آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. جواد الهنداوي
عن الكاتب :
سفير سابق لدى جمهورية العراق

توقعاتنا لسياسة الرئيس بايدن تجاه العراق والمنطقة

 

 د. جواد الهنداوي

خَسِرَ الرئيس ترامب رهانه  بالفوز في ولاية ثانية ،و خسر نتيجة الانتخابات ،ولكنه ربحَ سياسيًا .
لن يكون رئيساً ولكنه سيكون لاعباً سياسياً مهماً في مشهد السياسة الداخلية الامريكية و في وسط حزبه الجمهوري .، وهو ، من الآن يعّدُ العدّه للانتخابات القادمة عام ٢٠٢٤ .
لن يكون رئيساً ،ولكنه سيكون زعمياً لحزبه الجمهوري
و قائداً لمناصيره  مِنْ المتعصبين والمتطرفين والعنصريين والجماعات المسلحة وهم يشكلون نسبة لايستهان بها من الشعب الامريكي .
كَسبَ  الرئيس ترامب ٦٨ مليون صوت ،اكثر ب ٥ ملايين صوت من ما حَصِلَ عليه في انتخابات عام ٢٠١٦ ،
و حقّق زيادة في نسبة ناخبيه في عام ٢٠١٦ : من السود بمعدل ١٢٪؜ ، و من اقليات امريكا اللاتينية بنسبة ٣٢٪؜ ، ومن المسلمين بنسبة ٤٪؜ .
نجحَ الرئيس ترامب في تهيئة ارضية سياسية خصبة لعمله و دوره القادم ،كسياسي وليس كرئيس ؛ ميليشيات مسلحة تبايعه الولاء المطلق  ،انقسام قيمي و معنوي في المجتمع الامريكي ، تطعيم العمل الحزبي والسياسي في امريكا بممارسات غير ديمقراطية و النيل من سمعة المؤسسات الدستورية و الإجراءات الانتخابية واستخدام مفردات و مفاهيم غريبة على العمل السياسي الامريكي
،كقوله بانَّ السحر  و الجنْ و العرّافين الأفارقة و سائل أثّرتْ على نتائج الانتخابات !
لن يكْ الرئيس ترامب كأسلافه الذين سبقوه بدوره رئاسية واحده ( الرئيس فورد عام ١٩٧٦، وكارتر عام ١٩٨٠ ، و جورج بوش الأب عام ١٩٩٢ ) حين تلاشوا و اختتموا عملهم الحزبي والسياسي بعد رئاستهم ، الرئيس ترامب سيواصل عمله الحزبي والسياسي وسيكون ندّاً سياسياً قوياً للرئيس بايدن ،معتمداً على عامليّن : الأول هو سوء الواقع السياسي الذي صنعه ، و العامل الثاني هو بعض المؤسسات الدستورية التي لا تزال تحت سيطرة الجمهوريين ؛ مجلس الشيوخ و المحكمة الاتحادية العليا .
         الرئيس الجديد بايدن سيستعين ،هو الآخر ، بالقضاء لكبح جماح وبلطجة ترامب إنْ تمادى في سوء افعالهِ تجاه الرئاسة الجديدة : يستطيع الرئيس بايدن تفعيل ملفات فساد و استغلال وابتزاز جنسي ،أُثيرت على الرئيس ترامب في عهد رئاستهِ ، وتم غلقها او غض النظر عنها .
        المشهد السياسي في العراق بفوضويته وبديمقراطيته ،و الذي جاءَ بولادة  و برعاية احتلالية و أعتدائية امريكية ، نقلَ  او أعادَ ، على ما يبدوا ،عدواه وأمراضه ،الى الوالد والراعي ! مَنْ كان يتوقّع ظهور ما يقارب ١٢٧ مجموعة او ميليشية مسّلحة في امريكا تدعم وتطالب بإبقاء الرئيس ترامب ! نتوقع ان يواجه الرئيس بايدن مظاهرات مستمرة يقودها القائد ترامب باسم الديمقراطية ولكن بهدف الفوضى وتقويض السلطة .
ستصبح السياسة الخارجية للولايات المتحدة و مواقفها تجاه الدول اكثر عقلانية و دبلوماسية و قابلة للتنبؤ ، و مصدر  للثقة و الاطمئنان .
لن اتحدث عن أيهما الأفضل لمصالح العراق و المنطقة ( ترامب ام بايدن ) ، وانما أقول أيهما ” الاسوء و أيهما الأقل سوءاً  ” .
سيكون العراق ،في ظل الرئاسة القادمة ، اكثر استقلالاً سياسياً و اقتصادياً ، على الأقل سيتحرر من منطق البلطجة و التهديد و التوجيه ، و سيّتيّتم أولئك الذين تعودوا على العمالة لأمريكا وحلفائها ، و ستنحسر موجة التظاهرات المشبوهة و المدعومة ، و ستتعزز إرادة الشعب نحو مطالب اقتصادية وسياسية وطنية .
سيكون نفوذ امريكا في العراق و في المنطقة من خلال علاقات دبلوماسية و دولية و وفقاً  للقانون الدولي والشرعية الدولية ، وليس من خلال ابتزاز و أملاءات مصدرها أفراد من عائلة ترامب ،هواة في السياسة و الدبلوماسية .
لن يبادر بايدن الى نفخ الروح في مشروع تقسيم العراق ، ولكن ستأتي المبادرة لذلك من مكونات و تكتلات و في بادئ الامر ، نحو أقلمة او فدرلة جغرافية العراق . لن يتجه العراق نحو التطبيع ، وانما سيتجه نحو اقلّمة لا تختلف سياسياً وجغرافياً عن التقسيم .
لم يسترْ الرئيس القادم ( بايدن ) أمتعاضه من سياسات المملكة العربية السعودية ، و وصفها ( بالمملكة المنبوذة ) ، و في جعبته ملفات ،ليس في صالحها، منها ملف اغتيال وتقطيع خاشقجي ،ملف قانون جاستا ، ملف حرب اليمن ، ملف حقوق الانسان .
ستعيش المملكة في حيرة ، وستنشغل بما سيقوم به وسيتخذه الرئيس بايدن ، لاسيما الرئيس الأسبق اوباما و نائبه بايدن لم ينسيا ما قامت به المملكة تجاههما خلال و بعد انتهاء مهامهما الرئاسيّة .
كذلك جمهورية مصر العربية ،حيث وصفَ الرئيس القادم ( بايدن ) ، نظام الحكم في مصر بالنظام الديكتاتوري .
لم يخفْ جون بايدن تأييده لإقامة دولة فلسطينية و وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ، سيعطي للفلسطينيين حق المشاركة في تقرير مصيرهم ،والتي صادرها الرئيس ترامب وحلفاءه اسرائيل و بعض الأشقاء العرب . ولكن هل سيتوحّد الفلسطينيون ام سيتنافسون على مَنْ هو الذي سيتحدث عن مصيرهم في المحافل الدولية ؟
ستتحرر المنطقة من إملاءات و مشاريع صفقة القرن ، وستهتم اسرائيل بعلاقاتها الجديدة مع دول الخليج اكثر من اهتمامها في مواجهة ايران و حزب الله . لن تجد اسرائيل أذن صاغية لتحريضها الدولي ضد ايران و حزب الله .
اعتقد بانسحاب امريكي من سوريا ، وخاصة من منطقة الآبار النفطية . من المُعيب على امريكا الاستمرار في سرقة دولية و مفضوحة لنفط سوريا . كان الامر هيناً و مقبولاً عند الرئيس ترامب ، ولكن لا اظنُ كذلك عند الرئيس القادم .
قدوم بايدن للرئاسة ستكون مناسبة لأمريكا بانهاء حرب اليمن ، وسترضخ المملكة لهذا الخيار و ستعتبره بادره ايجابية من جانبها باتجاه الرئيس الجديد و مناسبة للتراضي وتقليل الضرر .
ستتفاوض ايران مع امريكا سّراً او علناً ، والهدف هو عودة امريكا الى الاتفاق النووي وإلغاء العقوبات ، وستكون المفاوضات شكلّية وكمُبرر لهذه العودة . ستقّدم ايران ، وبمساعدة الدول اعضاء مجلس الامن و الاتحاد الاوربي ، السّلم كي يستطيع الرئيس القادم استخدامه للعودة الى الاتفاق النووي .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2020/11/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد