آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
نبيلة حسني محجوب
عن الكاتب :
كاتبة سعودية

هروب النساء إلى الجحيم والدلع !


نبيلة حسني محجوب ..

الأحداث في عالمنا العربي كل لحظة « ماتقدر تغمض عينيك « ،لكنك تتجاوز أحياناً الأحداث العربية أو العالمية وتجذبك الأحداث المحلية بجاذبية تفوق جاذبية نيوتن، أو أن جاذبيتها عكسية تشغل تفكيرك ربما على مدار اليوم ،وقبل أن تفقد جاذبيتها تفاجأ بأحداث أخرى تجذبك إليها بقوة مغناطيسية، أي أنها تطغى على رغبتك في التوقف عند الأحداث السابقة لتستوعب التغيرات في العقليات والمواقف والسلوكيات، أو أنك أمام ركام الأحداث تفقد حيوية التفاعل معها. وأحياناً تجد نفسك مجبراً على الانجذاب مرة ومرات إلى الحوادث اليومية من خلال وسائل الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي رغماً عن حالة التبلد وعدم الإحساس التي أصبحت هي الأكثر جاذبية للمواطن العربي الذي أصبح - حقيقة - لا يستطيع أن يغمض عينيه وينام قرير العين كما كان يفعل بعد متابعة نشرة الأخبار في الإذاعة أو التلفزيون، الآن الأخبار على مدار الساعة، إن أدرت ظهرك لوسائل الإعلام التقليدية يمطرك هاتفك بكل ما يحدث على الكرة الأرضية.

الأسبوع الماضي انشغلنا بدلع عضو الشورى، ثم قضية هروب الشقيقات إلى سوريا مع أطفالهن، ربما استأثر خبر هروب الشقيقات إلى بيروت والقبض عليهن بكل الجواذب العقلية والعاطفية لأن الحدث حطَّم المنطق، دمَّر قيم عاطفة الأمومة المجبولة عليها المرأة حتى وهي طفلة تلهو بدميتها لا تسمح بأي خطر يقترب منها، كيف إذن لهؤلاء النساء تهربن بصغارهن إلى الجحيم، دون أن ترف قلوبهن فزعاً أو رأفة ورحمة بصغارهن، وهن يحملهن بأيديهن إلى أخطر المناطق على الكرة الأرضية، إلى سوريا التي قتلت شعبها بكل وسائل القتل، واضطرت الملايين إلى الفرار.

هروب الشقيقات الثلاث إلى منطقة الصراع السوري يثير العديد من علامات الاستفهام حول أمومتهن، وسلامتهن العقلية والنفسية، مهما كانت سيطرة الفكر المتطرف بين النساء خطرة، إلا أن خطورتها لا يمكن أن تصل إلى أطفال أبرياء يزج بهم إلى جحيم التنظيمات الدموية في سوريا، ماذا تفعل نساء مع صغارهن إذا تعرضن لما يحدث للنساء والفتيات في سوريا من سبي واغتصاب وزواج الجهاد؟ ربما ظنن أن هذا أيضاً نوع من الجهاد المقدَّس الذي تجب الهجرة إليه لكن ماذا اقترف هؤلاء الصغار ليلقى بهم إلى الجحيم؟

الأمومة بحد ذاتها جهاد مقدس، وعاطفة الأمومة حتى عند الحيوانات لا أحد ينكرها، فتجد الأنثى تبعد صغيرها عن الخطر، وتصد عنه المعتدين وتحمله من مكان إلى مكان حتى تطمئن أنه في أمان، لا يقل لي أحد أنهن يعانين من ظروف اجتماعية ونفسية أو اقتصادية أو أنه تم استدراجهن ليهربن، لا أظن المرأة التي تخطط بهذه الطريقة أنها مسلوبة الإرادة أو أنه تم التغرير بها، إنهن عن سابق إصرار وترصُّد حصلن على أذونات السفر وغادرن بيوتهن دون أن يشعر بهن أحد من أسرتهن، توجهن إلى المطار، وغادرن مع الصغار، وهن يعلمن ما يحدث في سوريا للمعتقلين السعوديين ، في الحقيقة لدي شك في أمومتهن ودوافعهن يمكن أنهن رغبن قضاء بعض الوقت في بيروت، وأحببن أن يستأثرن برعاية الدولة والعودة المجانية، أو أنهن يسافرن لأول مرة في حياتهن فرغبن في تحويل الرحلة إلى دراما هروب وإرهاب وسوريا، أعتقد أنه تفسير منطقي لسلوك يتنافى مع المنطق.

أختم بهذه الأقصوصة التي وجدتها ضمن رسائل الواتس تعليقاً على دلع المتقاعدين :

كان هناك رجل يساعد جاراً له بمبلغ « 100 « ريال، وبعد سنوات وجد الجار أن المبلغ انخفض إلى « 70 « ريالاً، وبعد سنوات أخرى انخفض المبلغ إلى « 50 « ريالاً، فلم يعجب الجار هذا التناقص في دخله اليومي فتوجه إلى جاره يسأله لماذا خفض المبلغ إلى خمسين ريالاً بعد أن كانت مائة؟ أجاب الرجل قائلاً: في السابق كان أولادي صغاراً، وكنت ميسور الحال والآن ابنتي الكبيرة دخلت الجامعة ومصاريفها كثيرة لا أستطيع تحملها وبعدها دخل ولدي الثاني الجامعة وطبعاً زادت المصاريف - هذا حال المتقاعد - عندها سأله الجار وكم عدد أبنائك قال الرجل: أربعة. قال الجار: وان شاء الله ناوي تدرسهم كلهم على حسابي « هيا بلا دلع بلا بطيخ « !!

صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2016/08/17

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد