آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. نعيمة أبو مصطفى
عن الكاتب :
كاتبة وباحثة، متخصصة في الاقتصاد الإسرائيلي والفلسطيني.rnمستشار مالي واقتصادي. rnعضو اتحاد الكتاب والصحفيين.rnصدر لها العديد من الدراسات والأبحاث التي نُشرت في مؤسسات عربية.

نيوم” طلع من البدروم


د. نعيمه أبو مصطفى

أخيرا بعد مرور عشرات السنين على طرح مشروع (نيوم الصهيوني) ظهر للنور على يد ولى العهد محمد بن سلمان الذي أحدث تغييرات جذرية في المملكة السعودية كانت تعد من الثوابت والمعتقدات السعودية. وهكذا يفعل بالشرق الأوسط الجديد ويسعى لتحقيق الحلم الصهيوني.

من هو نيوم؟

في عام 1998 ناقشت رسالة الماجستير وكان موضوعها “عناصر القوة والضعف في الاقتصاد الإسرائيلي 1970-1997” ومن ضمن موضوعات هذه الأطروحة فصل عن اتفاقية أوسلو 1993 والمشاريع الاقتصادية الإسرائيلية المقترحة ضمن هذه الاتفاقية، وكان منها هذا المشروع “نيوم” والذي ورد ذكره في معظم المراجع الأجنبية حيث لم يكن متوافر دراسات عربية بالشكل الكافي. وجاء طرح هذا المشروع ضمن مشروعات تنمية الاقتصاد الصهيوني.

وكل ما ذكر باختصار عن هذا المشروع هو منطقة تجارية اقتصادية تضم أربع دول إسرائيل/الأردن/ مصر/ السعودية، وسوف تكون منطقة تجارة عالمية وميناء تجارى حيث تتشاطىء هذه الدول عند خليج العقبة. وكانت العقبة أما تنفيذه في السعودية التي لم توقع اتفاقيات سلام مع العدو.أما حق الفلسطينيين في هذا المشروع الذي سيقام على أرض أجدادهم المغتصبة فلا ذكر لهم أساسا لأن لا احد يشعر بوجودهم سوى أنهم مصدر إزعاج للعالم العربي الذي يرغب في الالتفات إلى التنمية والتطوير بعيدا عن حقوق الأرض وهذا الكلام الذي يثير الخلافات مع الصديقة والجارة القوية “إسرائيل”.

وجاء طرح هذا المشروع الصهيوني ضمن عدة مشاريع لربط “إسرائيل” بالعالم العربي منها مشاريع في الطاقة والمياه والسياحة، ضمن سلسلة المشروعات الصهيونية، ولم أكن اصدق وقتها انه يمكن تحقيق مثل هذه المشروعات، وكنت أتبادل الرأي مع المشرف في هل يمكن قبول مثل هذا التعاون مع العدو، فكان يجيبني “بأنتم الفلسطينيين تعيشون الوهم لأن إسرائيل أمر واقع مفروض وهي دولة، ومنظمتكم وقعت معها اتفاقية سلام” يقصد طبعا منظمة التحرير الفلسطينية.

وكان المشرف من مؤيدي عملية السلام وأنا من المعارضين لها، وطالما حدث خلاف بيننا على هذا الأمر، وحقيقة لم يكن وحده الذي كان يرى أن الفلسطينيين يعيشون الوهم. لقد صدمني أستاذ علوم سياسية أخر بقوله” أن هناك أمر واقعي تنكرونه (يقصد الفلسطينيين) وهو آن هناك أجيال ولدت على ارض “إسرائيل” –كما يسميها المسالمين- وهذه الأجيال لها حق في الأرض”!. هذه وجهة نظره وهو يدرس لأجيال مادة العلوم السياسية. ولا اعلم ماذا يذكر لهم عن حق الأجيال الفلسطينية صاحبة الأرض التي قتلها هؤلاء الصهاينة وشردوا أبنائهم لينجبوا أجيال مماثلة في بلاد اللجوء؟…أين حقهم؟ يبدو أن هذا السؤال أيضا أصبح وهم في خيال كل فلسطيني لاجئ يعيش بعيدا عن وطنه، ويعامل كأجنبي في وطنه العربي الأكبر.

ولقد أيقظنا ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، من السبات طويلا في الحلم العربي، ولم لا؟ فهو الأمير الشاب الواقعي العملي الذي يستخدم تكنولوجيا، وسرعة العصر في إدارة مصائر الدول، ولا يهم أي بقعه من الأرض تحت سيادة أي جماعه؛ المهم أنهم متحدين ومتفقين في مشاريع استثمارية، لأن جني المال أهم من الاحتفاظ بالأرض. والتاريخ يعد من الماضي ونظرة المستثمر للمستقبل وليس للماضي.

وسيقام هذا المشروع على مساحة 27 ألف كم وهي تساوى مساحة فلسطين بالكامل التي يحاول العرب استردادها منذ أكثر من سبعين عاما. وأول مرحلة من المشروع سوف تنتهي في 2025، بتكلفة أوليه 500 مليار دولار ستساهم دول غربية في تمويله مثل الصين وروسيا وطبعا الصديقة أمريكا مع ابنتها الفاتنة “إسرائيل”. وأهم ما سيتم تشييده هو خمسة قصور، ومنطقة موانئ خاصة باليخوت، و50 منتجعًا سياحياً و4 مدن صغيرة، وستعمل مصر على تطوير منتجعي شرم الشيخ والغردقة. وأعلنت الدولتان مصر والسعودية إنشاء صندوق مشترك بقيمة 10 مليارات دولار لتعمير هذه المنطقة التي سميت “نيوم” الواقعة بمحاذاة البحر الأحمر.ومبارك للعرب ميلاد دولة بحجم فلسطين ذات مواصفات خاصة.

ومن المقرر أن تشمل المرحلة الثانية تنفيذ مشروع “قناة البحرين” بين الأردن والصهاينة واحتمال يمنو على الفلسطينيين بجزء منها، والتي ستؤثر بالطبع على الملاحة في قناة السويس، وتم رفضها مرارا لهذا السبب، ولكن في عهد الاستثمار وتغير القواعد كل شيء جائز، وسوف يتم ربط شبكة بين القطارات الإسرائيلية التي تقام حاليا داخل مدينة القدس المحتلة والبحر الأحمر إلى المتوسط بالإضافة إلى مشروع آخر وهو عبارة عن جسر يربط بين السعودية ومصر وإسرائيل عبر جزيرة تيران.

وهذه المشاريع كلها معده سلفا منذ عشرات السنين في بيت بني صهيون، مع المشروع الرئيسي الذي تم تنفيذه بنجاح باهر وهو تفتيت الدول العربية، وصولاً إلى القضاء على إيران ومن والاها من حزب الله أو حماس، وتمت إضافة الشقيقة قطر كعدو جديد للخليج، وهي التي كانت عضو في الجسد الخليجي بالأمس، وأصبحت اليوم إسرائيل صديقة نتقرب إليها بالمشاريع الاقتصادية والتطبيع الكامل، ونقاطع غزة، وأهل القدس، وقطر. في ما أطلق عليه الشرق الأوسط الجديد يبعث من القبو أو البدروم كما يقال تحت مسمى السلام الاقتصادي كما طرحة الصهيوني بنيامين نتن ياهو.

ويقفز إلى رأسي عدة أسئلة:

– ماذا عن القدس ومشاريع الاستسلام؟ هل ستعود فلسطين أو ما تبقى منها؟
-ماذا عن مبادلة الأراضي الفلسطينية بفلسطينية محتلة التي وافق عليها الزعيم المفدى أبو مازن؟
-ماذا عن حصار غزة التي أصبحت مقبرة لأهلها الصامدين؟
-ماذا عن الأمن القومي العربي ضد العدو الرئيسي للمنطقة وللعرب؟
-هل سيتم دمج اللقطاء القتلة من بني صهيون الذين جاءوا من مختلف بقاع الأرض مع الشعب العربي الأصيل في هذه الدولة الوليدة “نيوم”؟
-هل سيتم أنشاء قواعد عسكرية أمريكية أم روسية لحماية هذه امن هذه الدولة؟ أم  سيتم تكوين جيش نيومي، ولمن سيوجه نيرانه؟ إلى إيران وقطر مثلاً؟
-هل سيتم إصدار جواز سفر نيومي لكل من يسعده الحظ ويعيش في هذه المدينة الفاضلة ليصبح مواطن نيومي؟
وتبقى أدوات الاستفهام عاجزة عن التعبير عما نحن فيه منذ سبعون عاماً إلى ما شاء الله.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/03/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد