آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صابر عارف
عن الكاتب :
كاتب ومحلل سياسي و عضو المجلس الوطني الفلسطيني

انتصار القدس وجدلية دورها القيادي الفلسطيني!


صابر عارف

معركة البوابات الالكترونية التي حاول الكيان الصهيوني فرضها لتفتيش المصلين في المسجد الأقصى   كشكل نهائي وقاطع لفرض السيادة الإسرائيلية على المقدسات المقدسية ،  والانتصار الكبير الذي حققه المقدسي أولا والفلسطيني ثانيا بتأكيد فرض السيادة الفلسطينية على مقدساته  في النتائج النهائية لتلك الجولة وليس أي سيادة أخرى،،  لا لإسرائيل ولا لغيرها كالأردن مثلا ،  بعد أن تراجع  نتنياهو ذليلا  أمام هبة أهل القدس أولا وأساسا الذين فرضوا عليه خلع وإزالة البوابات التي أمر بتركيبها لفرض سيادته ولإذلال المصلين بتفتيشهم المهين.

فرضت أحداث الأسبوعين الماضيين في القدس نفسها على كل شيء في المحيط، سياسيا كان أم إعلاميا أم جماهيريا ، وفرضت نفسها كذلك على الميدان الفكري الثقافي، بما أثارته من جدل عميق حول قيمة وأهمية القيادة والتنظيم في تحقيق الانتصار، أي انتصار بما فيها انتصار القدس الأخير   وفرضت من ضمن ما فرضت البحث مجددا في أسباب وغياب الدور القيادي المقدسي كعاصمة لفلسطين في القيادة  الفلسطينية منذ النكبة عام ١٩٤٨ م  باستشهاد القائد الكبير المميز عبد القادر الحسيني في معركة القسطل الشهيرة في نيسان ١٩٤٨م وغياب مفتي القدس الحاج أمين  الحسيني رئيس المجلس الإسلامي الأعلى وبصورة  ما كان رئيسا وقائدا للشعب الفلسطيني. الذي توفي  عام 1974 ببيروت ، و شيع بجنازة رسمية حضرها ياسر عرفات ، و دفن في مقبرة الشهداء .

من البديهي والطبيعي أن تسقط هزيمة بحجم النكبة عام ١٩٤٨م كل قيادة وأي قيادة ، وقد يكون من الطبيعي كذلك  وفي سياق معاقبة الذات أن يستمر الفراغ القيادي الفلسطيني لعقدين من الزمن إلى أن كانت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية عام  ١٩٦٨ م  وأصبح للشعب الفلسطيني قيادة معترف بها عربيا ودوليا بعد تأكيد دورها النضالي وبعد التضحيات الكبيرة التي قدمها شعبنا من دماء وشهداء …ولكن ليس من الطبيعي ان يطول هذا العقاب  ولما يزيد عن نصف قرن من الزمن تحرم فيه العاصمة القدس من أي دور قيادي فعلي  وحقيقي  في التجربة الفلسطينية الحديثة ، حيث اقتصر تمثيل القدس  في أحسن الأحوال   على كل من الشهيدين سمير غوشه وفيصل الحسيني  وبعض الكوادر المقدسية الأخرى على تواضع دورهم القيادي .

أعرف جيدا أن معيار القيادة أساسا هو القدرة والكفاءة  وفرض ذاتها وليس الجغرافيا ، ولكن القدرة والكفاءة تنهل  من سعة المحيط الذي عادة ما يتركز بالعواصم  ، وأعرف كذلك أن هذه القاعدة لا تنطبق تماما على عاصمتنا من شدة محاربتها ومحاولات صهينتها بتفريغها من.أهلها والتنكيل بحياتهم .

 تحقق انتصار المقدسيين بإرادتهم وبعزيمتهم ، وبقيادتهم المقدسية التي لعبت دورا مشهودا بقيادة وتوجيه المعركة الشعبية  بعيدا كما يشهد الجميع  عن كل الفصائل والقوى السياسية الحالية دينية كانت أم وطنية وبعيدة  عن العرب حكاما ومحكومين ، بل وبعيدة جدا عما يسمى بالقيادة الفلسطينية التي قال كاذبا أحد أبواقها من أعضاء لجنتها التنفيذية المقربين من محمود عباس ،، أن أحداث المسجد الأقصى بمثابة معركة إرادات والسيادة السياسية على القدس،، مشيداً بالحكمة والحنكة السياسية التي تحلى بها الرئيس في إداراته للمعركة ،، _ وكأنه كان يديرها _ !!!  ،،  مع أن هذا المسمى قائدا يعلم علم اليقين  بأنه لم يرفع في القدس سوى العلم الفلسطيني وعندما حاول احدهم رفع صورة أبو مازن تم زقه وتمزيق الصورة قبل التفكير في رفعها كما ذكرت الكاتبة المقدسية  ناديه حرحش في مقال لها في هذه الزاوية  ، تحقق الانتصار الذي اثبت فيه  الشباب المقدسي قدرة وعزما وإصرارا يُعلّم في اكاديميات الانتماء والوطنية والصبر والانتصار، في دفاعهم عن أقصاهم وقدسهم بصدورهم العارية وعزيمتهم التي لا تلين أمام حشودات جيش الاحتلال بكل ما أوتي من قوة وآليات عسكرية وأسلحة ودروع واقية

دخل آلاف المصلين إلى المسجد الأقصى، عصر يوم الخميس الماضي ورفعوا العلم الفلسطيني على المسجد، بعد أن اضطرت قوات الاحتلال إلى فتح باب حطة الذي أدى بقاء إغلاقه إلى مواصلة المصلين الاعتصام أمام بوابات المسجد الأقصى رافضين الدخول إلا بفتحه.وانتصر الكف الفلسطيني على المخرز الإسرائيلي

تماسك الفلسطينيون ، توحدوا ، تفاعلوا ، من جديد ، وكان التكامل والتكافل الإجتماعي ، الطبخ الجماعي ، التبرعات المالية والعينية من قبل التجار ، العائلات قدمت خدماتها ، الشباب تطوعوا بحملات التنظيف لأماكن الاعتصام حول الحرم ، التلاحم المسيحي الإسلامي ، الإندماج الفلسطيني بين قادة 48 وقادة القدس ،

” حكومة إسرائيل تراجعت ، تنازلت ، انكسرت ، وهُزمت وأهُينت ، خضعت بدون شروط ، وركعت على ركبتيها ، وتم ضبطها وبنطالها ساحل إلى أسفل ، وغادرت وذيلها بين أرجلها ، وأضعفت إسرائيل وأضرت بمكانتها ” ، كما لخصها كاتب صحفي إسرائيلي متمكن بمقالة عنوانها ” هزيمة الغرور ” .

كل هذا تم تحت قيادة مقدسية شعبية ، وما كان ليكون لو لم تتوفر وتتحقق تلك القيادة  التي لا بد منها لتحقيق الانتصار  ، ما يعيدنا وبالضرورة للحفاظ على تلك القيادة وتوسيعها وتطويرها لتصبح نواة صلبة لقيادة فلسطينية جديدة تشمل المحيط الفلسطيني كله ، نحن بأمس الحاجة لها كبديل لقيادة عفى وعافها الزمن ، ونحن أمام فرصة قد لا تعوض ، ستتكالب وتتآمر عليها كل الفصائل والقوى السياسية الحالية فهل سنسمح لهم ؟؟؟!!!!!!!
هذا ما يقلقني ويثير رعبي……

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/08/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد