عبد الباري عطوان

  • إيران وتُركيّا خَرَجَتا الرَّابِح الأكبَر مِن جَريمةِ اغتيالِ الخاشقجي.. والإستراتيجية الأمريكيّة مُنِيَت بنَكْسَةٍ يَصْعُب تَقليصُ خَسائِرها..

    بِمَقاييس الرِّبح والخَسارة، يُمكِن القَول وبَعد مُرور شَهر ونِصف الشَّهر على عمليّة اغتيال الصِّحافيّ السعوديّ جمال خاشقجي وتَقطيعِ جَسَدِه وإذابَتِه بالأسيد في قُنصليّة بلاده في إسطنبول، أنّ الخَصْمين الإقليمِيّين اللَّدودين للمملكة العربيّة السعوديّة، إيران وتركيا، خَرَجا الرَّابِح الأكبَر، وفِي المُقابِل جاءَت الإستراتيجيّة الأمريكيّة في الشرق الأوسط التي تَعتَبِر الأمير محمد بن سلمان الذي تتوجَّه إليه أصابِعُ الاتِّهام بالوُقوفِ خلف العَمليّة الإجراميّة هَذهِ هِي الخاسِر الأكبَر، إن لم تَكُن قَد انهارَت بالفِعل.

  • المخابرات الأمريكية حسمت أمرها وأقرت أن الأمير محمد بن سلمان هو الذي أصدر الأوامر بقتل خاشقجي في “جريمة القرن”..

    “جريمة القرن” التي تمثلت في اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول لم تلحق الضرر فقط بالأمير محمد بن سلمان، المتهم الرئيسي بالوقوف خلفها، وإرسال “فريق الموت” المكون من 15 مسؤولا من المقربين لتنفيذها، إنما أيضا بعناصر رئيسية في إستراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أبرزها “صفقة القرن” المتعلقة بتصفية القضية الفلسطينية، وكذلك الحصار المفروض على إيران، وأخيرا تخفيض أسعار النفط.

  • نِتنياهو هُوَ الذي تَوسَّل الوُسَطاء المِصريّين لوَقفِ الصَّواريخ في حَربِ غزّة رُعبًا مِن وُصولِها إلى تَل أبيب

    عندما هاتَفت أمس الصَّديق والزَّميل حلمي موسى الذي قضَى أكثَر مِن عشرِ سنواتٍ في سُجونِ الاحتلال، وعادَ إلى قِطاع غزّة بعد إقامَةٍ طويلةٍ في بيروت، حيثُ كانَ يعمل في الزَّميلة العَزيزة صحيفة “السفير” قال “لا تسْألني عَن أحوالي، فهِي أفضَل مِن أحوالكم جَميعًا، فغزّة تُوزِّع الفَخر ومَعانِي الكَرامة على العالم بأسْرِه، والنّاس كانَت تَرقُص طَرَبًا وهِي تَرى الصَّواريخ “تلعلع” في سَماء القِطاع في طريقِها إلى المُستَوطنات الإسرائيليّة، وتَسودهم حالةٌ مِن الغَضَب لتوقّفها.

  • المُقاوَمة انتَصَرَت في الجَولةِ الأخيرة مِن الحَربِ في قِطاعِ غزّة..

    مِن حَق الشَّعب الفِلسطينيّ بشَكلٍ عام، وأبناءِ قِطاع غزّة بشَكلٍ خاص، أن يَحتَفِلوا بالنَّصر، وأن يُكَبِّرُوا في المَساجِد، فلَولا صُمودهم ومُقاومتهم البُطوليّة لما قَبِل رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نِتنياهو المُتَغَطرِس بوَقفِ إطلاق النّار، ولاستمرَّ في القَصفِ مِن البَحرِ والبَرِّ والجَو.

  • غَزّة تَنْتَصِر مَرَّةً أُخرَى..

    عندما تقرر غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة في غزة بدء الرد على جريمة الاحتلال التي تمثلت في اغتيال الشهيد نور بركة، فان التطبيق العملي لهذا القرار إطلاق مئتي صاروخ على المستعمرات الإسرائيلية في غلاف القطاع، وإصابة عشرة مستوطنين للمرة الأولى منذ عدة أشهر، وانطلاق صفارات الإنذار، وإصدار تعليمات رسمية بفتح الملاجئ.

  • لماذا رَفَضْت ارتِداء “بوبي” تَضامُنًا مَع “شُهَداء” الحَرب العالميّة الأُولى في مُقابَلتي على شاشَة التِّلفزيون البِريطانيّ..

    في مِثل هذا الوَقت مِن كُل عامٍ يَحرِص البِريطانيّون على وَضعِ “البوبي”، أو وردة شَقائِق النُّعمان الحَمراء، على صُدورِهِم تَضامُنًا مَع الجُنود الذين خَسِروا أرواحَهم في جَبَهات القِتال في الحَربِ العالميّة الأُولى.

  • تأكيد السلطات التركية رسميا “تذويب” جثمان الخاشقجي بالحمض وتقديم تسجيلات موثقة لعدة دول

    ربما تكون السلطات التركية أطلقت الرصاصة الأخيرة في جعبتها فيما يتعلق بملف اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي عندما أعلن السيد ياسين اقطاي، مستشار الرئيس رجب طيب أردوغان أن قتلته ذوبوا جثته في الأسيد بعد تقطيعها لتسهيل عملية التذويب هذه، وأثبتت العينات التي أخذت من مياه الصرف الصحي في بئر في منزل القنصل السعودي، وأيضا في أنابيب المجاري وجود آثار كمادة الحمض المستخدم.

  • أسبوع تاريخي تحطمت فيه غطرسة ترامب ونتنياهو..

    يمكن القول، ودون أي تردد، أن الأسبوع الحالي ربما يشكل بداية نهاية الغطرستين الأمريكية والإسرائيلية معا، فقد جاءت خسارة الحزب الجمهوري للانتخابات النصفية الأمريكية ضربة موجعة للرئيس دونالد ترامب أفقدته صوابه وأعصابه معا، بينما شكل رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاء استجداه نتنياهو لانعقاده على هامش احتفالات الذكرى المئوية لنهاية الحرب العالمية الأولى في باريس يوم الأحد المقبل، إهانة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي كان يسعى إليه في محاولة يائسة لتصفية الخلافات الروسية الإسرائيلية، وإعادة التنسيق بين الجانبين في سورية.

  • إنّه ليسَ “قِطارُ السَّلام” وإنّما قِطارُ التَّطبيع والهَيمَنة على مَنابِع النِّفط والعَودةِ إلى خيبر..

    تتَوالى حَلقاتُ الصَّدَمات التَّطبيعيّة فَوقَ رؤوسنا، فبَعدَ زِيارَة بنيامين نِتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيليّ، لمسقط، واستقبالِه بحَفاوةٍ بالِغةٍ، وتَجَوُّل وزيرَة الثَّقافة الإسرائيليّة ميري ريغيف في مسجد الراحل الشيخ زايد في أبو ظبي الذي تَزَعَّم حَظْر النِّفط تَضامُنًا مع أبطالِ حرب أكتوبر عام 1973، وأطلَقَ عِبارته التَّاريخيّة “النِّفط ليسَ أغلَى مِن الدَّم”، وعَزفْ النَّشيد الوَطنيّ الإسرائيليّ في الدَّوحة احتِفالًا بفَريق الجُمباز المُشارِك في دَورةٍ رياضيّةٍ فيها، بعد كُل هَذهِ الضَّرَبات التَّطبيعيّة المُوجِعَة، يَقِف إسرائيل كاتس، وزير المُواصَلات الإسرائيليّ، في منبر مؤتمر دولي للنَّقل بَدأ أعماله اليوم في مَسقط للكَشفِ عن مَشروعِ خَط سِكك حديديّة يَربُط ميناء حيفا الفِلسطينيّ بالأُردن والسعوديّة ومِنها إلى الدُّوَل الخليجيّةِ الأُخرَى، ويشرح الفَوائِد الجَمّة لقِطار التَّطبيع هذا التي ستُجنيها دُوَل الخليج مِن جرّاء إقامته، سِياسيًّا واقتِصادِيًّا.

  • لماذا نَقِف في الخَندَقِ المُضادِّ للعُقوبات الأمريكيّة ضِد إيران ونُؤمِن بفَشَلِها مُسبَقًا؟

    عِندَما يَصِف بنيامين نِتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بِدء تَطبيق الحُزمَة الثانية مِن العُقوبات الأمريكيّة ضِد إيران التي تَطال قِطاعيّ الطَّاقة والمَصارِف بأنّه “يَومٌ تاريخيٌّ”، فإنّ جميع الشُّرَفاء العَرب والمُسلِمين يَجِب أن يَقِفوا ضِد هَذهِ العُقوبات بقُوَّةٍ ودُونَ أيِّ تَردُّد.

  • هَل هِيَ صُدفَةٌ أن يَبْدأ الحِصار النِّفطيّ الأمريكيّ على إيران في التَّاريخِ نَفْسِه الذي أُبْعِدَ فيه الإمام الخميني؟

    تُعتَبر الحُزمة الثانية، والأهَم، مِن العُقوبات الأمريكيّة على إيران التي تَدخُل مَرحَلة التَّنفيذ مساء غَدٍ الأحد وتَشمَل قِطاعيّ الطَّاقة (النِّفط والغاز) والمَصارِف، أكبَرَ اختبارٍ لقُوَّة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب كرَئيسٍ للوِلايات المتحدة، وتُشير مُعظَم المُؤشِّرات أنّ احتمالات الفَشَل أكبَر مِن احتمالات النَّجاح.

  • لِماذا عادَ الأمير أحمد بن عبد العزيز فَجأَةً إلى الرِّياض؟ وما هُوَ المَنصِب “المُرَجَّح” أن يتَوَلّاه: العَرش أم وِلايَة العَهد؟

    أثارَت زِيارَة الأمير أحمد بن عبد العزيز، وزير الداخليّة السعوديّة الأسْبَق، وأصغر أبناء الملك عبد العزيز السديري السَّبعة، إلى بِريطانيا الكَثير مِن عَلاماتِ الاستفهام، خاصَّةً عِندَما واجَه مجموعَةً مِن المُحتَجِّين أمام مَنزِلِه بقَولِه “لا تَلوموا العائِلة الحاكِمَة بَل المُتسَبِّبن بالحَرب في اليمن”، ولكن عَودته إلى الرِّياض ووجود الأمير محمد بن سلمان، وليّ العهد، على رأسِ مُستَقبِليه، أثارَت علامات استفهامٍ أكبَر، فتَحَت باب التَّكَهُّنات حَولَ “مُفاجآت” العَرش السُّعوديّ المُستَقبليّة على مِصرَعيه.