آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

الفاشلون في الجغرافية فاشلون في السياسة

 

هاني الفردان ..

البحرين مملكة أرخبيلية تتكون من 33 جزيرة طبيعية، والكثير من الجزر الصناعية تقع في الخليج العربي، جنوب غرب آسيا. وبلغ إجمالي مساحة البحرين 934.57 كيلومتراً مربّعاً، بعد أن كانت 765.3 كيلومتراً مربّعاً في العام 2012، وذلك وفق المخطط الهيكلي الاستراتيجي لمملكة البحرين (المُحدث)، ضمن المرسوم رقم (36) لسنة 2016 الصادر في 11 مايو/ أيار 2016.

 

تعد مملكة البحرين أصغر دولة عربية من حيث المساحة. وتعد البحرين بلداً سهلياً حيث تغطي السهول جميع سواحلها وجزرها، ومناخ البحرين صحراوي حار بسبب وقوع البحرين قرب خط الاستواء.

 

أعلى قمة في البحرين هي تلة «جبل الدخان» بارتفاع 134 متراً، وتأتي في المرتبة قبل الأخيرة في الوطن العربي لأعلى قمة والمرتبة 228 من بين دول العالم، وأخفض نقطة في البحرين هي مستوى سطح البحر. وتخلو طبيعة البحرين من الأنهار والجبال والغابات، وأغلب أراضيها صحراء.

 

باختصار شديد، هذه هي طبيعة البحرين الجغرافية التي يتم تدريسها في المراحل المدرسية للطلاب، ومجمل شعب البحرين يعي أن البحرين تعد من أصغر دول العالم مساحة، وهي من الأمور البديهية لدى الطلبة في المدرسة.

 

من لا يعي جغرافية البحرين الطبيعية، لن يعي جغرافية البحرين السياسية، ومن لا يعي حجم البحرين الجغرافي الطبيعي لن يفهم حجم البحرين السياسي، فلذلك الفاشلون في جغرافية بلدهم وحجمها الطبيعي فاشلون في فهم سياستها واحتياجات شعبها.

 

هل يتخيّل أحد أن «مساحة البحرين الإجمالية تزيد عن 700 ألف كيلومتر مربع»! فمن يقول ذلك هم فاشلون جغرافياً، ولذلك من الصعب عليهم فهم طبيعة البلاد وتكوينها وترابط شعبها، كون مساحة البلاد الصغيرة لا تتجاوز 934 كيلومتراً مربعاً فقط، وهذا الحجم الصغير للبلاد يصعب عليه تحمل كل تلك الإشكاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، والتي تحتم وجود مبادرات حقيقية تخرج بهذا البلد الصغير جداً من أزماته الكبيرة جداً.

 

تخيّل عزيزي القارئ أن هناك من يقول أن مساحة البحرين تعدل 700 ألف كيلومتر مربع! فهي بذلك تقترب من حجم تركيا (780 ألف كيلومتر مربع)، أو المغرب (711 ألف كيلومتر مربع مع احتساب الصحراء الغربية)، وقس على ذلك، فمع حجم المغرب الحقيقي والكبير جغرافياً إلا أنها شهدت مبادرات أنقذتها من توترات سياسية قبل سنوات.

 

حتى على مستوى الحديث عن القانون وتطبيقه، فالحديث المرسل عام، ولكن ما يهمنا، هل من يتحدث عن تطبيق القانون يعي ذلك القانون ويفهمه ويدركه، أم مجرد كلمات وشعارات تنطلق هنا وهناك.

 

من يتهم الآخرين اليوم بتزييف الحقائق، هو الذي يدأب في كل حين على تزييفها، ففي العرف العام، تعتبر الأحزاب السياسية مؤشراً على التعددية السياسية وإمكانية التداول السلمي للسلطة إذا سمح لها بالعمل العلني والتنافس الانتخابي فيما بينها، للحصول على غالبية مقاعد البرلمان وتشكيل الحكومات. وعلى مدى السنوات الماضية، سعى البعض إلى الترويج لأمور كثيرة، في حقيقة الأمر هي غير موجودة على أرض الواقع، من بينها أن البحرين بها «أحزاب سياسية»!

 

هناك من يتحدّث في منتديات ثقافية وسياسية خارج البحرين أن لدينا دستوراً ينصّ على وجود الأحزاب السياسية، وأن في البحرين «قانوناً للأحزاب السياسية»، بل إن بها 13 حزباً سياسياً! (قبل حل الوفاق وتصفيتها قضائياً).

 

من لم يفهم طبيعة البحرين الجغرافية والسياسية يقع في أخطاء قاتلة تكشف خواءه السياسي، لذلك تجدهم يعيدون ويكرّرون الحديث دائماً عن وجود «أحزاب» سياسية في البحرين، بل يتفاخرون بأن «البحرين هي الدولة الوحيدة في منظومة مجلس التعاون الخليجي التي دستورها يسمح بتأسيس الأحزاب»!

 

الكل يعلم في البحرين وخارجها أن القانون يمنع منعاً باتاً تشكيل أحزاب سياسية، وينص القانون البحريني على مفردة «جمعيات سياسية»، ولذلك أكد وزير العدل والشئون الإسلامية في 22 يناير/ كانون الثاني 2008 أنه «لا يجوز للجمعيات تغيير مسمياتها إلى أحزاب»!

 

وزير العدل أيضاً قبل سبعة أعوام، أكّد في تصريحات له أن «الدستور تحدث عن جمعيات ولم يتحدث عن أحزاب، والقانون قال جمعيات ولم يقل أحزاباً، وعليه نحن ملتزمون بما أورده القانون فهي جمعيات وليست أحزاباً».

 

هذا هو الموقف الرسمي المعروف للجميع، ولكن مازال هناك من هو غير قادر على التمييز بين «الجمعيات» و«الأحزاب» السياسية، وغير مدرك أن حجم البحرين الجغرافي لا يتجاوز 934 كيلومتراً مربعاً، وليس كما يدعون بأنها تزيد عن700.000 كيلومتر مربع!

 

حجم البحرين الصغير جداً جغرافياً، يحتم وجود «مبادرات عملية» تنقذ البلاد، لكن المؤسف أن العمل السياسي في البحرين حالياً هو في أدنى مستوياته منذ العام 2002 وحتى الآن. وأن ذلك غيّب حتى دور الجمعيات السياسية التي كانت فاعلة ونشطة ولها مواقفها، بل عمل على حل بعضها وضرب حتى معارضتها، بسبب جهل البعض لطبيعة البلاد وأبسط المعلومات عنها، حتى مساحتها الجغرافية وتركيبة شعبها!

 

نتمنى أن نصل إلى مرحلة يكون فيها العمل السياسي فاعلاً وقوياً ومؤثراً وبمبادرات عملية، رغم وجود الأصوات المنادية لإعاقة ذلك التحول لتحقيق مصالح مادية وشخصية يدركها الجميع على حساب هذا البلد وشعبه.

 

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/09/28

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد