آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

«بدعة جديدة»... زيارة المآتم «سياسة»!

 

هاني الفردان ..

عودتنا الجهات الرسمية، على فترات ليست متباعدة أن تتحفنا بكل ما هو جديد من القرارات، وتأويلات، وتفسيرات، تطرحها على أنها قواعد قانونية، ومخالفتها يوجب التنوية ولفت الانتباه، وحتى الإنذار عليها.

 

آخر الصيحات، هو ما كشف عنه القيادي في جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) يوسف الخاجة، عبر حسابه في «تويتر»، من أن «وعد» تسلمت خطاباً من وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، بمخالفتها قانون الجمعيات لزيارة بعض من قيادتها المآتم في عاشوراء، مشيراً إلى أن الوزارة اعتبرت ذلك ممارسة نشاط سياسي!

 

مبرر وزارة العدل في خطابها لجمعية «وعد» هو «مخالفة قانون الجمعيات، ولكن ما هو نص المادة التي استندت عليها الوزارة في خطابها؟ وما هي مخالفة قيادات «وعد» في زيارتهم المآتم في موسم عاشوراء وتقديمهم التعازي للأهالي بمناسبة ذكرى عاشوراء.

 

من الواضح أن الوزارة لجأت في خطابها لجمعية «وعد» لنص المادة السادسة البند (و) من الفقرة (4) من قانون رقم (34) لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (26) لسنة 2005 بشأن الجمعيات السياسية، والتي نصت على «عدم استخدام مؤسسات الدولة والمؤسسات العامة ودور العبادة والشعائر الدينية والمؤسسات التعليمية لممارسة نشاطها». (نشاطها تعود على الجمعية).

 

المادة التي اعتقد أنها تم اللجوء لها من قبل وزارة العدل، هي مستحدثة، فيما كانت المادة الأصل في قانون الجمعيات السياسية لسنة 2005، نص على «عدم استخدام مؤسسات الدولة والمؤسسات العامة ودور العبادة والمؤسسات التعليمية لممارسة نشاطها»، وأن التعديل كان بإضافة «والشعائر الدينية».

 

المادة أزعم أنها واضحة في وصف «استخدام» أن تستخدم الجمعية السياسية تلك المؤسسات سواء كانت رسمية أو عامة أو دور عبادة أو شعائر أو تعليمية في ممارسة نشاطها، وفعالياتها، لا أن تزورها أو أن تقوم قياداتها وشخصياتها بزيارة تلك المؤسسات سواء كانت عامة أو غيرها بحسب ما نص عليه القانون.

 

كعادة القوانين في البحرين فيها «مطاطية» يمكن تأويلها وتوجيهها كيفما تريد الجهات الرسمية، فتطبقها هنا، وتتجاوز عنها هناك، بحسب ميول الجمعية السياسية وقربها منها أو بعدها عنها، فقد تذهب تلك الجهات للتأويل بأن القصد من «الاستخدام» هو الترويج لنشاط الجمعية مثلاً، بنظرها فإن هذا التفسير «سطحي» جداً.

 

من الواضح أن وزارة العدل خلطت وبشكل كبير جداً بين نشاط الجمعية السياسية، وبين نشاط قيادات الجمعيات السياسية، الذين من حقهم الطبيعي التنقل وزيارة المؤسسات العامة والخاصة والمساجد ودور العبادة.

 

فماذا لو ذهب 3 من قيادة جمعية «موالية» للصلاة جماعة في أحد المساجد، فهل سيعتبر ذهابهم للصلاة كونهم 3 من قيادات جمعية سياسية، استغلالا لدور العبادة وممارسة نشاط سياسي، ربما يكون الأخذ بمثل الصلاة أمرا صعبا تقبله، ولكن ماذا لو قامت قيادات جمعية سياسية بزيارة مريض في مستشفى عام للاطمئنان على صحته، ماذا لو ذهبت قيادات جمعيات سياسية للتنزه في حديقة عامة أو استخدموا مرفقاً عاماً كالمطار للسفر وغيرها، فهل ستعتبر وزارة العدل ذلك النشاط سياسياً ومحاولة للترويج السياسي للجمعية واستخداماً للمؤسسات العامة كالمستشفيات والحدائق والمطارات، وسيوجه لجمعيتهم خطاب رسمي يحذرها من تكرار مثل تلك الزيارة!

 

هل سيصدر قرار جديد، يحظر على أعضاء الجمعيات السياسية، زيارة المؤسسات العامة لأي هدف، والمؤسسات التعليمية، ودور العبادة وغيرها من شعائر دينية، كونهم يحملون صفة «قيادات سياسية»؟!

 

بحسب التفسير العام فإنه أصبح محظورا على قيادات الجمعيات السياسية استخدام مؤسسات الدولة والمؤسسات العامة ودور العبادة والشعائر الدينية والمؤسسات التعليمية، كون الجهات الرسيمة ستعتبر ذلك الاستخدام توظيفاً سياسياً لصالح الجمعية التي ينتمون لها!

 

التفسير المنطقي للنص القانوني السابق، هو قيام الجمعية باستخدام تلك المؤسسات العامة والرسمية والتعليمية ودور العبادة والشعائر الدينية في إقامة فعالياتها وأنشطتها وبرامجها وفي نشاطها السياسي، وليس استخدام قياداتها كونهم بشراً يستخدمون تلك المؤسسات كحق طبيعي.

 

ونعيد ونذكر وزارة العدل بأن تطبيق القانون يجب أن يطال الجميع دون «تمييز»، فهناك جمعيات سياسية، ورؤساء لها استخدموا دور العبادة للتوظيف السياسي، وللاعتصام والتجمهر والخطب السياسية، ولم يطلهم شيء، ولم يسألهم أحد عن ذلك.

 

فعلى سبيل المثال فقط لا الحصر، فإن جمعيات سياسية ونواباً دعوا وشاركوا في اعتصام أمام مسجد حمد علي كانو بالمحرق، وبعد صلاة الجمعة (مارس/ آذار 2014) حدث استغلال للمسجد ولصلاة الجمعة وللمصلين، بل واعتلى رئيس جمعية سياسية منصة الاعتصام وتحدّث في الشأن السياسي المحلي، وتدخّل أيضاً في الشأن السياسي الخارجي لدولة «صديقة»، رغم أنه وجّه من منصته دعوةً لدول أخرى بعدم التدخل في شأن البحرين السياسي، ومع ذلك لم يلفت نظرهم أحد للمخالفات الكثيرة التي وقعت بالجملة في ذلك الاعتصام!

 

المقاربة البسيطة، أن قيادات «وعد» زارت مآتم للتعزية، دون أي حديث سياسي أو نقاش أو حتى فعل سياسي، بينما كانت هناك جمعيات سياسية تمارس نشاطاً سياسياً وتستخدم دور العبادة في نشاطها خلافاً للقانون، ولم يفعل لها شيء، على رغم أن مخالفتها واضحة لقانون الجمعيات السياسية كون المُستخدمُ دار عبادة، يحظر استغلاله في أي نشاط سياسي من أي نوع كان.

 

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/10/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد