آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

«العفو الدولية» وسياساتها «الانتقائية وغير الدقيقة»!


هاني الفردان ..

أثار تقرير منظمة العفو الدولية عن البحرين الصادر يوم الإثنين (21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016)، وذلك بالتزامن مع الذكرى الخامسة لإطلاق تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، حفيظة الجهات الرسمية، فكان الرد عليه مباشرة من قبل الأمانة العامة للتظلمات، ولاحقاً بأيام من قبل وزارة الخارجية (23 نوفمبر 2016).

وزارة الخارجية البحرينية أعربت عن رفضها ما تضمنه التقرير المعنون بـ «تجميل شكلي أم تغيير جذري؟ تقييم أداء هيئات الرقابة على حقوق الإنسان في البحرين»، قائلة إنه «اتسم بعدم دقة وانتقائية واجتراء يفضحه التناقض الواضح بين ما ذكره من ادعاءات، وإشارته، على سبيل المثال، إلى استقلالية الأمانة العامة للتظلمات».

كما انتقدت وزارة الخارجية تشكيك المنظمة الدولية في استقلالية المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان و«دورها الفاعل»، مستندة إلى «القانون الصادر بإنشائها والذي أكد على استقلاليتها، وكأن واضعي التقرير لم يقرأوا التقريرين الأول والثاني للمؤسسة».

منظمة العفو الدولية انتقدت بوضوح الأمانة العامة للتظلمات التي اعتبرتها تابعة إلى وزارة الداخلية، ووحدة التحقيق الخاصة التي اعتبرتها تابعة إلى النيابة العامة، وقالت إنها «وجدت أوجه قصور خطيرة في عمل مؤسستين تدعمهما بريطانيا، وتستشهد السلطات البحرينية والبريطانية بعملهما كدليل على التقدم في مجال احترام حقوق الإنسان» (ذلك بحسب ما ورد في تقرير المنظمة).

ولكن هل صحيح أن منظمة العفو الدولية استندت في تقييمها أداء هيئات الرقابة على حقوق الإنسان في البحرين على آراء أحادية مثلاً، أو أنها لم تكن دقيقة ولا منصفة، أم أنها انتقائية؟

بالعودة إلى رد وزارة الخارجية، فإنها استشهدت بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وتقريريها (الأول والثاني) لإثبات استقلاليتها، ومن خلال ذلك الاستشهاد، سننطلق في رؤية الحقيقة.

منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 حتى يومنا هذا، كل المسئولين في البلاد لا يتحدثون إلا عن النموذج الديمقراطي للبلاد، والنقلة النوعية التي حققتها على صعيد حقوق الإنسان، حتى طلب من العالم بأسره «التعلم» من التجربة البحرينية.

لتقرير المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان الأول لعام 2013، وهو «تقرير رسمي» بحسب وصف رئيس المؤسسة الذي أكد أن «المؤسسة جهة رسمية مستقلة»، وجهة نظر مختلفة بشأن وحدة التحقيق الخاصة، إذ رأى أنها «لا ترقى إلى الاستقلالية والحياد المنشودين بما يضمن القيام بتحقيقات فاعلة».

وبيَّن التقرير أن «إسناد التحقيق في مزاعم التعذيب وغيرها من سائر ضروب سوء المعاملة إلى النيابة العامة، قد لا يتناغم مع كونها جهة تباشر التحقيق مع فرد يجمع بين صفة «المتهم» بارتكاب أفعال مجرمة قانوناً، وبين صفة «المجني عليه» كضحية تعرض للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة».

ما جاء في تقرير منظمة العفو الدولية، لم يكن يختلف كثيراً عما سبقته إليه المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، بل أرى أن تقرير المؤسسة كان أشد انتقاداً من تقرير «العفو الدولية»، وخصوصاً أنه وجه نقداً لاذعاً إلى السلطة التنفيذية والقضائية، بشأن وحدة التحقيق الخاصة، ومتسائلة وبشكل غير مباشر «كيف يمكن أن يكون التحقيق من قبل طرف هو الخصم والحكم في آن واحد»!

بخصوص محاكمات المسئولين عن التعذيب، فإن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في تقريرها الأول، ذهبت إلى ما ذهبت إليه تقارير معتمدة رسميا أكدت أنه «لم يتم التحقيق على نحو كاف في حالات التعذيب والوفاة تحت التعذيب، ولم يحاكم المسئولون عن ذلك على نحو كافٍ. ولم يكن هناك سوى محاكمتين وإدانة واحدة والتي جاءت ضئيلة جدًا جدًا ومتواضعة جدًا»، وهو تقريباً ذات الحديث الذي أعادته منظمة العفو الدولية» حديثاً .

أما بخصوص الأمانة العامة للتظلمات، فلم يكن تشكيك «العفو الدولية» في استقلاليتها حالة فريدة من نوعها، بل أيضاً سبقتها كذلك المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان التي تشهد وزارة الخارجية بـ«استقلاليتها»، إذ أكد التقرير الأول لتلك المؤسسة (الفقرة 17 الصفحة 45) أن «أداة التعيين في الأمانة العامة للتظلمات لا تحقق الاستقلالية المطلوبة، لمغبة الوقوع في أي تعارض للمصالح بين الجهة المعنية بحماية الحق في السلامة الجسدية والمعنوية وبين المشكو ضدهم»، بل رأت المؤسسة «ضرورة العمل على اتخاذ الإجراءات التي تضمن الاستقلالية الفاعلة في الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية.

الحديث عن عدم «دقة» أو «انتقائية» في تقرير «العفو الدولية» واتهامه بـ«التناقض»... لا ينسجم مع ما تعتقده المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والتي سيكون لنا حديث بشأنها هي الأخرى قريباً.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/11/26

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد