آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

كيف تحولنا لغرباء في وطننا؟


هاني الفردان ..

دقت إحصائية صادرة عن أجهزة الإحصاء في مجلس التعاون ناقوس الخطر في الدول الخليجية، من وجود خلل في التركيبة السكانية يتمثل في طوفان مستمر من العمالة الوافدة الأجنبية، يجب التعامل معه بحكمة وموضوعية، تلك الحكمة والموضوعية مازالت غائبة في ظل توجهات حقيقية نحو تفضيل تلك الغالبية وتمكينها على حساب الوطنية، على أقل تقدير في بلدنا البحرين.

أصبح الحديث حاليّاً عن عدم قدرة دول الخليج على الإيفاء بالتزامها بالسقف المحدد لعدد العمالة الوافدة المسموح به، حيث كان وزراء العمل الخليجيون قرروا ألا تتجاوز تلك النسبة 20 في المئة من إجمالي عدد السكان.

الإمارات وقطر تصدّرتا قائمة الدول الخليجية، إذ وصلت نسبة العمالة الوافدة فيها إلى 89 في المئة من إجمالي عدد السكان، ثم الكويت بـ 69 في المئة، ثم البحرين بـ 52 في المئة، ثم عُمان 46 في المئة وأخيراً السعودية 33 في المئة.

على الصعيد البحريني، فإن نسبة السيطرة الأجنبية ارتفعت خلال العامين الماضين، فبعد أن كانت في العام 2013 (51 في المئة) وصلت في 2015 إلى 52 في المئة، وهو ما يؤكد أن الرقم يتخذ من المنحى التصاعدي طريقاً له في ظل عدم اكتراث رسمي من خطورة وانعكاسات ذلك سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً، وحتى رياضيّاً عندما توجهت الدولة لاستقدام اللاعبين وتجنيسهم وتفضيلهم على البحرينيين!

آخر الإحصاءات الرسمية البحرينية كانت في العام 2014، وكشفت عن ارتفاع نسبة الأجانب في البحرين، إذ بلغت 52 في المئة (683 ألفاً و818 أجنبيّاً) مقابل 630 ألفاً و744 بحرينيّاً، بما مجموعه مليون و314 ألفاً و562 نسمة.

المتابع للأرقام والإحصاءات الرسمية سيكتشف أن البحرين شهدت نقطة التحول في انقلاب معادلة التركيبة السكانية لصالح الوجود الأجنبي في العام 2008، إذ بلغ مجموع سكان البحرين مليوناً و103 آلاف و496 نسمة، منهم 541 ألفاً و587 بحرينيّاً (49.07 في المئة)، فيما بلغ عدد الأجانب 561 ألفاً و909 أجانب بنسبة 50.93 في المئة.

بينما كان العام 2007 هو آخر عام يشهد تفوق نسبة البحرينيين من إجمالي عدد السكان على الأجانب، إذ بلغ سكان البحرين في ذلك الوقت مليوناً و39 ألفاً و297 نسمة، منهم 50.75 في المئة بحرينيون (527 ألفاً و433 نسمة)، بينما بلغت نسبة الأجانب في العام ذاته 49.25 في المئة، بواقع 511 ألفاً و864 أجنبيّاً.

حتى مع نمو نسبة السكان في البحرين، إلَّا أنَّ المؤشرات كلها تسير نحو تزايد الفجوة بين حجم المواطنين، وحجم التواجد الأجنبي في البحرين، وذلك يسير بشكل واضح، ما يؤثر على الكثير من الخدمات، وبالخصوص الوظائف التي تُعدُّ عصب المشاكل في أي مجتمع.

وبشكل طبيعي عندما تتفوق نسبة الأجانب على المواطنين في أي بلد، فإن ذلك التفوق يكون موازياً لتفوق سيطرة الأجانب على سوق العمل، فقد بلغ إجمالي العمالة الأجنبية في البحرين بنهاية الربع الثاني من العام 2016 (595.151 عاملاً) بالمقارنة مع 551.859 عاملاً في الربع الثاني من العام الماضي 2015 ممثلا زيادة سنوية بلغت 7.8 في المئة، فيما بلغ إجمالي العمالة الوطنية في الفترة ذاتها 159.711 عاملاً بحرينيّاً محققاً نسبة زيادة سنوية قدرها 0.8 في المئة فقط، بالمقارنة مع 158.437 عاملاً في الربع الثاني من 2015.

على صعيد البحرين، لن نتحدث عن الوظائف وحجمها، فالقوى العاملة تسيطر من حيث الأرقام على نسبة كبيرة من الوظائف، لكن المصيبة تكمن عندما يكون الأجنبي هو الخيار المفضل في البحرين على المواطن، فبات مؤكداً وثابتاً وموثقاً أن أكثر من 95 في المئة من الوظائف التي يخلقها القطاع الخاص البحريني ذات الأجور العالية والتي تفوق الألف دينار تذهب إلى الأجانب، فيما نصيب البحريني منها خمسة في المئة فقط، في واقع لا يمكن أن تجده في أي بلد آخر في العالم!

بلغة الأرقام أيضاً، فإن القطاع الخاص لوحده خلق في النصف الأول من العام 2016 (بحسب إحصاءات هيئة تنظيم سوق العمل) 58 ألفاً و597 وظيفة، نصيب البحرينيين منها 5 في المئة فقط (3181 وظيفة)!، بينما ذهبت كل الوظائف المتبقية (55 ألفاً و416 وظيفة) للأجانب وبأجور متنوعة تصل إلى أكثر من 1500 دينار!

على مستوى الأجور العالية فقد خلق القطاع الخاص في منتصف 2016 (992 وظيفة) يتجاوز أجرها 1000 دينار، كان نصيب البحرينيين منها 36 وظيفة وبنسبة 4 في المئة فقط، صدق أو لا تصدق، بينما ذهبت البقية إلى الأجانب (956 وظيفة)!

واقعيّاً وبلغة الأرقام، فإن المواطن تحول لغريب في وطنة، فيما تحول الغريب والأجنبي مواطناً ومسيطراً على خيرات هذا البلد، في وجود بطالة يختلف على حقيقتها وطريقة احتسابها، فترى وزارة العمل أن رقم الباحثين عن العمل لديها بحسب أرقام ديسمبر/ كانون الأول 2016 هو 7942 باحثاً عن العمل، إلا أننا نعتقد أن رقم العاطلين عن العمل أكثر بكثير من ذلك، وذلك نظراً لتعقيدات ومعايير وزارة العمل في طريقة تفسيرها للعاطلين، واحتسابها أعداد الباحثين عن العمل.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2017/02/06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد