آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
جيمس زغبي
عن الكاتب :
أكاديمي أمريكي من أصل لبناني و مؤسس و مدير المعهد العربي الأمريكي. كان يقدم البرنامج الأسبوعي فيوبوينت الذي بثه تلفزيون أبوظبي.

العرب – الأميركيون.. الضحية الأولى لجرائم الكراهية


د. جيمس زغبي *

مؤسسة المعهد العربي الأميركي ستبدأ اعتباراً من الأسبوع المقبل، بإصدار دراسة شاملة حول جرائم الكراهية ضد العرب في الولايات المتحدة. فقد توجت ثمانية أشهر من البحث، بدراسة بعنوان: «جرائم الكراهية في الولايات المتحدة واستهداف المواطنين العرب – الأميركيين» التي ستملأ فجوة في الأبحاث المتاحة عن الجرائم المدفوعة بالكراهية في هذا البلد.

والدراسة ليست مجرد تجميع لأعمال العنف أو التهديد ضد الأشخاص المنحدرين من أصل عربي، بل تؤرخ أيضاً، لكيفية تعامل وكالات تطبيق القانون (أو بالأحرى عدم تعاملها) مع جرائم الكراهية ضد العرب. ثم يصنف التقرير أداء جميع الولايات الخمسين ومقاطعة كولومبيا بشأن جرائم كراهية. وتنتهي الدراسة إلى توصيات للحكومات الوطنية والمحلية للمساعدة في تحسين التقارير والأداء ذات الصلة بهذه الجرائم.

ونتعلم من نتائج التقرير أنه في حين أن القوالب النمطية السلبية المنتشرة والإقصاء السياسي قد زادت من ضعف الأميركيين العرب، إلا أن التهديدات الفعلية وحوادث العنف ضد أفراد المجتمع المحلي «تكثفت تاريخياً في أعقاب التطورات في الشرق الأوسط أو حوادث العنف الجماعية»- سواء كان الجاني أو لم يكن من أصل عربي. وتلاحظ الدراسة بقلق أن تأثير «ردود الفعل ازداد في ظل المناخ السياسي الراهن».

كما يوضح التقرير، أن الحكومات الفدرالية وحكومات الولايات كانت، بدرجات متفاوتة، مهملة في معالجة هذه المشكلة. لقد بدأ مكتب التحقيقات الفدرالي في جمع البيانات المتعلقة بجرائم الكراهية، بما في ذلك تلك التي تستهدف الأميركيين العرب، بعد أن أصدر الكونغرس قانون إحصاء جرائم الكراهية لعام 1990. لكن في عام 1992، أخبرت الحكومة الفدرالية مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنه ليس مسموحًا بنشر الإحصاءات عن جرائم الكراهية ضد العرب، وتمت إزالة الفئة المستخدمة للإبلاغ عن جرائم الكراهية ضد العرب من مجموعات بيانات مكتب التحقيقات الفدرالي. هذا لم يمنع وكالات تنفيذ القانون المحلية من الإبلاغ عن المئات من الحوادث تحت هذه الفئة حتى عام 2003، عندما أخبر مكتب التحقيقات الفدرالي الوكالات أنه سيبدأ في رفض «البيانات المصنفة بشكل غير صحيح».

على الرغم من أن هذه الفئة قد أعيد تقديمها في عام 2015، فإن دراسة AAIF تُظهر أن جرائم الكراهية ضد العرب ناقصة. أحد المؤشرات على ذلك هو أن حكومات الولايات أبلغت عن عدد أكبر من جرائم الكراهية ضد العرب في منشوراتها الخاصة، مما ظهر في الإحصائيات الفدرالية. وفي حالة البيانات الوطنية التي تستهدف جميع التجمعات، فإن مقارنة جرائم الكراهية التي جمعتها حكومات الولايات بالبيانات الفدرالية تكشف عن «آلاف من جرائم الكراهية تم الإبلاغ عنها على مستوى الولايات، ولكن لم تنشر في الإحصاءات الفدرالية».

بالنسبة لي، هذه القضية شخصية للغاية. أعرف من خبرتي كيف أن الكراهية المعادية للعرب يمكن أن تكون خطيرة ومؤلمة، فقد تلقيت أول تهديد لي بالقتل في أبريل عام 1970، وفي عام 1980، تعرض مكتبي للتفجير. وتوالت التهديدات طوال العقدين التاليين. واغتيل زميلي وصديقي اليكس عودة في تفجير بولاية كاليفورنيا عام 1985. ومنذ 11 سبتمبر 2001، تم سجن ثلاثة أشخاص بتهمة تهديد حياتي وحياة أطفالي وموظفيّ.

في كل هذا، لقد لاحظت عدة أنماط.
في معظم الحالات، كانت جرائم الكراهية هذه ذات دوافع سياسية وترتبط إما بافتراض الجاني العنصري بأن كل العرب كانوا مسؤولين عن أحداث عنيفة في الشرق الأوسط أو في أميركا. أو كانت محاولة لإسكاتي أنا وغيري من العرب – الأميركيين، عن الحديث عن قضايا مثيرة للقلق. وعلى الرغم من أن تقرير AAIF لا يركز على دوافع مرتكبي حوادث التحيز، فإنني أرى من تجربتي أن «السبب» جدير بالملاحظة.

وكما أشرت في شهادتي أمام الكونغرس في عام 1985، فإن التهديدات ضدنا سبقها في كثير من الحالات التحريض، حتى أصبح العرب الأميركيون خائفين من التحدث بحرية والمشاركة في النشاط السياسي المشروع. علاوة على ذلك، فإن هذه الممارسات تعمل على تشجيع المعارضين السياسيين للأميركيين العرب لدرجة ارتكاب أعمال العنف ضد الأميركيين العرب ومنظماتهم.

كانت هناك نتيجة ثانوية أخرى لهجمات تشهير متواصلة، بعضها ينطلق من منظمات رئيسية موالية لإسرائيل، وهو جعل من الصعب على العرب الأميركيين تطبيع مشاركتهم السياسية أو تثبيط الآخرين عن الانخراط السياسي – وهو ما أعتقد أنه كان الهدف من التشهير. وهذا، بدوره، لعب دوراً تاريخياً في زيادة تعرض المجتمع للتهديدات وأيضاً في تثبيط الضحايا من العرب الأميركيين عن الإبلاغ عن الجناة عند تعرضهم للتهديد.

لماذا تجد مناقشات سياسة الشرق الأوسط طريقها إلى تحليل جرائم الكراهية؟ لأنه كما يشير تقرير AAIF، فإن العنف الموجه ضد العرب الأميركيين يأتي في سياق تاريخي أوسع للعداء الموجه للعرب ومحاولات استبعادهم عن المشاركة في الشؤون العامة.

لقد تغير هذا الوضع بشكل كبير، لحسن الحظ. ففي حين لا يزال العرب الأميركيون عرضة للتشهير، فإنهم لم يعودوا مستبعدين عن التيار السياسي الرئيسي. كما وجدوا من يهب للدفاع عنهم. وعلى الرغم من المخاوف الحقيقية من عملهم في مجالات أخرى، فقد أصبحت وكالات تطبيق القانون أكثر استجابة للتعامل مع جرائم الكراهية ضد العرب الأميركيين.

كلمة أخيرة حول جهود وكالات تطبيق القانون في التصدي لجرائم الكراهية:

على مدى العقود الأربعة الماضية، انتقل أداء هذه الوكالات في معالجة جرائم الكراهية من وضع المؤسف إلى وضع يستحق الثناء. ففي وقت مبكر، كان العرب الأميركيون يترددون في الإبلاغ عن التهديدات بالقتل بسبب سلوك ضباط الأمن.

في عام 1985، ذهبت إلى مدير مكتب التحقيقات الفدرالي مع أكثر من 100 شخصية من العرب الأميركيين في منطقة لوس أنجلوس للشكوى من مضايقات مكتب التحقيقات الفدرالي وعشرات من التهديدات المتعلّقة بالعنف. سألته بشكل واضح: «لماذا تقضون الكثير من الوقت والموارد في مضايقتنا وقليلاً من الوقت في الدفاع عنا؟». بعد بضعة أشهر، قُتل اليكس عودة الذي كان قد أبلغ عن تعرضه للتهديد، بهجوم بالقنابل على مكتبه.

ومنذ الحادي عشر من سبتمبر، تغير الوضع بشكل كبير. وقد أخذ مكتب التحقيقات الفدرالي وقسم الحقوق المدنية التابع لوزارة العدل التهديدات على محمل الجد. وفي حين ما زالت هناك مشاكل، إلا أن عناصر مكتب التحقيقات الفدرالي يقومون بدور كبير في حماية الجالية – حيث يقومون بالتحقيق والملاحقة القضائية ووجهوا الاتهام لأفراد في أكثر من مئة جريمة كراهية.

وفي سياق هذا التقدم الذي تم إحرازه والعمل الذي لا يزال يتعين القيام به، أعتقد أن تقرير AAIF سيكون بمنزلة مورد لا يقدر بثمن لصناع القرار ووكالات تطبيق القانون والمجموعات العرقية المختلفة.

* تنويه:
وجهات النظر والآراء الواردة في هذه المقالة هي آراء المؤلف، ولا تعكس بالضرورة موقف المعهد العربي ـــ الأميركي؛ فالمعهد منظمة غير ربحية وطنية غير حزبية لا تؤيّد المرشحين.

جريدة القبس الكويتية

أضيف بتاريخ :2018/07/12

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد