آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
قاسم حسين
عن الكاتب :
كاتب بحريني

تداعيات الحرمان من الجنسية على الأسرة البحرينية


قاسم حسين ..

فوجئت وربما فوجئ الكثيرون، بكثرة الحضور - وأكثره من النساء - في الحلقة النقاشية التي نظمتها جمعية «وعد» الأربعاء الماضي (8 مارس/ آذار)، عن «تداعيات الحرمان من الجنسية على الأسرة البحرينية»، تزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة.

إلى جانب الناحية القانونية، هناك الجانب الإنساني للموضوع، حيث استمعنا إلى آراء عددٍ من الشخصيات، التي شكّلت إضافاتٍ مهمة لما طرحه كلٌّ من المحامية شهزلان خميس والمحامي محمد أحمد، والذي أشار في نهاية حديثه إلى الآثار المترتبة على سحب الجنسية، إذ يجد المواطن نفسه فجأةً خارج «السيستم الإلكتروني»، فيتم إيقاف جميع معاملاته الرسمية، وينسحب ذلك على أفراد عائلته من حيث الحصول على الخدمات المعتادة، (مع تأكيده أن بعض موكليه ظلوا يحصلون عليها)، بل يصبح وضعه أصعب من الأجنبي الذي انتهت إقامته ولكن يمكنه أن يحصل على كفيل، بينما يصعب ذلك على المواطن لأن وثائقه الرسمية كالجواز وبطاقة الهوية تكون قد سُحبت منه.

الحقوقي منذر الخور المعروف في مجال الترجمة، أشار إلى أن العالم واجه هذه المشكلة في عام 1961، لوجود 10 ملايين شخص سحبت جنسياتهم، وكانت حالتهم مأساوية وباتت توصف بـ «قوارب بلا مرافئ»، حيث لا يستطيع الإنسان التنقل من بلد لآخر، ويحرم من الصحة والتعليم وفرص العمل وتسجيل الزواج أو حالات الولادة، وفي المجمل غياب كل حقوقه السياسية والمدنية.

الزميلة مريم الشروقي أشارت إلى ارتباط الموضوع بمشكلة الهوية، وسواء أبناء البحرينية من أب غير بحريني أو المسقطة جنسيتهم، فإنهم لا يمتلكون الوثائق التي تعبر عن الانتماء للبحرين أو حتى لغير البحرين، والطرفان يعانيان من هذا الوضع.

الكاتب القاص أحمد الحجيري من «البحرينية لحقوق الإنسان»، أشار إلى تحول الإنسان فجأةً إلى غريب في وطنه، لاجئ بلا حقوق، حتى حقه في تكوين أسرة أو التعليم أو العلاج، ويتعدّى ذلك إلى أسرته. وذكر بأنه في فرنسا، حاول الرئيس هولاند سحب الجنسية ممن تورّطوا بأعمال إرهابية لكن المجتمع الفرنسي الذي يقدّس الحقوق عارض ذلك التوجه ومازال الجدل مستمراً هناك.

المحامية ريم خلف أشارت إلى أنه حين صدرت أول أحكامٍ بإسقاط الجنسية عام 2014، اعتقدت بأنها لن تتكرّر، لكنها للأسف أصبحت سابقةً تلاها الكثير من الحالات، وأكدت على أن البعد الأكبر يصل للأبناء القصّر، الذين يُحرمون من حقهم في التعليم والصحة. وأشارت إلى مفارقةٍ حقوقيةٍ مهمةٍ، وهي أن «الأجنبي حين تنتهي إقامته يلجأ إلينا، وبواسطة دعوى قضائية يتم تجديد إقامته بسهولة ولا يرحّل، أفلا يمكن أن نصحّح أوضاع قصر وبحرينيين بالمثل»؟ مشيرةً إلى أنها نقطةٌ لم يتطرّق لها القانون البحريني.

الناشطة الحقوقية جليلة السلمان أشارت إلى ما يسبّبه سحب الجنسية من تمزيق شمل العوائل البحرينية، بل وخسارة الأفراد لحقوقهم ومدخراتهم التأمينية لسنوات طويلة، كما أشارت إلى تعرّض «بحّار» بحريني للاحتجاز كل مرةٍ يمر بنقطة تفتيش، ولا يخرج إلا بدفع غرامة 100 دينار بتهمة مخالفة الإقامة. وهي واقعةٌ أكّد المحامي أحمد وقوع مثلها لبحارة آخرين يتم احتجازهم أثناء سعيهم لكسب الرزق في هذه المهنة الشاقة، بعد صدور تعميم بتوقيف من سُحبت جنسيتهم، وينتظر هؤلاء لساعات حتى يجرى الاتصال بضابط مناوب تكون له دراية بالموضوع فيجرى إطلاق سراحهم.

إنها قضايا إنسانية ملحة، ومعاناة يومية لعددٍ غير قليل من المواطنين الذين وجدوا أنفسهم وأولادهم فجأةً غرباء في وطنهم، نكتب عنها لتصل إلى من يهمه الأمر، أملاً في تحقيق مبادئ العدالة والمواطنة والتسامح والإنصاف.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2017/03/14

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد