آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

الضريبة على دخلك مقبلة!


هاني الفردان ..

تستعدُّ البحرين ودول الخليج إلى التوقيع النهائي على ضريبة القيمة المضافة والسلع الانتقائية، إذ وضع وزراء المالية لدول الخليج العربي الترتيبات النهائية لآلية التطبيق خلال اجتماعهم الذي عُقد الخميس 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 في مدينة الرياض، على أن تدخل حيز التنفيذ بحلول العام 2018.

ذلك الاستعداد كان مقروناً أيضاً بحديث عن نوع جديد من الضرائب، وهي ضريبة الدخل، والتي من الممكن أن تصبح حقيقة واقعة بحلول العام 2020، في البحرين ومنطقة الخليج.

الحديث عن الضرائب في البحرين ومنطقة الخليج أصبح أمراً طبيعيّاً، وذلك بعد أزمة انخفاض أسعار النفط منذ منتصف العام 2014، وبلوغها مستويات لم تشهدها من قبل.

خبراء اقتصاديون عادوا لفتح ملف فرض الضرائب؛ ليس فقط على الشركات؛ بل حتى على الأفراد وبشكل مباشر بهدف تفادي العجوزات المالية، في وقت بلغ فيه الدين العام مرحلة «الخطر».

ذلك الحديث لم يكن جديداً، هو كان علنيّاً من قبل الحكومة منذ (أغسطس/ آب 2011) عندما أشار وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، في تصريحات لصحيفة «واشنطن تايمز»، إلى أن «البحرينيين لديهم كل شيء: انخفاض معدل التضخم والبطالة، والمساكن والرعاية الطبية ورسوم التعليم الجامعي مجاناً، وخصومات على الغاز والأطعمة والمرافق العامة (مثل الكهرباء)، وقريباً يمكن أن يضاف لها شيء آخر وهو الضرائب».

الضريبة على الدخل ضريبة مباشرة تفرضها الدولة على الأفراد والمؤسسات الذين يحصلون على حدٍّ أدنى من الدخل خلال السنة، وتُقتطع من جميع أصناف الدخل من أجور وأرباح مهنية أو عقارية، وتؤدى الضريبة للدولة بشكل سنوي، إما بمبادرة من المواطنين الخاضعين لها الذين يتوجهون إلى مصالح الإدارة الضريبية للتصريح بمداخيلهم وأداء ما بذمتهم، أو يتم اقتطاعها من المنبع، كما هو معمول به في بعض البلدان.

الجميع مؤمن بأن البلد في «مأزق» مالي واضح وجلي، ولا يمكن نكرانه أو الهروب منه، أو حتى الحديث عن أن الوضع المالي للبلاد «آمن»، والدليل على ذلك هو دعوة اللجنة الوزارية للشئون المالية وضبط الإنفاق، بحسب وثيقة رسمية قبل شهرين، الوزارات والجهات الحكومية إلى البدء في إجراءات إعداد الموازنة العامة للدولة للسنوات المالية 2017 - 2020، إذ طالبت اللجنة الجهات الرسمية بالانتباه إلى ما تواجهه المالية العامة للدولة من تحديات كبيرة تتمثل في الارتفاع المستمر في عجز الموازنة العامة للدولة؛ نتيجة انخفاض أسعار النفط، واستمرار ارتفاع الدين العام إلى مستويات عالية تتجاوز المعدلات المقبولة دوليّاً!

البحرين تواجه تحديات صعبة منذ بدء أزمة انخفاض أسعار النفط، وبدا ذلك واضحاً عندما هبط متوسط سعر النفط عن 45 دولاراً للبرميل، إذ إن الإيرادات عند هذا السعر لن تكون كافيةً لتغطية بند رواتب الموظفين والعاملين في القطاع الحكومي، إلا من خلال المزيد من الاقتراض، وتقليص النفقات، وفرض رسوم جديدة، ولذلك فهي تستهدف معالجة استفحال العجز في الموازنة والذي اتسع العام الماضي إلى نحو 1.6 مليار دينار، من خلال تعديل أو فرض رسوم على الخدمات الحكومية.

لجنة ضبط الإنفاق التي شكلت حديثاً، أعلنت أنها تنوي «تحقيق مبدأ استرداد التكلفة الفعلية مقابل استفادة الأفراد والشركات من الخدمات الحكومية»، في حين شكلت لجان لتخفيض النفقات في المصروفات المتكررة، والتي تمخض عنها انخفاض 30 في المئة من نفقات الصيانة في 40 وزارة وجهة حكومية.

الحكومة، على علم بأن المزيد من الاقتراض وارتفاع الدين العام الذي بلغ معدلاً «خطيراً»، والاتجاه نحو تعميقه بمثابة «الانتحار» الاقتصادي، وبالتالي فإن الحديث عن فرض ضرائب مباشرة أو غير مباشرة على الأفراد لن يكون «خياليّاً»، بل هو أقرب إلى الواقع، بل حقيقة في ظل توجه رسمي واضح للبحث عن مصادر دخل جديدة يمكن من خلالها تقليص ولو جزئيّاً حالة العجز في الموازنة الذي هو الآخر بدأ في التفاقم، والحد من ارتفاع الدين العام غير المقبول دوليّاً، حتى صنفت البحرين ائتمانيّاً بدرجة «عالي المخاطر» بعد التراجع من -BBB إلى BB بسبب تدهور أسعار النفط في السوق العالمية.

ما نقرأه حديثاً عن فرض ضرائب (ضريبة القيمة المضافة أو ضريبة الدخل)، أو فرض وتعديل رسوم الخدمات، أو غيرهما، يأتي في ظل غياب الخيارات الرسمية للحد من الأزمة المالية، فلم يبقَ أمام الحكومة حاليّاً إلا الخيار الثالث والوحيد، وهو زيادة الاعتماد على إيرادات الرسوم والضرائب والخدمات، وهو التوجه الرسمي الحالي والواضح.

السعودية أعلنت أنها ستطبق ضريبة الدخل على المقيمين خلال السنوات الأربع المقبلة، لتشمل المقيمين العاملين في القطاعين العام والخاص، فليس غريباً أن نجد النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو (خبير اقتصادي أيضاً) يتحدث عن أن «ضريبة الدخل» يمكن أن تصبح حقيقة في البحرين أيضاً بحلول العام 2020.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/12/05

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد