آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
قاسم حسين
عن الكاتب :
كاتب بحريني

ترامب... وبدأ الصدام


قاسم حسين ..

من اليوم الأول لتنصيبه، حرص الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب على الظهور بمظهر الحازم، وابتدأ بالقضايا التي تلاقي هوى شعبيّاً لدى من انتخبوه: تصفية مشروع أوباما الرعاية الصحية، ومنع المهاجرين من سبع دول إسلامية، وتهديد جارته المكسيك.

من محاسن ترامب، أنه رجلٌ صريحٌ، يتكلّم بصوتٍ مسموع، ولذلك يتيح الفرصة لأعدائه الكثر بالتنبه والاستيقاظ، على خلاف سلفه أوباما الذي كان يمارس الكثير من اللف والدوران. يتكلّم عن حقوق الإنسان وحريات الشعوب، ويتعامل مع كل أشكال الدكتاتوريات ويتكيّف مع كل أنواع الانتهاكات.

هذا الرئيس الخطير، بدأ بوضع سياساته على الأرض، وكان من أهمها حتى الآن، موضوع الهجرة واللاجئين، الذي أثار الكثير من الجدل والمعارضة، وخرج عشرات الآلاف للتظاهر ضده في عشرات الولايات الأميركية. أما في الخارج فانتقده حتى أقرب حلفائه، كبريطانيا التي أعلنت، على استحياء، بلسان المتحدث باسم رئيسة الوزراء أن هذه السياسة «شأن يخص الحكومة الأميركية، والتي لا يجب أن تحدّدها حكومتنا. لكننا لا نوافق على مثل هذه المقاربة»، بينما وقّع 900 ألف شخص حتى الآن، على عريضةٍ تطالب بمنع ترامب من زيارة بريطانيا. أما وزير خارجية ألمانيا فقال إنه يريد أن يوضح لترامب أن «قيم الحرية وحماية الفارين من الاضطهاد والعنف أفكارٌ غربية». أما رئيس وزراء فرنسا فقال إن ذلك يدعو إلى القلق، «واستقبال اللاجئين من مناطق منكوبة بالحروب واجبنا».

مقابل هؤلاء الأوروبيين الذين عبّروا عن صدمتهم من سياسات ترامب، برز سياسيون آخرون رحّبوا بها، مثل الهولندي اليميني خيرت فيلدرز، حيث اعتبرها الطريقة الوحيدة للبقاء في أمان، وقال: «لو كنت مكانه لفعلت الأمر نفسه»، وتمنّى أن تشمل قائمة الحظر دولاً إسلامية أخرى.

قائمة الحظر شملت سبع دول إسلامية، مازالت تلزم الصمت تجاه القرار الذي يمسها بأضرار كبيرة، عدا إيران التي أعلنت أنها ستعامل الأميركيين بالمثل. أما الدول الست الباقية، وكلها عربية، فتنقسم إلى مجموعتين: مجموعة الشام (سورية والعراق)، التي تجري على أراضيها أعنف جولات «لعبة الأمم» الكبرى، ومجموعة «الدول الفاشلة» في الأطراف (اليمن وليبيا والصومال)، التي تحترق في حروب أهلية تكاد تكون منسية. إلا أن ما يثير الاستغراب في تشكيلة هذه القائمة، إلحاق السودان بها، فهذه الدولة يحكمها نظامٌ إسلامي قبل عشرين عاماً، وقد جرى تطويعه قبل زمن بعيد، مذ قام بطرد أسامة بن لادن. وهي خطوةٌ تسبّبت في التمهيد لإعلان تنظيم «القاعدة» من أفغانستان وانطلاقه لتنفيذ عمليات عسكرية انتقامية بدأت باليمن والصومال وكينيا، وانتهت بغزوة نيويورك.

الخوف ليس فقط مما اتخذه ترامب من قرارات حتى الآن، ولم يمضِ أكثر من عشرة أيام على تنصيبه، وإنّما مما يخبئه للعالم من مفاجآت وتهديدات. فهذا الرجل الخطير المندفع والمجاهر بعدائيته للدول والشعوب الأخرى، بدأ مع عددٍ من أعضاء إدارته الجدد، بإطلاق إنذارات بأن هناك دولاً أخرى على قائمة الانتظار. وحين سأل بعض الصحافيين عن دولٍ مثل أفغانستان وباكستان وبعض الدول العربية، التي كان يتهمها بدعم الإرهاب، جاءت الإجابات لتلمّح إلى أن الدور قادمٌ إلى الجميع.

هذه اللعبة الخطرة مارسها من قبله جورج بوش الابن بعد غزوة نيويورك، حين أعلن الحرب العالمية على الإرهاب، ورفع شعاره الشهير: «من لم يكن معنا فهو ضدنا»، فساق الكثيرين إلى القتال ضمن معسكره طوعاً أو كرهاً. وما يقوم به ترامب يوحي بسياسات أخرى أكبر وأخطر، تصل إلى فرض الجزية على العصاة. وهي سياسات وقرارات، كما قال عنها يان إنغلاند، من مجلس اللاجئين النرويجي بحق: «لن تجعل أميركا أكثر أمناً... بل أصغر وأحقر».

على كل حال، نحن العرب سنكون أكبر ضحايا سياسات ترامب، كما كنّا أكبر ضحايا سياسات أوباما، وقبله أكبر ضحايا بوش الابن، وبيل كلينتون، وبوش الأب، ورونالد ريغان.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2017/01/31

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد