آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

كان يا ما كان هناك مؤسسة لحقوق الإنسان

 

هاني الفردان ..

أنشئت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بموجب أمر ملكي رقم (46) لسنة 2009، وعدل بأمر ملكي آخر رقم (28) لسنة 2012، وصدر قانون إنشاء المؤسسة في (24 يوليو/ تموز 2014)، والذي بموجبه تمحورت مهام المؤسسة حول تعزيز وتنمية حقوق الإنسان والعمل على ترسيخ قيمها ونشر الوعي بها، بحيث تكون تلك المؤسسة متوافقة مع مبادئ باريس المنظمة لعمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان

.

بحسب أدبيات المؤسسة، فإن مهامها تتمحور حول تعزيز وحماية حقوق الإنسان، والعمل على ترسيخ قيمها ونشر الوعي بها، وضمان الإسهام في ممارستها بكل حرية واستقلالية، حيث اعتمدت (المؤسسة) مبادئ باريس المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية في تعزيز وحماية حقوق الإنسان - المعتمدة من الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار رقم (134/48) الصادر في (20 ديسمبر/ كانون الأول 1993) - مرجعاً قانونياً في إنشاء المؤسسة الوطنية.

 

فعليّاً يمكن قياس أثر المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان منذ العام 2013، وخصوصاً أنه العام الذي أصدرت بشأنه أول تقريريها الحقوقيين، (التقرير الثاني عن العام 2014) ولم يصدر بعد تقريرها الثالث بشأن العام 2015 رغم مرور ثمانية أشهر على انتهاء ذلك العام.

 

بين التقريرين، كان واضحاً أن التقرير الأول صدر بمحتوى قوي، فيما تأخر إصدار التقرير السنوي وكان «ركيكاً» وضعيفاً، وكان واضحاً أيضاً أن قوة التقرير الأول كانت من أجل مخاطبة المجتمع الدولي، وإثبات الاستقلالية من خلال انتقاد الوضع الحقوقي في البحرين بشكل لافت وقوي جداً، إلا أن تلك المحاولة لم تستطع الثبات كثيراً فتراجع الأداء بـ «ضغوط» في التقرير الثاني.

 

في (يونيو/ حزيران 2016) فقدت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان حلمها في نيل الاعتمادية الدولية بتصنيف عال بدرجة (أ)، وذلك بعد أن صنفت المفوضية السامية لحقوق الإنسان المؤسسة البحرينية بدرجة (ب) لتعتبر غير ممتثلة بشكل كامل لمبادئ باريس. إخفاق المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في الاختبار والاعتمادية الدولية، يكمن في عدم انسجامها مع ما يعرف بـ «مبادئ باريس»، والتي تشترط بشكل رئيسي مبدأ «الاستقلالية» في عمل المؤسسات الحقوقية. إثبات الاستقلالية هو الشغل الشاغل الذي شغل حيزاً كبيراً جداً من عمل المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين، فكانت تلك معركتها لإثبات ذلك، حتى أنها أجبرت أحد أعضائها في (مايو/ أيار 2014) على الاستقالة من منصبه في المؤسسة؛ وذلك لكونه موظفاً بإحدى الجهات الحكومية. ردة فعل «سلبية» حصلت داخل أروقة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بشأن رفض إعطائها الاعتمادية الدولية، فانعزلت قيادتها عن الحديث، وعجزت عن اختيار أمين عام لها رغم استمرار مقعد الأمين العام للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، شاغراً لأكثر من 16 شهراً، وهي المدة المنقضية على استقالة الأمين العام السابق أحمد فرحان المستقيل في (مارس/ آذار 2015).

 

نعتقد ان السبب الرئيسي وراء تأخر شغل منصب أمين عام للمؤسسة، هو عدم القدرة على صد «التأثيرات والتوصيات» لفرض شخصيات معينة، رغم إعلان المؤسسة أنها من خلال إعلانها الخاص بالمنصب والمنشور على موقعها الإلكتروني، هو تأكيد حرصها على مبدأ الشفافية في التعامل مع آلية اختيار الأمين العام الجديد.

 

من أكبر الإخفاقات التي شهدتها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، هي حالات الصمت التي كانت تدخلها في مرحلة مهمة جدّاً في تاريخ حقوق الإنسان في البحرين، فليس خافياً على أحد موقف المؤسسة مما حدث في (مارس) و(إبريل/ نيسان 2011)، حيث عجزت المؤسسة عن أداء الدور الحقيقي المطلوب من مثل هذه المؤسسات وفقاً لمبادئ باريس، فهي كانت غائبة عن رصد الانتهاكات، وعن إدانتها، بل كان بعض أعضائها يؤيدون ما حدث، حتى جاءت لجنة تقصي الحقائق وتقرير بسيوني ليكشف بعضاً مما حدث. بعد العام 2012 حاولت المؤسسة بتشكيلتها الجديدة الخروج من تلك الحالة، فأصدرت تقريرها الأول «المثقل» بالانتهاكات والانتقادات للجهات الرسمية، وهو ما أدى إلى خلق ردة فعل «عنيفة وخفية» ضد المؤسسة تلمست نتائجها في «ضعف» تقريرها الثاني.

 

بعد فشل المؤسسة في نيل الاعتمادية الدولية، عادت من جديد لحالتها السابقة و«الصمت» بشأن الكثير من القضايا الحساسة المتعلقة بحقوق الإنسان، بل انقلبت بقياداتها على المواقف المعلنة للمؤسسة، وعلى سبيل المثال نشر صور المتهمين، فبينما المؤسسة تدين ذلك بكل وضوح، فإن رئيس المؤسسة عبدالعزيز أبل صرح في صحيفة محلية (21 مايو/ أيار 2016) مؤكداً أن «نشر صور المتهمين قانوني بعد استئذان النيابة»، على رغم مخالفة ذلك الدستور البحريني والقوانين والأعراف الدولية!

 

تخيل أن البحرين تعيش حاليّاً قضية كبرى سياسية وحقوقية تتمثل بما يحدث في منطقة الدراز، ومنذ أكثر من 70 يوماً، فيما لم تتطرق المؤسسة إلى هذه القضية حتى ببيان واحد، فيما ترفض حتى الحديث عن ذلك أو الإجابة على أسئلة الصحافيين بشأن رؤيتها في تضييق الخناق على المواطنين أو قطع خدمات الإنترنت وغيرهما.

 

بعد فشل المؤسسة في نيل الاعتمادية الدولية، ودخولها لعالم «الصراعات الخفي» و«الصمت المرحلي»، يمكن التأكيد بأن هذه المؤسسة أصبحت في خبر كان.

 

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/09/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد