آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
زكي أبو السعود
عن الكاتب :
بكالوريوس في القانون الدولي، ودبلوم علوم مصرفية. مصرفي سابق، تولى عدة مناصب تنفيذية، آخرها المدير العام الإقليمي لبنك ساب في المنطقة الشرقية، كاتب وناشط اجتماعي.

جريمة محاسن - الأحساء

 

زكي أبو السعود

الجريمة الجديدة التي ارتكبت اليوم  في أحد مساجد حي محاسن بالأحساء لا تختلف عن سابقاتها من الأعمال الإرهابية السوداء التي شهدتها البلاد في أكثر من موقع ، نفس السيناريو  ونفس التكتيك،  ونفس العقلية والتبرير الأيدلوجي . المختلف ليس جوهريا ،  ما تغير فقط هو الموقع والشخص  الذي نفذ الجريمة . مجرم تجرد من كل المشاعر والأحاسيس الإنسانية، ينفذ ما طلب منه أسياده ومحركيه  الذين يسعدون ويتراقصون فرحاً عندما تمتلئ أرض المسجد بدم الأبرياء وبأشلاء الشهداء والجرحى.

أي دين هذا الذي أباح لهم ما يفعلون ؟ أي فكر هذا الذي سول لهم ما يقومون به من عمل غادر جبان . أي شجاعة أو بطولة تلك حينما تقتل أناسا ليسوا بجنود أو حاملي سلاح ؟ .

لقد كتبت وكتب وقاله غيري من قبل ، وسأكرره كما سيكرر قوله آخرون، هذه الأعمال لن تتوقف ،ليس لأن القبضة الأمنية ضعيفة ، وإنما البيئة الحاضنة التي أنجبت من قبلهم لم تتغير ولم تمسها القبضة الأمنية . أنه الفكر نفسه الذي يسمح لهم بالتكاثر كما تتكاثر الجرذان والذباب  في الخرائب القذرة وأماكن القمامة النتنة .

أنها نفس السياسة التي ترفض الآخر بل وتحاربه وتقمعه حينما يختلف معها في الرأي وفي القراءة ، أنها تلك البيئة التي تحاصر الإنسان في حريته ، وتمنعه من نيل  حقوقه والتمتع بها بما في ذلك حرية الرأي والعقيدة  . أنها تلك العقلية التي تسمي المرأة عاراً، والمخالف كافراً ، وناشد الحق والعدالة مجرماً. أنها تلك الخطب والأقاويل والمقابلات الإذاعية  والبرامج التلفزيونية ، التي يباح لها دون حسيب أو رقيب أن تشتم  الطوائف الأخرى وتلقي عليها اللعنات والسباب  ، و لها الحق فيما تقول  ، والمعترض عليها مشاغب  ملعون.

لقد سئم الناس من كثر ما كتب حول هذه البيئة الحاضنة وهذه السياسة التي لا تريد أن تتغير، ولم يعد يقنعهم بيان إدانة واستنكار ووعيد يجف حبره  بعد حين.

لا شك أن طريق محاربة هذا الفكر الرجعي الظلامي  طويل وشاق، ولكن البدء فيه ليس  بعسير، أو مستحيل  . فحينما تتوفر الإرادة السياسية والأخلاقية وتصدق النيات وتعم الشفافية ويحارب الفساد  وتحترم حقوق الإنسان والطوائف  والأقليات ، حينها يمكن جعل هذه البيئة عقيمة لا تنجب ولا تفقس ، حينها ستنجح القبضة الأمنية في محاصرة هؤلاء الإرهابيين القائلين والفاعلين.

المجد والخلود للشهداء الأبرار ونسأل الله أن يمن على الجرحى بالشفاء العاجل ، وأن يلهم ذوي الشهداء الصبر  والسلوان على فقدانهم. أنه رؤوف رحيم.

أضيف بتاريخ :2016/02/02

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد