التقارير

#تقرير_خاص : الحرب في #أوكرانيا.. صمت أمريكي مدفوع الثمن

 

رائد الماجد...

لا يمكننا أن نفصل بين ما يحدث في أوكرانيا وعدد من العوامل التي جاءت قبل هذا الحدث الذي يعيد الحرب إلى القارة العجوز، والبداية كان من موقف محايد وغير متوقع من الحكومة الروسية حيال دعم تركيا لأذربيجان في هجومها على مناطق في أرمينيا، لتكتفي موسكو بلعب دور "حفظ السلام"، بعد أن خسرت أرمينيا جزءاً من أراضيها لصالح أذربيجان التي دُعمت بعسكرة تركية للمشهد.

العامل الثاني هو أفغانستان، والحدث الذي لم يكن مفسراً بالمطلق حينما تخلت الإدارة الأمريكية عن حلفائها الليبراليين الجدد هناك، لتفسح المجال أمام طالبان الحركة المتطرفة الإسلامية، للتقدم والسيطرة على بلاد كان الاتحاد السوفيتي قد خاض فيها حرباً لحماية أمنها القومي، وبرغم خطورة أن تعود هذه الحركة لحكم دولة جارة لروسيا بما يهدد أمنها القومي فعلاً، إلا أنها لم تذهب نحو تصعيد سياسي أو عسكري، ربما كانت تجمع نقاطاً لها تمهيداً لاستغلال فرصة تاريخية لاستعادة أوكرانيا بما تمثله من أهمية سياسية وعسكرية واقتصادية لموسكو.

لم تذهب أنقرة نحو إغلاق المضائق البحرية (البوسفور والدردنيل)، بخلاف التوقعات التي كان تسود على أن أي هجوم من موسكو على أوكرانيا سيدفع "رجب جيب أردوغان"، نحو منح شركائه في حلف شمال الأطلسي ورقة القوة التي لعبت بها تركيا في حروب سابقة مع روسيا، فالرئيس التركي قبض ثمن حياده سلفاً، وما يصدره من تصريحات لا يختلف عما صدر عن أعضاء الناتو الذين اكتفوا بالإدانات والعقوبات الاقتصادية والسياسية على روسيا التي لن تؤتي ثمارها قبل شهرين على الأقل، وهي مدة كافية بالنسبة لروسيا لإتمام عملها العسكري ومن ثم التفاوض وإنهاء الحدث الأوكراني، والخروج منتصرة بما يسمح برفت العقوبات عنها، ما سيجعل حصيلة مواقف أوروبا وأمريكا هو صفر على أرض الواقع، فواشنطن قبضت أيضاً ثمن حيادها عسكرياً حينما اتخذت موسكو موقفاً مشابها في أفغانستان.

الجمهوريتان المستقلتان حديثاً عن أوكرانيا كانتا مركزاً للصناعات الفضائية الروسية، كما أن أوكرانيا كانت واحدة من مراكز الصناعات العسكرية الأساسية الروسية وعلى رأس القائمة الدبابات، يضاف إلى ذلك دفئها النسبي قياساً على بقية المدن الروسية، وبالتالي إنتاج زراعي مختلف تماماً ومكمل للإنتاج الروسي، وبذلك يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعمل على إتمام سلسلة الحروب الضرورية لإعادة الهيبة الروسية، بعد حرب الشيشان ومن ثم جورجيا، ناهيك عن ضرورة التدخل في سوريا لحماية مصالح روسيا في البحر المتوسط بما يضمن وصول موسكو للمياه الدافئة.

الحرب في أوكرانيا لا تختلف في أهدافها عن الحروب الروسية في سنوات صعود بوتين سلم القوة، ولا يمكن إلا أن تكون تايون هدفاً للصين بما يؤمنها من التمدد الأمريكي في أقصى شرق آسيا، وهذه الحروب تشبه تماماً ما حدث في عشرينات القرن الماضي من صراع على تقاسم النفوذ وطرق التجارة ومصادر الطاقة والثروات في العالم بين القوى الفاعلة، ونهاية الفوضى في الشرق الأوسط، وشرق أوروبا، وشرق آسيا ستكون بتفاهمات ترسم خارطة الاقتصاد بشكل يرضي الكبار.

أضيف بتاريخ :2022/02/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد