التقارير

تقرير خاص: #السلطات_السعودية والاعتقال كمنهج لقمع الرأي المخالف #ما_وهنوا


وردة علي..

أن المطلب الأساسي الأول في كل دولة متسلطة، هو ترسيخ ثقافة التظاهر، وإشاعة ثقافة المخاطرة في اللحظات الخاطفة التي نسميها أزمات. وكل أزمة هي لحظة ضبابية، لحظة منعشة لحسّ المغامرة، لحظة مواتية لكسر الرتابة السياسية، والولوج في المجهول. هذا ما كتبه الكاتب والصحافي "نذير الماجد" في مقالته "أنا أحتج.. إذا أنا آدمي"، والذي تسبب في اعتقاله و تعرض بسببه للتعذيب.

من هنا نشير إلى الاعتقال الذي تستخدمه السلطات السعودية كمنهج لقمع الرأي، في دولة دكتاتورية، تُحرم حق التظاهر في الداخل، وتحرض عليه وتغدق الأموال في الخارج، في الدول التي لا تُرضيها سياستها ولا تقف في خطها وعلى نهجها في التطبيع مع كيان الاحتلال.

حرية التعبير أو حرية الرأي..

حرية التعبير أو حرية الرأي يُعترف به كحق أساسي من حقوق الإنسان بموجب المادة رقم 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويعترف به في القانون الدولي لحقوق الإنسان في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

 تنص المادة 19 من العهد الدولي: " لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة" وأنه "لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها".

ويصاحب حرية الرأي والتعبير على الأغلب بعض أنواع الحقوق والحدود مثل حق حرية العبادة وحرية الصحافة وحرية التظاهرات السلمية.

**الصحافة حرية رأي..

تدخل الصحافة ضمن حق التعبير وحرية الرأي، إلا أنها في مملكة آل سعود تُقمع ولا مكان للرأي ولا التفكير أو الاحتجاج، يُكفيك أن تكتب مقالة واحدة تُغيب بعدها عشرات السنين..

"أنا أحتج.. إذا أنا آدمي"..

حالة الاحتجاج تميز الإنسان عن غيره من سائر المخلوقات، وهي حالة وعي ومغامرة ومُخاطرة تستحق أن يعيش بعدها الإنسان الحر بكرامة، نذير الماجد.

اعتقل في أبريل 2011 م من مقر عمله في مدرسة في مدينة الخبر وذلك على خلفية كتابته مقال يدعم فيه حق التظاهر بعنوان "أنا أحتج.. إذا أنا آدمي"..

"دفاعاً عن حق التظاهر السلمي"..

عام  2011 كتب الناشط الاجتماعي والكاتب "زكريا آل صفوان" مقالا بعنوان "دفاعاً عن حق التظاهر السلمي"، تسبب في اعتقاله  في 22 ابريل \ نيسان 2011.

طرح زكريا في مقالته بعض النقاط من بينها:  أننا جميعا ولائنا ومحبتنا لهذه الأرض ولهذا الوطن، ولا نقبل أن يزايد علينا أي أحد أو نزايد على بعضنا البعض في هذا الولاء وهذا الانتماء.

 أننا جميعا نرفض أي تدخل خارجي سواء كان هذا التدخل بحسن نية أو بسوء نية، فهذه مسألة داخلية تخص أبناء هذا الوطن فقط وحصريا و لا يحق لأي طرف خارجي التدخل فيها.

أن التظاهرات والمسيرات السلمية هي شكل من أشكال العمل السياسي كفلته جميع المواثيق والدساتير والأعراف الدولية، و لا يجوز لأي كان أن يصادر هذا الحق.

ويؤكد صفوان في مقالته بأن حالة الاحتقان والتوتر لم تكن نتيجة للتظاهرات أو المسيرات السلمية وإنما هي سابقة لها بمدة طويلة نتيجة لعدة عوامل مختلفة.

وأن المطالب الوطنية العامة هي هم مشترك بين جميع أبناء هذا الوطن، يجب علينا جميعا العمل عليها ورفع الصوت بها، مثل إطلاق الحريات العامة، وحرية إنشاء الأحزاب، والعدالة العامة، ودولة القانون، استقلال القضاء، والتوزيع العادل للثروة، والمطالبة ببرلمان حر ومنتخب مباشرة من أبناء الشعب، وغيرها من المطالب المشتركة الجامعة لكل أطياف هذا الوطن.

ويُشدد بأن هناك حقوق خاصة بأبناء هذه المنطقة وأبناء الطائفة الشيعية على وجه الخصوص لا مجال للتنازل عنها أو المساومة عليها بأي حال من الأحوال فهي حقوق وليست مطالب، مثل الحرية الدينية، وحرية بناء المساجد والحسينيات، رفع التمييز الطائفي و المناطقي.. وغيرها من المطالب الخاصة بأبناء هذه المنطقة كوننا أكثر من يكتوي بنارها.

وأشار آل صفوان في مقالته إلى أن هناك مطالب ملحة وعاجلة قد تزيل الاحتقان من الشارع وتخلق نوعا من الانفراج، ولكنها في نهاية المطاف ليست حلا جذريا لعودة الهدوء وإطفاء نار الفتنة، مثل إطلاق سراح المعتقلين المنسيين، وإيقاف ملاحقة النشطاء السياسيين، ووقف استخدام الحلول الأمنية في مواجهة المتظاهرين المسالمين العزل.

بمثل هذه المطالب والحقوق التي كتبها آل صفوان تقمعها السلطات السعودية، ويُكفي بأن تُكتب في مواقع التواصل الاجتماعي، آل صفوان والماجد و غيرهم من العشرات من كتاب وصحافيين، فقط لأنهم عبروا عن رأيهم غيبتهم السلطات.

**فوبيا الأوراق..

في عام 2013 علق "فاضل الشعلة"  الناشط الاجتماعي و السيناريست، والمعتقل حاليا بسبب نشاطه الاجتماعي وكتاباته المطلبية، على مُحاكمة زكريا آل صفوان، وأبدى استغرابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي قائلا: إذا كنت متعجبا كيف يحاكم زكريا صفوان على مقال، فماذا عساك تقول عن فاضل المناسف الذي سيحاكم على منديل؟! هنا فوبيا الأوراق.

**حرية التظاهرات السلمية...

كما تنص الحريات الدولية على حق الصحافة في التعبير عن الرأي، كذلك هو حق التظاهر السلمي، والذي خرج أصحابه للمطالبة بالحقوق المشروعة، خرج  الآلاف من أبناء المنطقة الشرقية تحديدا للمطالبة ببعض الإصلاحات السياسية والاجتماعية، ورفع التمييز الطائفي، والمساواة بين المذاهب، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين من كلا المذهبين على خلفية حرية التعبير عن الرأي.

**وحدة وحدة وطنية لا شيعية لا سنية..

هتف المشاركون في المسيرات السلمية بشعارات تُطالب بالوحدة الوطنية تأكيدا منهم على صحة مطالبهم، بالإضافة إلى رفع التمييز الطائفي الذي تمارسه السلطات السعودية ضد شريحة كبيرة من أبناء الوطن، كما رفع المشاركون شعارات تُطالب السلطات عن حقوق المواطنين من النفط، وسط انتشار الفقر والبطالة.

**الشيخ توفيق العامر والمطالبة بمملكة دستورية..

ألقى الشيخ توفيق العامر من منطقة الأحساء بالشرقية، يوم الجمعة 25 مارس 2011  خطبة طالب فيها بمملكة دستورية وفصل السلطات بالإضافة إلى وجود مجلس شورى منتخب بالكامل، وتسببت الخطبة المُطالبة بالحقوق المشروعة إلى اعتقاله إلى الآن.

**الشيخ نمر النمر والمطالبة بالكرامة..

من أبرز كلمات الشيخ الشهيد "نمر باقر النمر" هي العيش الكريم والمتمثلة في قوله: أما أن نعيش على هذه الأرض أحراراً أو نموت في باطنها أبراراً لا خيار لنا غير ذلك..

كلمات الشيخ الشهيد النمر والذي تتهمه السلطات السعودية بالإرهاب جميعها لا تدل عليه، لكنها شاهد على سلميته ومطالبته والتزامه بها وحث المشاركون عليه، إلا أن منطق الاستبداد هو قمع الحريات المطلبية مهما كانت سلميتها في وجه السلطات الاستبدادية..

**استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين السلميين..

عمدت السلطات السعودية لقمع الاحتجاجات السلمية باستخدام الرصاص الحي، والذي استشهد على أثره العشرات من منطقة القطيف، كما عمدت إلى مداهمة المنازل، واعتقال الناشطين، أو إطلاق النار بشكل عشوائي على أصحاب المنازل وإصابة من فيها.

مارست السلطات السعودية التعذيب النفسي والجسدي على المعتقلين من أصحاب الرأي سواء أولئك الذين شاركوا في المسيرات السلمية، أو عبر الكتابة في الصحف، أو على مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر المنبر كاعتقال بعض العلماء الذين كانت لهم مواقف مؤيدة للحراك المطلبي، أو طالب ببعض الحقوق.

 القمع أو الكبت السياسي..

يُعرف عالميا الكبت أو القمع السياسي بأنه اضطهاد فرد أو مجموعة لأسباب سياسية، بهدف تقييدهم أو منعهم من المشاركة في الحياة السياسية في المجتمع.

و يمكن أن يتجلى الكبت السياسي بسياسات تمييزية، أو انتهاكات لحقوق الإنسان، التنصت، السجن، التجريد من حقوق المواطنة، و أعمال عنف مثل الجريمة ، التعذيب، أو معاقبة النشطاء السياسيين، و المعارضين، بشكل غير قانوني.

و في حال كان الكبت السياسي منظم من قبل الدولة، فقد يعد ذلك إرهاب دولة، أو إبادة جماعية، أو جريمة سياسية أو جرائم بحق الإنسانية. الكبت السياسي العنيف المنظم يعتبر سمة معتادة للأنظمة الدكتاتورية، و الأنظمة الشمولية.

فكل تلك الإجراءات القمعية والعنيفة التي تتخذها السلطات السعودية ضد أصحاب الرأي هي إجراءات لا يمكن تبريرها لأنها ضد الإنسانية وضد الحقوق المشروعة، ففي الوقت الذي تقمع الحريات في الداخل تبرز نفسها على أنها دولة ديمقراطية، رغم سمعتها السيئة في هذا المجال.

أضيف بتاريخ :2018/04/12

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد