آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. عبد الله الحريري
عن الكاتب :
كاتب سعودي بجريدة الرياض..عضو مؤسس بجمعية (رأي).

ماذا تريد تطبيقات البلاغات من المواطن!!


د. عبدالله الحريري

اليوم أمانة منطقة الرياض لديها تطبيق 940 ووزارة النقل لديها تطبيق وأيضاً التجارة وبعض الجهات الخدمية ولكن كما يبدو هناك تفاوت واضح في الاستجابة لشكاوى المواطنين واقتراحاتهم عبر هذه التطبيقات.. مع ما ينفق على هذه التطبيقات الحكومية للجهات الخدمية ملايين الريالات ما بين التأسيس وحتى التشغيل وما قيل عنها من آمال اختلطت مع الآلام المواطن لما يلاقيه من عدم استجابة وتضييع للجهد والوقت والموارد وبالمقابل جعلت تلك الجهات في ورطه وتقييم لأدائها من قبل الرأي العام.

أغلب المنشغلين بالشأن العام والناشطين الاجتماعيين وأنا واحد منهم لا يمر أسبوع حتى نستخدم هذه التطبيقات أما لاقتراح أو لوجود ملاحظات من أرض الواقع ... ولأننا متفائلون نؤمن بالعمل التطوعي ومثلما يقال "صداقين" أشعر بأن بعض تلك الجهات الخدمية أصبحت تستغل وتهدر طاقتنا وتشغلنا مبلغين ومراقبين بالنيابة عنها وتمتص حماسنا بلا فائدة أو تفاعل على أرض الواقع وتسكتنا برسالة نصية تقول "شكراً لتواصلك مع طوارئ الأمانة" ثم يتبعها رقم البلاغ ثم يأتيك بعد فتره رسالة نصية أخرى تقول تعذر تنفيذ طلبك حالياً أو تنتظر وترسل الشكوى تلو الشكوى وفي آخر المطاف يتصل عليك أحد مندوبي الشركات ويسأل أين موقع الخلل علماً أن التطبيق يحمل صورة الخلل ويحدد الموقع !!

يشعرك المتصل من الشركة المسؤولة عن الصيانة أو البلاغات بأن الشكوى شخصية وليس إهمالاً في الصيانة أو النظافة من قبل الأمانة وأنها يفترض منها متابعته وإصلاحه بما لديها من الإمكانات والشركات المتعاقدة معها لهذه الأغراض والتي يخصص لها مبالغ من ميزانية الدولة لغرض الصيانة والتشغيل، وإذا قامت بعمل من واجبها أن تقوم به كأنها تقوم به وهي مغصوبة بعملها وواجباتها وكأنه من باب العمل الخيري !! ... وأيضاً إذا قامت بعملها وواجبها بعد محاولات متكررة من البلاغات يتم ذلك بدون مواصفات أو جودة.

اليوم أخطر شيء يواجه النزاهة ويعزز إهدار المال العام عندما يتحول الفساد الورقي إلى فساد الكتروني ويصبح التطبيق أو التعامل الالكتروني الوسيط للإهمال وذر الرماد في العيون وتحويل أنظار الناس عن الممارسات غير المقبولة نحو قيام تلك الأجهزة بدورها ومسؤولياتها التي من أجلها أنشئت ، بل ما هو أسوأ من ذلك عندما يصبح التطبيق أو البوابة الالكترونية حاجز امتصاص لانتقادات الناس وتفتيت طاقاتهم في الشراكة المجتمعية والبلدية وخلق نوع من العزلة والتواصل الحي ما بين مسؤولي وموظفي الأجهزة الحكومية والمواطن فأنت لا تشوفهم ولا يشوفونك وهم يدرون ما يحصل في الواقع ولكن أنت لا تدري ماذا يفعلون وهل يؤدون دورهم ومسؤولياتهم كما يجب أو لا .

اليوم التحول القادم بعد بناء البنية التحتية هو صيانة وتشغيل هذه المنجزات التي دفع فيها المليارات من الريالات وستتحول ميزانية الدولة لدعم برامج التشغيل والصيانة ، وإذا لم تكن هناك محاسبة وشفافية وجدية في قياس أداء الجهات الخدمية فإن تلك المنجزات ستهلك وستتهالك قبل عمرها الافتراضي... وإذا لم يوجد آليات وأدوات لقياس أداء وشفافية تلك الجهات الخدمية فسيكون هناك تحول في طبيعة وشكل الفساد من فساد تقليدي إلى فساد الكتروني وبامتياز وسيجد مقاومو النزاهة حكمة تقول "اجعل بينك وبين الناس تطبيق".
 
صحيفة الرياض

أضيف بتاريخ :2017/06/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد