دولية

مجلة أمريكية تتحدث عن أساليب إسكات #السعودية معارضيها

 

سلطت مجلة "فانيتي فير" الأمريكية في تحقيق مطول،  الضوء، على الأساليب التي تتبعها السعودية، في إسكات المعارضين والمنشقين في الداخل والخارج.

وأشار أن اغتيال الصحافي السعودي "جمال خاشقجي" في قنصلية بلاده بإسطنبول مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لم يكن حالة استثنائية، حيث كشف التحقيق، كيف أن الرياض حاولت اختطاف مواطنين تعتبرهم أعداء للدولة وترحيلهم إلى وطنهم، وفى بعض الأحيان قتلهم.

بدأ التحقيق، بسرد قصة الأمير "خالد بن فرحان آل سعود"، بمدينة دوسلدورف في ألمانيا، الذي قال إن قوات إنفاذ القانون الألمانية تتواصل معه بشكل روتيني للتأكد من سلامته، مشيرة إلى أن الأمير أثار غضب العائلة في الرياض بمطالبته بحقوق الإنسان، علاوة على هذا فإنه تحدث علنا، وهو ما يعد أمر ليس عاديا من أحد أفراد العائلة، عن رغبته بإنشاء حركة سياسية.
ولفت التحقيق، إلى أن الأمير "خالد بن فرحان آل سعود" تحدث خلال مقابلته مع المجلة عن حادثة وقعت في يونيو/حزيران 2018، عندما اتصلت به أمه، وعرضت عليه العودة وإصلاح ذات البين مع العائلة.

وذكر الأمير، أن والدته التي تعيش في مصر، اتصلت بها السفارة السعودية في القاهرة لتقوم بإقناعه بالعودة مقابل 5.5 مليون دولار أمريكي.

وقالت المجلة، إنه مع أن العرض كان مغريا؛ "لأنه كان يعاني من مشكلات مالية"، إلا أن اتصالاته اللاحقة مع السفارة، أكدت له خطورة قبول العرض، خاصة بعدما قالوا له إن الشرط للحصول على المبلغ هو الحضور إلى قنصلية أو سفارة سعودية.

القصة الثانية التي أوردتها المجلة، كانت للناشط السعودي المقيم في مونتريال في كندا "عمر عبدالعزيز"، الذي كان صديقا لـ"خاشقجي"، وتعاونا معا في عدد من المشاريع، منها نشر تقارير عن مصير المعتقلين السياسيين في السعودية، وإنشاء جيش النحل لمواجهة دعاية الذباب الإلكتروني.

ولفت التحقيق، إلى أن الكاتب التقى "عبدالعزيز" في فندق في مونتريال، حيث استعاد حادثا حصل له في مايو/أيار الماضي، عندما وصل إلى كندا ممثلان عن الديوان الملكي، وكانا يحملان رسالة من "بن سلمان"، وكان معهما شقيق "عبدالعزيز" الأصغر، "أحمد"، وحثوه في عدد من اللقاءات، التي تمت في المقاهي والمتنزهات، على وقف نشاطه وانتقاداته للحكومة والعودة إلى بلاده، وطلبوا منه زيارة السفارة لتجديد جواز سفره.

وذكرت المجلة، أن الرسالة كانت واضحة بأنه "لو استمر في نشاطاته السياسية، فإن عائلته ستكون في خطر"، مشيرة إلى أنه "اكتشف خلال النقاشات أن شقيقه يتعرض للضغوط، فعندما رفض العرض تم اعتقال شقيقه حال عودته إلى السعودية، ولا يزال حتى هذا الوقت في المعتقل".

موضحة أن "عبدالعزيز"، اكتشف بعد شهر من زيارة شقيقه، وأربعة أشهر قبل مقتل "خاشقجي"، أن هاتفه قد اخترق، حيث تمت القرصنة على معلومات حساسة تتعلق بخطط له مع "خاشقجي".

وأشارت إلى أن الحكومة السعودية رفضت الرد على أسئلة تتعلق بـ"عبدالعزيز"، أو بمحاولات اختطاف معارضين آخرين، وكذلك السفارة السعودية في واشنطن، التي لم ترد على عدة طلبات من "فانيتي فير".

أما "يحيى العسيري"، الذي كان يعمل في قسم الإمدادات اللوجستية في سلاح الجو الملكي، ومقره مدينة الطائف، كان هو بطل القصة الثالثة التي أوردها التحقيق.

وقالت المجلة، إن زيارات "العسيري" للأسواق المحلية في القرى القريبة من المدينة الجبلية، فتحت عينيه على حالة الفقر والفساد والتباين في مستويات الحياة في المملكة.

ولفتت إلى أن وعي "العسيري"، ازداد عبر دخوله على منابر الحوار في الإنترنت، التي لم تكن ممنوعة في ذلك الوقت، أي 2008.

وأفادت المجلة بأن العلاقة تطورت من منابر الحوار إلى علاقات شخصية مع أفراد قلقين على الحال في البلاد، حيث كانوا يلتقون سرا في بيوت بعضهم.

وأشار "العسيري"، إلى أن مسؤوله في سلاح الجو عام 2008 الذي دعاه للحضور لمكتبه، حيث سأله عن استخدامه لشبكة الإنترنت، الذي أنكر أنه يعرفها جيدا.

وذكر أن زوجته تلجأ إليها (شبكة الانترنت) أحيانا بحثا عن وصفات للطعام، لكن الضابط أمسك بملف عنوانه "أبو فارس" أرسلته المخابرات التي رصدت منشورات ومقالات ناقدة للحكومة كتبها شخص بكنية مستعارة "أبو فارس" وسأله الضابط: "هل أنت أبو فارس؟".

وأضاف "العسيري"، أنه بعد محاولات اقتنع المسؤول بأن لا علاقة لـ"العسيري" بالملف، لكنه بعد اللقاء بدأ خطته، فاستقال من عمله، وقدم طلبا للتدريب في لندن، وبعد أشهر كان هو وزوجته في بريطانيا.

وذكر التحقيق أن الأمير (خالد بن فرحان) والناشط (عمر بن عبدالعزيز) وضابط الطيران (يحي عسيري) كانوا من المحظوظين، وهم أمثلة عن عدد من المعارضين الذين حاول النظام السعودي تصيدهم أو رشوتهم أو إجبارهم على العودة.

ولفت إلى أن النظام كان في بعض الأحيان يرسل عملاءه إلى الخارج لتصيد المعارضين وإسكاتهم، ومن انتهوا في أيديهم كانوا يعدون من المختفين، فيما هناك من سجنوا ومن لم يسمع عنهم أبدا.

وذكر التحقيق أنه على الرغم من الحادث المعروف والأشهر عن الاختطاف وقع في عام 1979، عندما اختفى معارض للسعودية من بيروت، إلا أن عمليات الاختطاف تزايدت مع وصول "بن سلمان" إلى السلطة.

وأشار إلى أن الأهداف هي من تعتبره القيادة السعودية يمثل خطورة ويعمل ضد مصالح الدولة: معارضين وطلابا وأمراء خارجين ورجال أعمال بارزين، بالإضافة إلى أعداء "بن سلمان" في عدد من الدول، بينها بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وسويسرا وفرنسا والأردن والإمارات العربية المتحدة والكويت والمغرب والصين.

 وبينت المجلة، أن هذا لا يشمل السعوديين في الداخل، الذين طالتهم عملية القمع، ففي أبريل/نيسان 2019، أعدمت السلطات 37 سعوديا، بينهم شاب كان قاصرا وقت اعتقاله.

وأشارت المجلة، أن "بن سلمان"، شن قبل عامين حملة اعتقالات بذريعة مكافحة الفساد، التي طالت أمراء ورجال أعمال ومسؤولين أفرج عن الكثيرين منهم بعد دفعهم أموالا، ولا يزال مصير 64 منهم غير معروف.

وحسب التحقيق، فإن عملية ملاحقة المعارضين للنظام بدأت في معظم الأحوال من خلال مراقبة شبكة الإنترنت، التي لم تكن محلا للرقابة في السعودية، بل نظر إليها الملك السابق "عبدالله" على أنها وسيلة لردم الهوة بين الحكام ومواطنيهم.

وأفاد التحقيق بأنه بعد اغتيال "خاشقجي"، فإنه كشف عن عمليات قامت فيها السعودية بخرق سيادة دول، في محاولة لجلب المعارضين، وهذا كله رغم تصوير الحكومة السعودية عملية قتل وتقطيع "خاشقجي" بالعملية المارقة، مشيرا إلى أن صحفي لوكالة "رويترز" كشف في مقال له عن وثائق تتعلق بجلب المعارضين، بينها وثائق لها علاقة بـ"خاشقجي" تحديدا.

وختمت المجلة تحقيقها المطول بالقول إن "الذين ارتكبوا هذه الجرائم قد لا يقدمون للمحاكمة أو يعاقبون جراء أفعالهم"

أضيف بتاريخ :2019/07/31

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد