آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
حسن أحمد فتيحي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

الوصاية على الشعب أم الديموقراطية؟!

 

يورد الكثير من الفلاسفة أن مبدأ الوصاية على الشعب متفوق على مبدأ الديموقراطية (أو حكم الشعب لنفسه)، وذلك لأن الحكم يستلزم الكثير من الفهم والمعرفة التي لا تتوفر إلاَّ عند المتخصصين، أمّا بالنسبة للشعب فقد لا يعرف ما في صالحه ممّا في عداه.

فمن فجر التاريخ كانت الحكومات موجهة من قبل طبقات أو فئات محددة دون طبقات، أو فئات الشعب الأخرى، ويعتبر مبدأ الوصاية من أهم المبادئ المناوئة للديموقراطية.. ويتعذر أصحاب مبدأ الوصاية بأن الأطفال، وناقصي العقل تتوجب الوصاية عليهم، ولكن لم يتوقف حد الوصاية هناك، ولا يمتد حتى يصل إلى وصاية الطبقات العليا علمًا وفهمًا على من دونهم عقلاً ورجاحة.

ولكن العلم النظري، في رأي Robert Dahl في كتابه Democracy and its Critics. أو الديموقراطية وناقدوها، لا يكفي لإدارة الجماهير، فكل إنسان أدرى بمصالحه، وثمن جمع المعلومات عن مصالح كل شخص لأخذ القرار بالنيابة عنه مكلف وباهظ لدرجة الاستحالة على أي دولة أو حكومة.

وكذلك يطرح نفسه التساؤل: مَن يحل الخلاف بين الأوصياء إذا ما استفحل على الأوصياء أنفسهم حل خلافاتهم؟ ومن يضع أسس وقوانين فض الخلاف في هذه الحالة؟ هل نعود إلى رأي الأغلبية من الشعب في صناديق الاقتراع - أي الديموقراطية؟ إذا كان هذا الحاصل فستعود العجلة أدراجها لتكون الديموقراطية خيرًا من برنامج الوصاية أيًّا كان.. فالقوة المطلقة تؤدّي إلى فساد مطلق كما قال لورد أكتون، فليس من الحكمة ترك الزعامة للأوصياء مهما بلغت حكمتهم.

أمّا العلم المطلوب للحكم فلا يستند على أسس موضوعية، بل تتعدد فيه الآراء، وتتضح بعد تضاد ونقاش يحدد فيه الشعب وجهته، ودون هذا التضاد والنقاش يصعب أن يؤطر الأوصياء أين يريد أن يقع الشعب في أمور أخلاقية مثلاً، أمّا إذا قرر الأوصياء للشعب فسيصعب تحفيز الشعب ليفعلوا ما تمليه عليهم إرادة الأوصياء.

وقد أرانا التاريخ أن أسوأ الحكومات كانت تلك التي يصعد فيها الأوصياء فوق رؤوس الأتباع، كما يقول مؤلف الكتاب أعلاه، ويتعذر درء الخطأ في دولة الأوصياء؛ لأن الشعب لن يجد حلاً لهذه الأخطاء الواردة في أي نظام سوى الثورة التي يخسر فيها الجميع، أمّا الديموقراطية فتسمح بالتضاد، والتبديل المرن بما يخدم مصالح الجميع كما يراه الجميع.

 

الكاتب: حسن فتيحي

صحيفة المدينة.

أضيف بتاريخ :2015/10/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد