آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
مصطفى اللباد
عن الكاتب :
كاتب مصري يشغل منصب مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية بالقاهرة ورئيس تحرير مجلة شرق نامه المتخصصة في الشئون الإيرانية والتركية وآسيا الوسطى، حصل على درجة الدكتوراه في "الاقتصاد السياسي للشرق الأوسط" من جامعة هومبولدت في برلين بألمانيا عام 1994.

تطورات الأزمة الخليجية: خمس ملاحظات


د. مصطفى اللباد

تتدحرج الأزمة الخليجية بين قطر من ناحية، والسعودية والإمارات والبحرين من ناحية ثانية، لتصبح ثابتاً على أجندة العمل الدولي، وليس الخليجي أو العربي أو الإقليمي فقط. من ناحيته، يلعب الرئيس الأميركي دونالد ترامب دور المايسترو في تصعيد درجة حرارة الأزمة وتخفيضها، بتصريح يؤيد هذا الطرف، وتغريدة تؤيد ذاك الطرف، فيما تشتد الحملة الإعلامية بين الدول الأربع، لتبلغ مستويات غير مسبوقة في تاريخ مجلس التعاون الخليجي. ومع التسليم بأن موازين القوى ربما تميل لغير مصلحة قطر، فإن قدرات الدوحة المالية الضخمة تسعفها بعدم الرضوخ الناجز، بمعنى تقبلها لخسائر مالية في مقابل تجنب الخسائر السياسية كلما أمكن.

بعد متابعة الخطاب السياسي للدول المقاطعة، وكذلك قطر خلال الأيام الماضية، أمكن الخروج بالملاحظات التالية:
أولاً: الدول المقاطعة لقطر أصبحت أكثر توتراً لعدم رضوخ الدوحة السريع للمطالب والشروط، ولكنها تستمر في الضغط الإعلامي عليها، وتصف الاتفاقية الموقعة بين أميركا وقطر لمكافحة الإرهاب بأنها «رضوخ قطري».

ثانياً: قطر تستمر في خط تهادني، وتحاول بنجاح نسبي تدويل الأزمة، والمثال محاولة إشراك فرنسا في الوساطات. بالمقابل، لن تفلح زيارات الرئيس التركي إلى الكويت وقطر في تغيير التموضع التركي من حليف لقطر إلى وسيط في الأزمة، وتعد تركيا أبرز الخاسرين من جراء الأزمة، بقطع النظر عن مآلاتها لتردي علاقات أنقرة مع الدول المقاطعة، لا سيما السعودية المهمة لتركيا من حيث قدرتها على تغيير التوازنات الإقليمية.

ثالثاً: أميركا تتلاعب بكل أطراف الأزمة، فالمقاطعة ضد قطر لم تكن لتحدث ــ ابتداء ــ من دون ضوء أخضر أميركي، والدليل أزمة عام 2014 بين ذات الأطراف، حيث لم تقدم الدول المقاطعة على غلق الأجواء أمام قطر بسبب التوازنات الدولية وقتها، ووجود باراك أوباما في السلطة. بالمقابل، جاءت «فرملة» التصعيد ضد قطر بضغط أميركي واضح، وصولاً حتى إلى اتهام مؤسسات في الدول المقاطعة بدعم الإرهاب. أي أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوزع شهادات البراءة والإرهاب وفقاً لإيقاع معين، لربح المزيد من الصفقات من كل أطراف الأزمة.

رابعاً: مرور الوقت لا يعمل في مصلحة الدول المقاطعة، حيث إن الحملة الإعلامية المنسقة ضد قطر لا يمكنها الاستمرار إلى الأبد، وفي عالم يموج بالصراعات، وشرق أوسط يفرخ المآسي والأخبار المحزنة، لا يمكنك وضع الأزمة مع قطر كعنوان رئيسي في نشرات الأخبار مزاحمة أخبار الصراعات الدائرة في العراق وسوريا واليمن من دون حدوث تطورات جديدة تبرر موقعها كعنوان رئيسي.

خامساً: من غير المتصور أن تعود قطر للعب دورها الإقليمي الذي كان، لأن ذلك يتصادم مع التصميمات الجديدة للمنطقة، التي لا ترى أدواراً لحركات الإسلام السياسي المعتدل أو الوسطي أو «السكر زيادة»، حتى كما كانت الحال إبان «الربيع العربي» وعصر أوباما. ومن هنا ستفقد قطر موضوعياً أهميتها السابقة بغض النظر عن قدراتها على الصمود بوجه الضغوط؛ كما أن علاقاتها بالشبكات الإسلامية الدولية على أطيافها لن تعود لها ذات القيمة، التي كانت في منطقة تستند تصميماتها الجديدة إلى أساس واضح يتمثل في مكافحة تلك الحركات تحديداً تحت عنوان «مكافحة الإرهاب».

وعلى الرغم من ذلك، فستستمر الدوحة في مواجهة الدول المقاطعة مضحية بخسائر مالية، ومحاولة الوصول إلى تفاهم شامل مع إدارة ترامب عبر المزيد من الصفقات. وفي المقابل، سيستمر التصعيد من الدول المقاطعة مع محاولة استمالة إدارة ترامب بالمزيد من الصفقات أيضاً.

وبالتالي، الحلول الوسط غير ممكنة حتى اللحظة لأسباب مختلفة، يتقدمها أن ترامب لم يحصل بعد على كل ما يريد تحصيله من أطراف الأزمة.

فلنتابع توزيع الأدوار الأميركي بين البيت الأبيض والخارجية والبنتاغون خلال الفترة المقبلة للوصول إلى النتيجة المبتغاة!

جريدة القبس الكويتية

أضيف بتاريخ :2017/07/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد