آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هشام الهبيشان
عن الكاتب :
كاتب وناشط سياسي – الأردن

العراق إلى أين؟


هشام الهبيشان

ما زال العراق الجريح منذ 16 عاماً من غزو التحالف الأميركي الصهيوني وبشراكة من بعض العرب، غارقاً بالفوضى والفساد والصراع الداخلي المدعوم بأجندة خارجية، ولم نر حتى الآن تلك الوعود الأميركية تتحقق والتي وعدت العراقيين بالديمقراطية والرفاهية والاستقرار والأمن إلخ… واليوم بعد 16 عاماً نرى ببساطة تلك الوعود الأميركية تتحقق من خلال حالة رهيبة من الفساد والظلم والقهر والفقر والجوع والتشريد تجتاح العراق.

اليوم، لا يمكن الحديث أبداً عن حلول تجميلية لنتائج وتداعيات الغزو، ولا يمكن كذلك إلقاء اللوم على أميركا وبعض حلفائها الذين شاركوا بمؤامرة إسقاط العراق، فواشنطن تعترف دائماً بشكل مباشر أو غير مباشر أنّ استراتيجيتها للحرب على العراق هدفها تقسيم العراق وإنْ أخفت وأنكرت ونفت هذا الحديث، والسؤال أين كان العراقيون من هذا المشروع الذي يستهدف وطنهم!؟ وهنا طبعاً لأميركا مصلحة خاصة بتقسيم العراق وتفتيته خدمة لمشاريعها التفتيتية التي تخدم بالضرورة المشروع الصهيو ـ أميركي بالمنطقة العربية.

وبالعودة إلى الشق الإنساني بالداخل العراقي وهم الأهمّ ومحور حديثنا هنا، فما زال مسار الصراع على الأرض العراقية منذ 64 عاماً يلقي بظلاله المأساوية والمؤلمة بكلّ تجلياتها على المواطن العراقي المتأثر في شكل مباشر من نتائج الغزو ومساراته الملتوية، فما زالت نار الحرب تضرب بقوة بمجموعها كلّ مقوّمات العيش بحدّه الأدنى للمواطن العراقي وبخاصة بمناطق غرب وشمال غرب وجنوب العراق، والناظر لحال الكثير من العراقيين اليوم داخل وخارج العراق، يعرف حجم المأساة التي يعيشها المواطن العراقي، ففي العراق اليوم هناك مدن بأكملها لا يوجد فيها لا ماء ولا كهرباء ولا حتى طحين، وانْ وجد الطحين يوجد في شكل مقنن ويستفيد منه في شكل واسع ما يسمّى «بتجار الأزمة أو بتجار الحرب العراقيين» لا فرق بذلك كما يقول العراقيون، فهؤلاء هم جزء من الحرب ومن منظومة الحرب في العراق، ولكن بوجوه وصور مختلفة، ومن هنا، فالواضح من حجم الدمار الهائل والخراب والدماء التي دفعها العراقيون كنتيجة لما يجري في العراق منذ 16 عاماً، انّ الخاسر الوحيد منه ومن كلّ ما يجري في العراق هو الشعب العراقي والشعب العراقي فقط.

وهنا يمكن القول إنه من الواضح بعد 16 عاماً من الغزو الأميركي الصهيوني للعراق وبشراكة من بعض العرب أنّ مؤامرة الحرب على العراق قد حققت الكثير من أهدافها للأسف، وهذه الأهداف تعكس بشكل أو بآخر حجم المخططات التي كان من المطلوب تحقيقها في العراق من قبل بعض القوى الإقليمية والدولية، وهي أهداف تتداخل فيها حسابات الواقع المفترض للأحداث الميدانية على الأرض مع الحسابات الأمنية والعسكرية والجيو – سياسية للجغرافيا السياسية العراقية وموازين القوى في الإقليم مع المصالح والاستراتيجيات للقوى الدولية على اختلاف مسمّياتها، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة وأمن «إسرائيل» والطاقة وجملة مواضيع أخرى، وهذا ما يوحي بمسار تعقيد شائك دخله الداخل العراقي.

ختاماً، إنّ تطورات الأحداث في العراق منذ 16 عاماً، تؤكد بما لا يقبل الشك أنّ مسار وتداعيات مؤامرة إسقاط العراق قد انعكس بشكل مباشر على العراقيين وعلى المنطقة العربية والإقليم بمجموعه، والرابح الوحيد هو الكيان الصهيوني، وهنا أودّ أن أطرح سؤالاً ليترك برسم الإجابة عند العراقيين، ومضمون السؤال هنا موجه لكلّ مواطن عراقي على امتداد الجغرافيا العراقية وخارج هذه الجغرافيا، وهو، العراق إلى أين يتجه بعد 16 عاماً من الغزو الأميركي الصهيوني؟ وأين هي وعود الحرية والديمقراطية والرفاهية والأمان والاستقرار التي وعدتكم بها أميركا…

جريدة البناء اللبنانية

أضيف بتاريخ :2019/04/11

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد