آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. علاء أبو عامر
عن الكاتب :
مفكر وباحث فلسطيني

دونالد ترامب المختلف: أشبعنا شتمنا وفاز بالأبل


د. علاء أبوعامر

انتهت زيارة دونالد ترامب التي وصفها العرب بالتاريخية إلى الشرق الأوسط والتي لم يدخل فيها من التاريخ إلا مواعيدها وصفقات الأسلحة المهولة في حجمها وثمنها والتي لن تستخدم على ما أظن إلا في حروب الأخوة والجيران أبناء الوطن الواحد والدين الواحد، أي مع ما يُطلق عليه أصابع إيران العربية ، فحرب مباشرة مع إيران بتقديري لن تندلع لأن عواقبها ستكون وخيمة على الجميع، ستبقى الحروب كلامية، إعلامية، خطابية، في المساجد والفضائيات فلا طريق للسلام والاستقرار إلا بالتفاهم مع إيران على تقاسم النفوذ ومبادئ حسن الجوار ونشر قيم العدل والديمقراطية هذا ليس اكتشافا لنا بل هذه في الحقيقة أقوال للرئيس الأمريكي السابق براك أوباما.

 لن تشن الولايات المتحدة أو إسرائيل حربا بالوكالة عن العرب ضد إيران، قالها ترامب للدول الإسلامية الستة والخمسين عليكم أن تحاربوا الإرهاب، المسئولية هي مسؤوليتكم والأدوات أدواتكم. والوسائل وسائلكم نحن فقط سنوفر لكم السلاح المشترى بمالكم والذي سيشغل مصانعنا ويوقف تدهور البطالة لدينا، لكن سيكون منكم الجهد والجهاد عتادا ورجالا ضد الإرهاب الإسلامي والتطرف الإسلامي والإسلاميين.

وكأنه بهذه العبارات التي أجملتها أنا باختصار يقول لبعض العرب والمسلمين: أقتلوا بعضكم البعض، ما أنتجتموه خلال الستة سنوات الماضية فيما اسميتموه ربيعاً عربياً من أجل أن تخدموا به أمريكا وإسرائيل بقيادة برنارد هنري ليفي عليكم التخلص منه اليوم فلم يعد يجدي نفعاً، أصبح باليا وضاراً، هو مخلفات كالقمامة بل اشد قذارة أقضوا على القذارة حتى لا تنتج وباءاً قاتلاً يجتاح العالم.

مالم يقله الرئيس ترامب صراحة قاله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي” دعوني أتحدث بصراحة وأسأل: أين تتوفر الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين ومعالجة المصابين منهم؟ وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟ مَن الذي يشتري منهم الموارد الطبيعية التي يسيطرون عليها، كالبترول مثلاً؟ مَن الذي يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات؟ ومِن أين يحصلون على التبرعات المالية؟ وكيف يتوفر لهم وجود إعلامي عبر وسائل إعلام ارتضت أن تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية؟”

إذن يقول ترامب وحلفائه العرب لبعض العرب والمسلمين الذين هم من حلفاء أمريكا وأدواتها ، ما صنعتموه عليكم أتلافه، بضاعتكم الفاسدة يجب أن تٌحرق، أحرقوها بأنفسكم إذن ووفروا على العالم المال والجهد، فإذا لم تحرقوها فقد تحرقوا معها.

أسئلة السيسي المنطقية يعرف أغلب الحضور الإجابات عليها.
ونعلم أن الذي قصده الرئيس السيسي بترميزه دولتين بعينهما تركيا وقطر بالإضافة ربما لإسرائيل عندما لمح لمعالجة جرحى المنظمات الإرهابية وربما لم تكن إسرائيل مقصودة لأن تركيا وقطر تقومان بنفس الأفعال، فهذه الدول هي راعية النصرة (القاعدة) وداعش ومن لف لفهم، بنظر الرئيس السيسي الذي يضيف إليهم أو قبلهم حتى، جماعة الإخوان المسلمين وما تفرع عنها من تنظيمات عسكرية على الأرض الليبية والسورية والمصرية وغيرها.

هناك حملة إعلامية كبيرة ضد قطر في الصحافة ووسائل الإعلام الأمريكية والغربية وعلى ما يبدو أن حملة عربية قد بدأت منذ أول أمس ربطت ما بين قطر والإرهاب الإسلامي، وضع تركيا أيضا ليس مريحا مع الإدارة الأمريكية الجديدة هناك خلافات حادة بموضوع تسليح الأكراد ودعمهم لإقامة دويلتهم في شمال سوريا.

اعتبر الرئيس السيسي “كل مَن يقوم بدعم الإرهابيين وعينه لا شك على جماعة الأخوان المسلمين شريكٌ أصيلٌ في الإرهاب، ويضيف هناك – بكل أسف – دول تورطت في دعم وتمويل المنظمات الإرهابية وتوفير الملاذات الآمنة لهم. كما أن هناك دولاً تأبى أن تقدم ما لديها من معلومات وقواعد بيانات عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب، حتى مع الإنتربول.”

يلتقي مع السيسي في نظرته هذه على ما يبدو أطرافاً عربية أخرى بينها الأمارات والسعودية والأردن وإلى حد ما منظمة التحرير ولو بدرجات متفاوتة.

هل تتطابق رؤية ترامب مع رؤية السيسي؟  وهذا يكشف سر علاقتهما الدافئة؟ ربما يكون الأمر كذلك في بعض جوانبه، لكن رؤية ترامب تُضيف إليهم آخرين لا أعتقد أن مصر في وارد العداء معهم مثل إيران وحزب الله وسوريا وحماس، هؤلاء من يصنفون اليوم بأعداء إسرائيل وكذلك يصنفون كمناهضين للسياسة الأمريكية في المنطقة وهم مسلمين سنة وشيعة.

من يلتقي مع الإسرائيليين في ذلك هم السعوديون رغم الزوايا المختلفة للرؤية بينهما.

 وهناك لقاء مصالح بين بعض دول الخليج (السعودية، الإمارات، البحرين تحديداً) مع إسرائيل في معادة إيران وحلفها.

الذهاب السعودي باتجاه الحلف الجديد المعادي لإيران رغم عدم الثقة بالرئيس الأمريكي المتقلب الآراء وغير المضمون هو أمر خطير.

فترامب في داخله لا يحترم العرب والمسلمين فقد وصفهم أثناء حملته الانتخابية بأبشع الأوصاف ولكن بعد أن قدم له العرب فروض الطاعة والمال ها هو قد جاءهم حاجا وحصل منهم على كل ما يريد مالاً وفيراً وهدايا قيمة سيُشغل بها مصانع الأسلحة ويوظف فيها آلاف العمال ويقضي على البطالة لديه ويزيدها لدينا ليصنع أملاً لديه ويصنع ألما لدينا، ويقيم أحلافاً ليضرب فيها المسلمون بمسلمين آخرين وبمشاركة إسرائيل دون أن يمنحهم تعاطفا ولو لفظيا أو وعدا نهائيا لحل صراعهم الذي يعتمل منذ أكثر من 67 عاما مع الصهيونية محتلة فلسطين أقلها في العلن فنحن مازلنا نجهل الوعود الخفية في صفقة القرن.

وربما لا شيء من هذا قد يحصل قريبا ولكن ما حصل فعلا أن ترامب أشبع العرب شتماً وفاز بالأبل المحملة بالكنوز راقصا معهم رقصتهم العربية البدوية، وتغزل رجالهم وإعلاميهم بمالينا زوجته وإيفانكا أبنته وجمعوا الأموال لصندوقها الخيري.

 نعم جميلة هي ايفانكا، تحفة أنثوية لا شك، سواء ولدت هكذا أم جملها مبضع جراح تجميل، ولكن قبة الصخرة أجمل، ورائحة فم أسير فلسطيني أضرب عن الطعام من أجل كرامة كل العرب أزكى من كل العطور والمسك الذي دهن به العرب جلابيبهم وانحنوا مجاملة وإطراءا على من منع بعض من أبناء جلدتهم من دخول الولايات المتحدة. أو على من وصفهم بالبقرة الحلوب التي يجب أن تدفع مقابل الحماية. ومن يرفع رأسه منهم في وجه إسرائيل سيضرب بالحذاء، بحذاء أنثوي حذاء “نيك هالي” العنصرية مندوبته في الأمم المتحدة.

أوباما وحلفاءه صنعوا الإرهاب الذي كلف ستة تريليونات من الدولارات بحسب وصف ترامب أثناء حملته الانتخابية وها هو أي ترامب يريد أن يقضي على الإرهاب المصنوع أمريكيا بنفس الحلفاء الذين كانوا شركاء أوباما في صناعته بحسب الصحافة العالمية أخصها الروسية، ويريد أن يسترد التريليونات الستة من جيب الجلابيب العربية ويريد أن يخوض حروبا إسرائيلية جديدة بأموال عربية وجنودا عرباً.

نجح ترامب في عقد صفقة القرن مع السعودية وهو يتطلع إلى صفقات أخرى مع قطر والكويت حيث قال إن الكويت تشتري “كميات هائلة من المعدات العسكرية الأمريكية،” مؤكداً أن ذلك يخلق الكثير من الوظائف للأمريكيين. وأشار إلى شراء الكويت مقاتلات “Boeing F-18″ من أمريكا، مضيفاً أن الكويتيين “يحبونها للغاية”. وقال لأمير قطر” من بين الأمور التي سنبحثها شراء الكثير من معداتنا العسكرية الرائعة. لا أحد يصنع هذه المعدات بالجودة التي تصنعها أمريكا، وهذا يعني توفير وظائف في أمريكا كما يعني أيضاً زيادة الأمن هنا.

أما في فلسطين التي زار الجزء المعترف به دوليا محتلا منها منذ عام 1967 فلم يتحدث عن ألام شعب فلسطين ولم يمنحهم أملا! فقد تحدث عن الإرهاب والقضاء على الإرهاب الذي هو فلسطيني حسب وجهة نظر إدارته ومن فعل (حماس الإرهابية) لا حديث عن الأسرى الفلسطينيين لا حديث عن الهولوكوست الفلسطيني المستمر منذ النكبة، بل عن هولوكوست يهودي فقط وعن ارض فلسطين كأرض أجداد يهود الخزر المتهودين في القرن الثامن الميلادي في دولتهم التي كانت حدوها ما بين البحر الأسود وبحر قزوين والتي يسمونها هم أشكناز (القوقاز الشمالي).

أما عن أبناء الأرض عائلة المسيح وأهله أصحاب البلاد الشرعيين فلا شيء لهم سوى وعودا لا شيء أكثر من وعود!

فحلولهم عند العرب ومن مال العرب ومن ارض العرب وفق المثل الفلسطيني ” من دقنه سقي له”!

حّجة ترامب مبرورة وسعيه ما بين الحرمين المكي والقدسي كان مشكورا من كل العرب، سيمنحونه لقب حاج وسيطلقون عليه لقباً إسلامياً ربما يكون القاهر دونالد، قاهر الفرس والمجوس والحماميس والدواعش.

عاد الرجل ظافرا مظفراً مبجلاً كما لم يحصل لزعيم غربي من قبل ولن يحصل ربما لمن سيأتي بعده، لم يطلق الرجل طلقة واحدة، ولم يفي بوعد، إلا إذا كان كل ذلك خوفا أن يحصل لهم ما حصل لمطار الشعيرات السوري الذي نفض غبار الصواريخ الأمريكية الهرمة في اليوم التالي وواصل العمل والفعل غير آبه بتكرار الإغارة.

 سيضحك جونغ ايل الكوري الشمالي على أفعال العرب كما سيضحك مثله وبصوت أعلى بنيامين نتنياهو، سيضحك كلاهما مع الفارق لأسباب الضحك فأحدهم سيضحك لأن دولته الفقيرة تحدت الولايات المتحدة وصنعت المعجزات رغم فقرها وسيضحك نتنياهو من كل قلبه وهو يرى أن دولته اللقيطة ستستمر عقودا وعقودا بفضل كرم العرب وطيبة وهبل العرب ونذالة بعض العرب.

مفكر وباحث فلسطيني

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/05/26

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد