آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

تهمة «جمع التبرعات» ومشاريع «تجهيز الغزاة»

 

هاني الفردان ..

يدور الجدل حاليّاً في البحرين، حول القضية المرفوعة ضد الشيخ عيسى قاسم وآخرين بتهمة جمع الأموال بغير ترخيص، وغسل الأموال بإجراء عمليات على تلك الأموال لإخفاء مصدرها ولإضفاء المشروعية عليها على خلاف الحقيقة.

 

تحدثنا كثيراً عن عمليات جمع أموال وتبرعات كانت علنية ومعلناً عنها، وكانت خلافاً للقانون، وكانت تشوبها جرائم حقيقية ارتبطت بتهريب أموال إلى الخارج ودعم جماعات مسلحة، خلافاً للقانون، وعلى رغم علنية تلك القضية، لم يحرك أحد دعوى قضائية ضد المتورطين فيها رغم علانيتهم، بل إعلانهم بكل وضوح عن ذلك.

 

في يوم الثلثاء (17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) برأتني المحكمة الكبرى الجنائية الأولى من الدعوى المرفوعة من نائب برلماني ضدي بشأن قضية ما يعرف بـ «تجهيز غزاة».

 

المحكمة ذكرت في حيثيات حكمها أن النائب البرلماني الذي وصفته بـ «المجني عليه» أو «الشاكي» «ظهر في الفيديو في مؤتمر صحافي بصفته نائباً ببرلمان مملكة البحرين وعلى رغم ذلك كان يرتدي البزَّة العسكرية مع أحد قيادات المعارضة السورية وخلفهما أسلحة، وهو يتحدث باسم الشعب البحريني بمساهمتهم في تجهيز جماعات المعارضة السورية للقتال بسورية، وأنه في يوم (6 أغسطس/ آب 2012)، نشر المجني عليه عبر «تويتر» عبارة عن صورة علق عليها بوفد مملكة البحرين والمكون منه ومن 3 نواب ينتمون إلى جمعيته السياسية وكانوا يحملون أسلحة وهم يشاركون في مؤتمر صحافي مع قائد المعارضة سالف الذكر، وفي هذه التغريدة أكد أن التبرعات ضمن مشروع تجهيز غازٍ مستشهداً بحديث الرسول (ص): «من جهز غازياً فقد غزا».

 

وتابعت المحكمة في حيثيات حكمها أن «المعارض المذكور (المعارض السوري) أكد أن المشروع البحريني قام بتجهيز أكثر من 85 رجلاً مقاتلاً».

 

وأكدت المحكمة أيضاً أن النائب لا ينكر تلك المعلومات «وكان موقناً أن ما ينشره لا يخالف القانون ويؤكد أنَّ التبرعات للدعم المسلح لهذه المعارضة (...)، وأن جمعيته (جمعية النائب) لم تحصل على ترخيص بجمع التبرعات ومن ثم أرسلها باسم الشعب البحريني».

 

هل ينتهج بحرينيون خيار الدعم المسلح لجماعات معارضة ضد دول أجنبية من خلال جمع تبرعات محلية، هذا الحديث طرحناه كثيراً من قبل، كان الأمر متعلقاً بسورية بعد أن تفاخر نواب بمشاريع «تجهيز غازٍ» وجمع الأموال خلافاً للقانون لدعم جماعات مسلحة هناك حتى تغيرت الأوضاع والمواقف السياسية، وتبرأوا من ذلك المشروع المسلح إلى مشروع يواكب المرحلة الجديدة والمتغيرات السياسية وهو «حملة الجسد الواحد».

 

المحكمة الكبرى الجنائية، وثَّقت ذلك الحدث، وأكدت صحة وقوعه، وعدم نكران أحد الضالعين فيه (نائب برلماني)، وهو ما يُعدُّ جريمة ومخالفة للقانون، ومع ذلك لم يحاسب أحد أولئك على ما فعلوه؟! ولم تحرك أي دعوى قضائية ضدهم! ولم يتهموا بجمع المال خلافاً للقانون، أو دعم جماعات مسلحة خلافاً للقانون، أو إخراج أموال من البلاد خلافاً للقانون أيضاً!

 

على مدى سنوات مضت شهدنا تبرعات خلافاً للقانون، وجمع أموال باسم الدين وفي المساجد، ودعم مشاريع «تجهيز غزاة»، وانتشار فيديوهات لمقاتلين سوريين وغيرهم يشكرون شخصيات بحرينية على دعمهم بالمال.

 

الجميع الآن يتحدثون عن ضرورة محاسبة كل من يجمع المال دون ترخيص، وعن مكافحة غسل الأموال، لكن لا أحد يتكلم أبداً عن مشاريع تجهيز غزاة، والأموال التي جمعت خلافاً للقانون، وأخرجت من البلاد بطرق غير شرعية وعلنية، والدعم العلني لمجاميع مسلحة في بلد عربي.

 

المشرع البحريني عرف النقل غير المشروع للأموال عبر الحدود بـ: «فعل إجرامي يرتكبه أي شخص طبيعي أو اعتباري بأية وسيلة كانت، مباشرة أو غير مباشرة، بنقل الأموال عبر الحدود الدولية، إذا لم يفصح عنها بالمخالفة لنظام الإفصاح أو كان النقل بغرض غسل الأموال أو تمويل الإرهاب».

 

والسؤال إلى الجهات المعنية وكل جهة مسئولة، لماذا لم تحرك أية دعوى قضائية ضد من جمع أموالاً خلافاً للقانون تحت مسمى «تجهيز غزاة»؟ هل الشعب البحريني يتبرع لدعم مجهود حربي وجماعة مسلحة منشقة على حكومة عربية؟ وأينكم ممن جمع هذه التبرعات؟ وكيف أخرجت من البلاد؟ ولماذا لم تتحركوا لمعرفة كل ذلك في حال عدم معرفتكم به؟ حدث تضليل واضح وبين للرأي العام وشعب البحرين، من أن تلك الأموال كانت لدعم الشعب السوري الجريح، وليس لجماعة مسلحة، متجاهلة ذلك المقطع المصور الذي بث في كل مكان لمؤتمر صحافي شارك فيه رئيس وأعضاء جمعية «سياسية»، مع قائد جماعة مسلحة في العمق السوري، والذي أكد أن التبرعات كانت في أساسها ضمن مشروع أسماه بـ «تجهيز غازٍ» مستشهداً بحديث النبي (ص) والذي قال «من جهز غازياً فقد غزا»، في تأكيد واضح منه على أن التبرعات كانت للدعم المسلح، أضف إلى ذلك ما قاله القائد السوري العسكري من أن المشروع البحريني «تجهيز غازٍ» قام بتجهيز «غزاة»، أكثر من 85 رجلاً، مع ثلاث مشافٍ ميدانية. (وليفسر كل مسئول غض البصر عن القضية معنى كلمة غازٍ وغزاة وما المقصود منها)، وخصوصاً أن المحكمة ثبتت تلك الحادثة بشكل دقيق وواضح.

 

والسؤال، أليس القانون مطبقاً على الجميع بلا تمييز، وبلا خطوط حمراء، فلماذا لم يطبق القانون على أولئك، على رغم علنية ما قاموا به من جمع تبرعات لدعم جماعات مسلحة!

 

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/08/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد