آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي سعد الموسى
عن الكاتب :
- دكتوراه في الأسلوبية والنقد الاجتماعي للغة من جامعة أسكس. - بكالوريوس في الآداب من جامعة الملك سعود بأبها. - ماجستير في اللغويات النظرية من جامعة كلورادو.

استقيلوا يرحمكم الله


علي سعد الموسى ..

تقول الطرفة إن العزيز الصديق، زياد بن عبدالله الدريس، مندوب المملكة لدى منظمة اليونيسكو، تقدم إماماً للصلاة برتل من كبار التنفيذيين السعوديين ذات زمن مضى، وعندما نظر إلى الصف من خلفه قبل تكبيرة الإحرام قال لهم: استقيلوا يرحمكم الله. كل ما فعله زياد الدريس هو تغيير "الميم" إلى "اللام"، ولازال الإمام حياً يرزق في باريس، وعليه تأكيد أو نفي صحة الحادثة. تبدأ القصة لدي عطفاً على هوايتي في قراءة كتب السيرة الذاتية وخصوصاً للمشاهير، وأيضاً ما يقع تحت نظري حينما أتصفح المواقع المتخصصة وعلى رأسها "ويكيبيديا". خذ مثلاً أنني قرات لأحدهم في غلاف أحد كتبه انتقالاته خلال عشرين عاماً ما بين سبعة مناصب تقترب من العيار الثقيل ولكنها لم تلامسه أو تصل إليه. ومن المفارقة أنه كان يستقيل ويترك المنصب الواحد تماماً لفترة قصيرة ثم ما يلبث أن يعود ولكن إلى منصب ثان جديد. استغربت جداً وأنا أقرأ أسماء مناصبه المختلفة صبره الأسطوري على أن يكون الرجل الثاني أو الثالث في كل إدارة يذهب إليها مع كل وظيفة جديدة وهو استغراب، وللحق، يقودني إلى ظنون مختلفة سأحتفظ بها لنفسي المتوجسة دائماً من الأفراد الذين يعشقون المنصب الثاني على الدوام. ودائماً ما أقول إن الكرسي الثاني في أي إدارة أو مؤسسة هو أخطر المناصب وأهمها ولا استثناء له من هذه القاعدة، إلا منصب نائب الرئيس الأميركي الذي لا يفعل شيئاً على الإطلاق بتوصيف الوظيفة. أظن أحياناً أن نائب رئيس البلدية بمسقط رأسي أكثر نفوذاً من جو بايدن أو القادم الجديد مايكل بنس.

لا زلت أتذكر مثلاً، جهاد ذلك المسؤول على الاستثناء من التقاعد حتى بعد خمس سنوات من التمديد المتواصل له بعد بلوغ الستين. أشغلته معاملات التمديد عن عمله الأساسي فما الذي يريده هؤلاء من الوظيفة العامة على مشارف السبعين. ولو أنني كنت الإمام، وفي مكان العزيز الغالي، زياد الدريس، لنظرت إليهم ثم لم أغير حرفاً من الكلمة الثابتة قبل تكبيرة الإحرام. كنت سأنظر لهم مشدداً على حرف "الميم" بالقول "استقيموا" لعشر مرات. لو أنني مكان زياد الدريس إماماً لرتل تنفيذي من المعارف والأصدقاء لقمت فوراً بعد الصلاة المكتوبة ثم ذهبت خلف ذات الصف منادياً: الصلاة على الميت يرحمكم الله. لدينا آلاف الموظفين ومئات التنفيذيين الأحياء جسداً، ولكن على مناصب ميتة. لدينا عشرات المناصب التي صممت لتخدم حياة كثير من الأفراد الذين لا يظنون أن للحياة وجوها أخرى أجمل وأروع من المكتب والمنصب والوظيفة.

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2016/12/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد