسعار في سوق السلع الاستهلاكية العالمية، التي تشكّل السلع الصينية الرخيصة فيها متنفساً للفقراء على مساحة العالم.

  • روحاني ـ ترامب: فوز بالنقاط

    – أربعة عناوين شكلت محور حركة الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ الانسحاب الأميركي من التفاهم حول الملف النووي الإيراني. العنوان الأول كان التركيز على الدعوة للتفاوض حول صيغة جديدة للتفاهم على الملف النووي، والبرنامج الصاروخي الإيراني، ودور إيران الإقليمي. والعنوان الثاني كان السعي لحشد دولي إقليمي تحت عنوان اتهام إيران برعاية الإرهاب تطلعاً لعزلها وتهديدها باللجوء للقوة، والعنوان الثالث تمثل باللجوء إلى أشد أنظمة العقوبات قسوة تحت شعار فرض معادلة صفر على النفط الإيراني المصدر للخارج. أما العنوان الرابع فكان تشكيل ثنائية خليجية إسرائيلية تستند إليها أميركا لمحاصرة إيران وحلفائها في المنطقة لإجبارها على التفاوض وفقاً لبنود دفتر الشروط الأميركي.

  • التوازن الفعلي الجديد بعد التوتر الروسي الإسرائيلي

    – يُصرّ بعض المتذاكين على التنمّر باقتطاع فقرات من البيان الروسي الذي حمّل «إسرائيل» مسؤولية سقوط الطائرة الروسية، لتغطية القضية الحقيقية التي تقع بين أيدينا، وهي إعلان موسكو الأول من نوعه منذ نشأة كيان الاحتلال باعتباره مصدراً لتهديد أمن القوات الروسية. وبالرغم من أن سياق الكلام الروسي عن إجراءات الاطمئنان التي قدمتها موسكو لتل أبيب كان واضحاً، وهو الاستنتاج بأن تل أبيب معتدية وناكرة للجميل، وبالتالي روسيا قامت بأقصى ما يمكن القيام به لتفادي أزمة ولا بديل أمامها إلا لتفسير مبني على سوء النية الإسرائيلية، واعتبار التفاهمات السابقة بحكم الساقطة. أما الفقرات التي يتلهى بها الإعلام الخليجي ومَن يريدون التنمر، فهي الإشارة الروسية إلى إبعاد القوات الإيرانية إلى ما وراء مئة وأربعين كليومتراً من حدود الجولان، والحصول على تعهّد إيراني بعدم القيام بأي عمل يستهدف «إسرائيل».

  • هل يفسّر قانون الصدفة تزامن استهداف روسيا وإيران؟

    – فيما واشنطن تغسل أيديها من دماء الضباط والجنود الروس، ودماء الجنود والضباط والمدنيين والأطفال الإيرانيين، في عمليتين مدبّرتين، كما بات واضحاً من البيانات الروسية المتتابعة والمحكومة بإصرار على التحدث عن خلفيات، ورفض الأخذ بأسباب تخفيفية لجعل العدوان مجرد حادث. وكما هو واضح من الاعتداء الذي استهدف إيران معلناً عن نفسه كعمل مدبّر ومبرمج، لنقل المعركة إلى الداخل الإيراني، كما أعلن مستشار ولي العهد الإماراتي، ينطرح سؤال محدّد يطال غرفة العمليات الأميركية التي تدير المسرحين، والرسائل التي أرادتها من عمليتين كبيرتين يصعب الصمت عليهما، واحدة تمت بتورط أيادٍ خليجية وحدها تستطيع التلاعب بالعصبية العربية في جنوب إيران، والثانية تمّت بأياد إسرائيلية وحدها تستطيع حرية التحرك في الأجواء السورية التي تديرها روسيا منذ تموضعها العسكري عام 2015، وعقدها تفاهمات ورسمها خطوط تحرك على محاور العلاقة بأميركا و»إسرائيل» وتركيا.