آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

قبل جنيف... نصائح مهمة

 

هاني الفردان ..

 توجه وفد برلماني بحريني إلى جنيف للالتقاء بالمفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد، على هامش اجتماعات الدورة الثالثة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والتي تعقد في الفترة من 13 إلى 30 سبتمبر/ أيلول الجاري.

 

الوفد البرلماني البحريني يترأسه النائب الأول لرئيس مجلس النواب علي العرادي ويضم كلاً من النواب: مجيد العصفور، جلال كاظم وإبراهيم الحمادي.

 

يقال إن الوفد البرلماني «يسعى» لتفعيل الدبلوماسية البرلمانية ومقابلة عدد من الأطراف المعنية بمجلس حقوق الإنسان الدولي، وممثلي المنظمات الحقوقية الدولية؛ لنقل «المعلومات الصحيحة وتوضيح حقيقة أوضاع حقوق الإنسان في البحرين».

 

الدبلوماسية البحرينية كانت واضحة بشأن علاقتها بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان، حتى وصف وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة مجلس حقوق الإنسان بـ «المسيس»، عندما قال: «لن نلتفت للحظة واحدة لأي صوت يحاول أن يبتزنا من الخارج أو يحاول أن يدفعنا لاتخاذ خطوة معينة من الخارج، وخصوصاً من مجلس حقوق الإنسان، لأننا نعلم بكمية التسييس في هذا المجلس»، وذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الخارجية بمناسبة زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط إلى البحرين، يوم الاثنين (29 أغسطس/ آب 2016).

 

خلال السنوات الماضية، لم تكن الجهات الرسمية راضية أبداً عمّا يحدث في أروقة مجلس حقوق الإنسان، وما يقال هناك عن الوضع الحقوقي في البحرين، في ظل تزايد الانتقادات، ولذلك كانت ردة الفعل الرسمية واضحة باتهامها مجلس حقوق الإنسان بـ «التسييس».

 

ومع ذلك، مازالت وفود برلمانية في كل عام تتجه إلى جنيف لعقد جولات وصولات في قاعات وأروقة مجلس حقوق الإنسان، يعلم الجميع بحتمية فشلها كونها غير قادرة على تغيير واقع ملموس يدركه الجميع.

 

فماذا سيقول الوفد البرلماني البحريني عندما يُسأل عن الوفد الأهلي وغيابه، وعن جملة أحداث وقضايا تشهدها البحرين يعلم بها الجميع، وماذا سيقول عن شكاوى سوء المعاملة التي توثقها جهات رسمية وليست المعارضة؟، وماذا عساه أن يرد على أسباب عدم السماح للمقررين الدوليين بزيارة البحرين، مادام كل شيء فيها بخير!

 

مازلت أذكر نصيحة وجهتها شخصية مقربة من الحكومة تحدثت بصراحة عن حجم الوفود الرسمية التي ترسلها إلى جنيف لحضور جلسات مجلس حقوق الإنسان، فمنهم من له حاجة، ومنهم من يأخذها رحلةً للاستجمام «على نفقة الدولة»، وبعضهم يكونون مقربين للحصول على رحلة «مجانية»!

 

الوفود البرلمانية السابقة لم تكف عن تصريحاتها، وتأكيداتها وجزمها بتفهم جميع دول العالم حقيقة ما يجري في البحرين! وأن الصورة أصبحت لهم واضحةً وضوح قرص الشمس في وضح النهار، وأن مهمتهم المكوكية دائماً ناجحة، حتى تصدر بيانات الدول وتصريحات مسئولي حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لتقول عكس ذلك!

 

المسئول الحكومي السابق شغل منصباً رفيعاً في وزارة شئون حقوق الإنسان وكان عضواً في لجان دولية حقوقية، دعا بصراحة الوفود البرلمانية البحرينية التي تتواجد في جنيف للمشاركة في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان في ذلك الوقت للعودة، قائلاً عبر حسابه الخاص بـ «تويتر»: «نطالب بعودة الوفد البرلماني فوراً حتى لا يؤثر تواجده على جهود الزملاء بوزارة الخارجية والجهات المعنية»! وأكّد أن «مصلحة البحرين أهم من المصالح الفردية والانتخابية»، مشيراً إلى أن «المفاوضات لن يجريها نواب وشوريون بل تكون من قبل دبلوماسيين، لذا فلا حاجة لبرلمانيين».

 

هي النصيحة الأولى، إلى الحكومة، فلا داعي لإرسال وفد برلماني إلى جنيف، مهمته «الاستجمام» فقط، «على نفقة الدولة» طبعاً، والقيام بدعايات شخصية، وقول ما لا يعكس الحقيقة والواقع، ولن يغير من قناعات أحد، فما عجزت عنه الدبلوماسية السياسية، لن ينجح فيه نواب حتى وإن كانوا محسوبين على طائفة!

المسئول الحكومي السابق رأى أن وجود وفد برلماني كبير من البحرين في جنيف سيعيد تكرار خطأ الولايات المتحدة في لجنة حقوق الإنسان قبل عدة سنوات، عندما أرسلت ثلاثة من أعضاء الكونغرس لإقناع أعضاء لجنة حقوق الإنسان للتصويت مع قرار كوبا وكانت النتيجة الفشل، لاعتقاد مجلس حقوق الإنسان أن واشنطن كانت «خائفة»!

 

دول عديدة في مجلس حقوق الإنسان تلمّست حقيقة الخوف، عندما أرسلت وفوداً رسمية بحرينية في إحدى المرات لحضور جلسات مجلس حقوق الإنسان فاق تعدادها 100 شخص بمن فيهم «السوّاق» والنواب!

 

من بين النصائح المهمة أيضاً، لا داعي لإرسال وفود ضخمة، تعكس حالة الخوف الشديد من مثل هذه الجلسات، فكم هو سيئ أن تجد صورةً رسميةً لاجتماع وفد حكومي بحريني مع وفد لإحدى الدول الغربية، وخلال اللقاء يجلس أكثر من 10 أشخاص ضمن الوفد البحريني في قبال شخصين من الطرف الآخر فقط لإقناعهم بـ «حقيقة ما يحدث في البحرين»، في قبال منع الكثير من النشطاء والحقوقيين من السفر!

 

خير الكلام ما قلّ ودلّ، وأفضله ما هو مقرونٌ بأفعال بعيداً عن الانفعال، فالعالم قرية كونية صغيرة جداً أصبحت فيه الحقائق تنتقل بلمح البصر من دون الحاجة إلى شركات علاقات عامة تدفع لها الملايين من الموازنة العامة لـ «تحسين الصورة»، أو وفود وموازنات مجنونة، التي قد تنسفها تغريدة واحدة لمواطن جالس في بيته، يروي قصته ومعاناته على أرض الواقع.

 

نصائح ليست من معارضة، بل من مسئولين رسميين يصنّفون نعيدها من جديد، تعكس حقيقة ما يحدث وقد يتكرّر الأمر من جديد في أروقة مجلس حقوق الإنسان بجنيف، ليعيد الإخفاقات السابقة ذاتها بسبب النصائح السيئة.

 

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/09/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد