آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
خالد صالح الفاضلي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

ألف «ريا وسكينة» في السعودية


خالد صالح الفاضلي ..
يتموضع بيت «ريا وسكينة» بين «مركز شرطة اللبان» و«مسجد سيدي عماد»، ولم يمنعه موقعه من تسجيل جرائم قتل متسلسل لا تزال مؤثرة في وجدان وجدران مدينة الإسكندرية منذ عام ١٩٢٠ ميلادية.

تم بالطوب الأحمر إغلاق نوافذ بيت «ريا وسكينة» وبالحديد بابه، بعد أن تم إعدام (ريا، سكينة، حسب الله، وعبدالعال)، وتحول اسم منفذ حكم الإعدام «عشماوي» إلى علامة رمزية لكل السجون، والمشانق.

كنت أعتقد أن «ريا وسكينة» مسرح وسينما، فنفت شوارع حي اللبان في الإسكندرية برسومات، لوحات، ثم مقهى مسنودة كراسيه على جدار «بيت الجريمة»، تحت خيمة تحمل صور كتيبة المجرمين، ووثائق عن محاكمتهم، بينما كل «كهول المقهى» وصبيانه يتسابقون لمنحك تفاصيل لم تسمعها من (شادية، ومدبولي).

تكاثرت التفاصيل، وجميعها مهم جداً، فبيت حي اللبان واحد من أربعة بيوت تحولت إلى مقابر لضحايا «ريا وسكينة»، لكن عندما لف عشماوي حبل المشنقة حول عنقيهما، لف سؤال كبير حول أعناقنا (لماذا لم يمنع مخفر الشرطة، والمسجد حدوث كل هذه الوحشية؟).

يأخذ الإرهاب، والخلايا النائمة، والدواعش الجدد صوراً متطورة من «ريا وسكينة»، فلا مسجد ولا مخفر مانعاً لنواياهم نحو تنفيذ جريمة، ولا غرابة في أن انتحاريي المساجد سوف يمنحون أساتذة علم الاجتماع والنفس أوقاتاً صعبة في محاولة فهم، عدم قدرة أول الصلاة على منع جريمة تقع في آخرها.

يصعب إثبات قدرة المسجد على منع وقوع جرائم جنائية، ولا يوجد له دور بعد حدوثها، بينما المخفر إذا فشل في منع وقوع جريمة، يلاحق أهل الجريمة، فينتج عنه منعهم من تكرارها، ومنع غيرهم من تكرارهم، لذلك نخلص إلى أن المخفر أقرب لمكافحة «ريا وسكينة».

كان ثمة اعتقاد بأن «المسجد» صانع مشارك في الإرهاب، وبالتالي ذهبوا يرجون مسجداً منع «أهل الإرهاب» من تنفيذ جريمة، وبما أن المسجد لم ينجح في منعهم، فالنتيجة واضحة (المسجد ليس شريكا في صناعة الإرهاب) لماذا؟

تمهل أثناء قراءة الجواب: لأن كل إرهابي يعيش دوماً داخل مشروع تنفيذ جريمة، لكن الضحايا لا يتواجدون في مسرح الجريمة في الوقت المناسب، فهو مخلوق متجه إلى تنفيذ جريمته، في الطريق عثر على كل تعريفات هويته الشخصية (مسلم، سعودي،... الخ).

كان -ولا أعلم لماذا- محزناً عدم رؤية -ولو بقايا- من مخفر حي اللبان، فلقد اندثر البناء كله، بينما بيت «ريا وسكينة» متربع على ناصية المكان، ويستمع يومياً خمس مرات لصوت جاره القريب «مسجد سيدي عماد».
 
صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2017/02/21

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد