التقارير

#تقرير_خاص : #ابن_سلمان يحتجز حلفائه.. هل تدرج هذه العادة بالموروث السعودي في السلطة؟

رائد الماجد...

هل تحتجز السعودية عبد ربه منصور هادي؟ سؤال طرحته صحيفة وول ستريت جورنال وأكدت على أن السلطات “السعودية” وضعت هادي تحت الإقامة الجبرية وقيّدت اتصالاته.

ما تكشف عنه الصحيفة الأميركية على لسان مسؤولين “سعوديين” ويمنيين، يأتي بعد أيام من إعلان هادي تنحيه وتأليفه مجلس رئاسي. تنحٍ أُجبر عليه هادي بعد تهديده بنشر أدلة على تورطه بقضايا فساد في حال عدم تفويض صلاحياته إلى المجلس الجديد. لكن مسؤولا سعوديا آخر يصف ما جرى تشجيع من الرياض لهادي على الاستقالة لأن فصائل يمنية مختلفة فقدت الثقة في قدرته على قيادة البلاد.

وما بين مسؤول سعوديّ يؤكد وآخر ينفي، تكثر النماذج التي تشبه هادي ليس في الدور فقط، بل بالمصير أيضاً.

وفي هذا الإطار يبرز التساؤل عن محددات هذا الاحتجاز وما يراد منه سعودياً خاصة بعد أن تم عزل هادي وتغييبه عن المشهد.

مما لا شك فيه أن عبد ربه منصور هادي كان مشروع حرب بعد أن صنعت منه أداة طيّعة لتنفيذ سياسات بن سلمان العدوانية، باعتبار وجوده ضرورة لاستمرار الحرب طمعا بالقدرة على تغيير المشهد السياسي في اليمن. أما بعد أن نالت الرياض نصيبها من الضربات التي أصابت عمقها واتخذت قرارا بضرورة إعادة الحسابات وانهاء الحرب، بات عزل هادي خطوة أولى في المسار، الذي لا يعني بالضرورة السلام إطلاقا.

ثمَّة اتفاق شبه عام على أن الحرب التي شُنَّت في اليمن بقيادة “السعودية” قد فشلت في تحقيق أهدافها بعد 7 سنوات من انطلاقها. فهذه الحرب لم تؤدِّ إلى هزيمة “أنصار الله”، ولا عودة الرئيس غير الشرعي اليمني وحكومته إلى صنعاء أو إلى عدن، كما أنها قد تسببت في أكبر أزمة إنسانية في العصر الحديث، بحسب تصنيف الأمم المتحدة. إضافة إلى ذلك، فقد خلَّفت مئات الآلاف من الضحايا الذين لقوا حتفهم في ساحات المعارك، أو تُوفُّوا بشكل غير مباشر جرَّاءها، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعلى الجانب الآخر، كلَّفت هذه الحرب “السعوديةَ” خسائرَ بشرية من جنودها وسكانها، كما تكبدت والإمارات العربية المتحدة خسائر اقتصادية كبيرة، وتعرض الكيانان، ولاسيما “السعودية”، إلى هجمات بالصواريخ والطائرات المسيَّرة كان من أخطرها الهجمات التي طالت منشآت شركة أرامكو، في 14 سبتمبر/أيلول 2019. إلى جانب ذلك، وُجِّهَت “للسعودية” والإمارات الانتقادات من الكثير من الدول، ومن المنظمات الحقوقية، ومن وسائل الإعلام، بسبب الحرب على اليمن، وقامت بعض الدول بحظر كليٍّ أو جزئيٍّ على توريد الأسلحة للبلدين؛ ما مثَّل ضغوطًا كبيرة عليهما لإيقاف الحرب، وصاحب ذلك انتقادات من أطراف محلية وخارجية لأداء سلطة هادي وعدم فاعليتها.

ونتيجة لكل ذلك، قررت “السعودية” والإمارات، كما اتضح لاحقًا، تحريك المياه الراكدة في الملف اليمني وتغيير تفاصيل المشهد، ومن ذلك إحداث هذا التغيير الذي أُعلن عنه في مؤسسة “الرئاسة”. ولإحداث هذا التغيير فإن الأمر تطلب توفير غطاء سياسي يُضفي على العملية ما يوحي بالشرعية السياسية. ولهذا الغرض، جرت الدعوة من قِبَل الأمين العام لمجس التعالون الخليجي، في 17 مارس/آذار 2022، لمشاورات سياسية في مقر الأمانة العامة في الرياض لجميع الأطراف اليمنية، رفض أنصار الله حضورها لكونها أتت من جهة مسؤولة عن العدوان والمآسي في اليمن، كما رفض عدد آخر من المدعويين الحضور أو انسحبوا بعد أن تبيّنت عمق الخلافات والتحكم السعودي بمسار المفاوضات.

وبالعودة إلى المجلس الرئاسي فإنه يتشكَّل من أطراف ذات أجندات متناقضة، خاض بعضها صراعات عنيفة ضد بعض في الماضي، ولهذا فإنَّ من المتوقع أن يغيب الانسجام داخل المجلس وتبرز الخلافات إلى السطح في المستقبل المنظور.

علاوة على ذلك، يعتبر المشروع الانفصالي، أهم مشكلة تواجه المجلس، فالعاصمة “المؤقتة”، عدن، وبعض المحافظات الجنوبية تحت السيطرة العسكرية والأمنية للانفصاليين، ونجاح المجلس يتطلب أن تعمل مؤسسات الدولة المزعومة بحرية من عدن، وهو ما يستدعي أن تكون القوات الأمنية والعسكرية تحت إمرة “الحكومة” وليس القوى الانفصالية، ومن المتوقع أن يرفض هؤلاء التخلي عن سيطرتهم ودمج قواتهم ضمن قوات تتبع الحكومة.

سياسة النكث بالحلفاء..هادي ليس وحيداً

أعاد مصير عبد ربه منصور هادي الحديث عن مصير “حلفاء” السعودية، بعد انتهاء مدة صلاحيتهم، ودفع إلى الواجهة من جديد ما كان قد لاقاه رئيس الحكومة اللبناني السابق سعد الحريري في العام 2017 وإجباره على الاستقالة بعد اختطافه، إذ أتى ذلك بعد أن “طفح كيلهم” من مجارات الحريري لحزب الله كما ومحاولات التنسيق بعيدا عن توجيهاتهم الصارمة في المواجهة وتأليب الداخل اللبناني بفتنة طائفية.

لم تشفع محاولات الحريري لتركيب وساطات غربية وإقليمية في  إحياء الرضى “السعودي”، بل كان محمد بن سلمان صارما في قراره عزل الحريري وإعلان موته السياسي، وقد تمثل الأمر في عزوف الأخير عن خوض الانتخابات النيابية المنتظرة في مايو/ أيار القادم كما خسارة استثماراته في الرياض واسطنبول وباريس.

ولم تنحصر سياسة الاحتجاز بالحلفاء، بل كان قد دشنها مع ابن عمه محمد بن نايف، الذي لفتت التقارير عن احتجازه في مكان إقامته وعن تعرضه لانتكاسة صحية ومنع الدواء عنه.

وفي لائحة تطول، احتجز ابن سلمان في العام 2017 رجال أعمال “سعوديين” تحت ذريعة مكافحة الفساد، فيما السبب الحقيقي يكمن في عدم ولائهم للحاكم بأمره.

وفي محاولة لفهم دوافع سياسات محمد بن سلمان الانتقامية، لا بدّ وتحليل الأمر من زاوية نفسية وتبيان حالة الغطرسة التي يوسم بها بن سلمان، إلى جانب رغبته في طمس أي مستقبل سياسي للمغضوب عليهم واثبات أنه قادر على وضع نهاية لأي حكاية مهما كانت جذورها صلبة.

أضيف بتاريخ :2022/04/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد