آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد سعدن ولد الطالب
عن الكاتب :
كاتب وإعلامي موريتاني

أزمة الخليج.. تزايد الحرائق العربية!

 

محمد سعدن ولد الطالب

 

أفاق الخليجيون فجر الاثنين الماضي على تطور دراماتيكي في خلاف ظل لهبه مستورا تحت رماد الخلافات لمدة سنين، فقد أعلنت ثلاث دول خليجية بينها السعودية والإمارات قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة وفرض حصار بري وجوي عليها، في أخطر أزمة يمر بها مجلس التعاون الخليجي الذي ظل على مدى العقود الثلاث الماضية عصيا على الخلافات الكبيرة وبقي متماسكا يعالج مشاكله بهدوء وصمت..

الدول الخليجية الثلاث والتي انضمت إليها مصر وموريتانيا في القرارـ بررت هذه الخطوة غير المسبوقة بالقول إن “الكأس قد فاض” ولم يعد في المستطاع مزيد من الصبر تجاه سياسات الدوحة وتحالفاتها سواء مع إيران أو مع الجماعات الإسلامية المختلفة، وكذلك تدخلاتها لزعزعة الأمن الخليجي والعربي عموما، وفقا للبيان الخليجي الذي ردت عليه الدوحة بالنفي جملة وتفصيلا، والقول إن الخطوة “ أمر دبر بليل” وأن ماتم الحديث عنه مجرد ذرائع لتسويق  القرار لدى الشعوب ولدى دوائر صنع القرار العالمية..

الخطوة الخليجية كانت صادمة وغير متوقعة من قبل أغلب المحللين،   حيث من المستبعد أن يكون هذا القرار تم اتخاذه فجأة ، خصوصا أن الأسابيع الأخيرة شهدت قمة تشاورية خليجية كان يفترض أن تطرح خلالها هذه الخلافات ويتم البحث عن حلول قبل الشروع في هذه الإجراءات التي قد تصب مزيدا من الزيت على نار الخلافات في منطقة ملتهبة أصلا ولديها من الحروب والنزاعات ما  لا يحتاج إلى المزيد..

المواقف الدولية والإقليمية بدت حذرة ومترددة في اتخاذ مواقف حدية وحاسمة تجاه ما جرى، وبدا كما لو أن الجميع لم يستوعب الأمر بعد ومازال في طور تشكيل قراءة صحيحة للحدث تمكنه من اتخاذ الموقف المناسب، إلا أن أمير الكويت، صاحب التاريخ الطويل مع الوساطات والعمل الدبلوماسي، شرع فورا في جهود للمصالحة وقام بجولة مكوكية بين العواصم المعنية، في سعي لم يثمر حتى الآن في تهدئة الأوضاع أو نزع فتيل هذه الأزمة  التي باتت مفتوحة على كافة الاحتمالات..

الموقف الأمريكي، بدا ضبابيا بل ومتناقضا أحيانا، فالرئيس ترامب عبر عن دعم ضمني لحملة مقاطعة قطر، فيما كانت مواقف الخارجية والبنتاغون أكثر حرصا على ضرورة  الحل الدبلوماسي، مع تطمينات للدوحة أن قاعدة العديد لن يتغير وضعها، وهو تطمين تحتاجه قطر في ظل وضع مفتوح على سيناريوهات خطرة.، وغير بعيد من الموقف الرسمي الأمريكي، سعت موسكو للدفع باتجاه الحل الدبلوماسي مع النأي بنفسها عن التخندق مع أي طرف..

أما إقليميا، فقد كان موقف تركيا، الحليف الإقليمي لقطر، الأكثر حسما، فقد مررت أنقرة بسرعة تشريعا يسمح بنشر قوات تركية في قطر، وهي رسالة لا تخطأ العين دلالتها موجهة لأطراف عديدة، ربما من بينها واشنطن التي لا تريد منافسين جدد في مناطق نفوذها التقليدية..

الخلاف الخليجي القطري، يأتي في لحظة عربية مترعة بالحرائق والمآسي من الماء إلى الماء، وسط خلافات تصل حد التباين بين مختلف الأطراف، يضاف إلى ذلك حالات تراجع وضعف رهبية تعتري عواصم القوة العربية التقليدية كالقاهرة وبغداد ومشق، وهو الأمر الذي يعني أن استمرار هذا الخلاف أو تطوره نحو مزيد من الحدة ربما يفتح جرحا آخر في جسد عربي مثقل بالجروح والخيبات والانكسار

 

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/06/11

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد