آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. حسن العمري
عن الكاتب :
كاتب وناشط حقوقي ومهتم بالقانون

حرب اليمن إذ تٌسقط الملوك وأولياء العهود!!


د. حسن العمري

إنها الحرب اللعينة على اليمن ، في خطوة متوقعة قام الملك سلمان بعزل الأمير محمد بن نايف ولي عهده تماما كما أعفى أخيه مقرن بن عبدالعزيز بسبب حرب اليمن التي لم تكن تسمح لشخص  أن يكون في سدة الحكم بينما هو لم يكن من مؤيدي تلك الحرب ، وما أشبه الليلة بالبارحة إذ يعيد التاريخ نفسه حيث تم عزل الملك سعود بعد خلافات شديدة بينه وبين العائلة وتحديداً مع أخيه فيصل حول إدارة ملف اليمن وتهديداته بعد التدخل المصري في اليمن لإسقاط الملكيين هناك وعلى وقع  ضرب المدن السعودية بالطائرات في عسير ونجران ومحاولة إسقاط الحكم الملكي الرجعي في الرياض ، هذا مايؤكده مؤلف كتاب العلاقات اليمنية السعودية (جريجري جويس) وهو من أحسن من كتب عن تلك الفترة للعلاقات اليمنية السعودية .

مؤخراً تم عزل الأميرمحمد بن نايف صاحب أسوء سجل في إنتهاك حقوق الإنسان بإمتياز في وزارة من أهم وزارات البلاد، والذى أدار عمليات مكافحة الإرهاب منذ أكثر من عقد دون أن يتم حوكمة عملياتها ودون أن تهدأ وتيرتها وبقيت البلاد في حالة طوارئ غير معلنة منذ كان مساعداً لوالده ومازالت حتى الآن .

لكن كيف أسقطت حرب اليمن محمد بن نايف ولي العهد ووزير الداخلية السابق  وهو لم يكن متورطاً فيها بشكل مباشر كإبن عمه وزير الدفاع ولي العهد الحالي رغم أنه كان على بعد خطوة من إرتقاء العرش في البيت السعودي المتصدع.

محمد بن نايف صاحب العلاقات التقليدية الموروثة من والده في المحافظة على شعرة معاوية مع التيار الديني بشكل عام ، هذا التيار الديني الذي  يتنوع من اليمين السلفي بكل أطيافه وسلفياته إلى أقصى اليسار الحركي ومن ضمنه السروريون و”الإخوان المسلمون”

هذه العلاقة الوطيدة وإجادة اللعب مع هذا التيار بكل تشكلاته مداً وجزراً هي إحدى أوراق خليفة (أسد السنة) –  كما يسميه السلفيون بذلك – وعندما اندلعت الحرب على اليمن كان من أقوى أوراق وزير الدفاع محمد بن سلمان هو الاعتماد على الإخوان الذين تم إزاحتهم من السلطة في اليمن (حزب الإصلاح) ومشائخ القبائل المحسوبين على الإصلاح ليساعدوه في حسم المعركة على الأرض ، لكن يبدوا أن هذا الرهان على الإخوان وطيلة مدة الحرب لم ينجح ، فلم تدع السعودية طريقة أو حيلة أو استجداء أو دعم أو إنفاق أموال أو تسليح لفلول حزب الإصلاح في اليمن إلا وفعلته ولكن دون أن تكون هناك إرادة جادة من قبل رجالات هذا الحزب لإنجاح مهمة وزير الدفاع الشاب وبدأ الوقت يمضي ضد طموحاته مع ابتزاز ومتاجرة بالحرب من قبل بعض المنتفعين من إطالة الحرب من رجالات الحزب ، لقد قايض “الإخوان المسلمون” في اليمن- حزب الإصلاح-  السعوديين بقضايا وملفات إقليمية أخرى أهمها مظلوميتهم في البلد الأم – مصر – وفي ليبيا وسوريا .

 كان بن سلمان يأمل من بن نايف وبحكم علاقته بالإخوان وبالسلفيين ونفوذه عندهم  ولدى بعض القادة في الخليج وتركيا  ممن يدعمون الإخوان أن يساعدوه في تحقيق إنجاز في اليمن لكن دون جدوى ، كل ذلك أدي إلى تراكمات وامتعاض من قبل بن سلمان يقابله إحساس بالتشفي من بن نايف الذي لم يكن يكره فشل بن سلمان في اليمن لكي يسد عليه إمكانية منافسته علي الحكم، ولعل لسان حاله كان يقول لم آمر بها ولم تسؤني .

 لكن يبدو أن السفن كانت تجري بما لاتشتهي السفن ، فقد كان دخول الإمارات حليفة السعودية في الحرب على اليمن – المعروفة بمناهضتها للإخوان  – علي الخط  دوراً رئيساً في اتساع الهوه بين السعوديون والإخوان تدريجيا ،  وكان على الطرف الآخر لقاءات وترتيبات بين بن سلمان والإماراتيين تصب في أهمية محاربة الإخوان وأن أي رهان سعودي على الأخوان لحسم المعركة ضد حركة أنصار الله وحزب المؤتمر في اليمن لن تنجح وأنها أشبه بالسراب ، كل ذلك شكل حنقا كبيرا عند بن سلمان وبالطبع عند والده ملك البلاد .

ظل الأمر هكذا طيلة سنتين من العدوان على اليمن ، لكن مع وصول ترامب إلى السلطة في أمريكا ووجود مستشارين له على قناعة بأهمية وضع جماعة “الإخوان المسلمون” في قوائم الإرهاب الأمريكية ، فضلا عن علاقات ترامب القديمة والتجارية الهامة مع الإماراتيين التي فتحت قنوات حوار واتصال سرية معه نجح الإمارتيون وبالتنسيق العالي مع حلفاء آخرين يشاركونهم الخوف من الإخوان في ترتيب مثل هذا الطلاق الرسمي في السعودية مع هذه الجماعة ، وهنا نرصد أن الإماراتيين سجلوا انتصارين مهمين في معركتهم مع “الإخوان المسلمون” أولاهما عندما أقنعوا الملك الراحل عبدالله للإطاحة بحكم الإخوان في مصر ، والثانية عندما أقنعوا بن سلمان بالتخلي عن خيار الاعتماد على الإخوان وحزبهم (الإصلاح ) في اليمن وفي ذات الوقت ترتيب تصعيده لولاية العهد مع الأمريكان وهذا ماحصل في زيارة ترامب وصفقات التسلح المهولة التي رافقتها ، بالطبع لقد وقع بن نايف في الفخ عندما كان يظن أن هذه الحرب التي لم يباشرها سوف تزيح وتسقط عرابها بن سلمان فإذا بها تنقلب عليه وبالا ويسقط مرغما، لكن ماالذي يجعل بن نايف مرغماً ويتخلي بسهوله عن منصب يفصله خطوة واحدة عن العرش ، وكيف مررت الأسرة الحاكمة مثل هذا القرار !؟

 بخلاف الضغط الأمريكي فإن العائلة الحاكمة أصبحت أمام خيار وحيد في حرب اليمن حيث أصبحت المعادلة (صفرية) وأضحت المعركة هناك مصيرية ووجودية .

لم يكن خافياً أن محمد بن سلمان برر فشلة في الحرب أمام  العائلة بإن جماعة “الإخوان المسلمون” والدول الحليفة لها هم من أفشل عاصفة الحزم وأن بن نايف لم يبذل جهداً في ذلك، وهذا يفسر انفجار الغضب السعودي والإماراتي على قطر تزامناً مع قطع العلاقات وحصار قطر ، وتوتر العلاقات مع تركيا كذلك.

في ظل هذا المشهد تم تمرير الإطاحة بإبن نايف ، بلاشك هناك عوامل أخرى مركبة  ساهمت في ذلك لكن  حرب اليمن كانت هي كلمة السر في سقوطه وتصعيد مجرم حرب كمحمد بن سلمان  وزير الدفاع الثلاثيني الذي خطط حربه على اليمن بعد أيام من تنصيبه وزيراً للدفاع والذي أصبح هو أيضاً على بُعد خطوة واحدة من العرش ليكون الوحيد المسؤول عن جرائم حربه في اليمن مما قد يمهد لمحاكمته أو الإطاحة به . 

مدونة: د. حسن العمري

أضيف بتاريخ :2017/06/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد