آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد بتاع البلادي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

أهل مكة ليسوا أدرى بشعابها فقط!


محمد البلادي ..

• التخطيط المركزي (الموحد) للمدن، ساهم ولاشك في تحديثها وتطوير بناها التحتية ، لكنه بالمقابل حوَّل مدننا -الثرية بتنوعها - إلى توائم سيامية متشابهة حد التطابق ، الأمر الذي قضى - أو يكاد - على معظم مقوماتها الاقتصادية ، وميزاتها الاستثمارية ، وأفقدها الكثير من قدراتها الذاتية التاريخية التي قامت وعاشت وازدهرت عليها طوال قرون! .

• المقومات الاقتصادية لأي مدينة أو منطقة سواء كانت ( زراعية ، تجارية ،صناعية ، تاريخية ، سياحية ..... الخ ) لا تمثل فقط الشخصية الخاصة، والوجه المميز والمتفرد للمنطقة ، بل تشكل أيضاً العمود الفقري لمعيشة وثقافة وأعمال سكانها ، وهو ما يجب أن يأخذه المخططون بعين الاعتبار في أي محاولة للتطوير ، المدينة المنورة مثلاً تقوم اقتصادياً ومنذ قرون على اقتصاديات (الزيارة ) للمسجد النبوي ، والزراعة .. هذان القطاعان هما جناحا طائر الاقتصاد (المدني) اللذان يجب أن تسخَّر كل الخطط والرؤى في جميع المؤسسات الحكومية العاملة بالمدينة من أجل تطويرهما والتوسع فيهما ما أمكن .. لكن ما يحدث هو العكس تماماً.. فالمساحات الخضراء التي ميزت المدينة طوال تاريخها توشك على الانقراض أمام هجمات العقاريين ، وزحف الإسفلت والإسمنت المسلح ..أما أعمال وخدمات ( الزيارة) فقد تقلصت استفادة العامة منها الى أرقام غير مسبوقة ، بالإضافة الى الشح العجيب وغير المبرر في صناعة الفندقة ، حيث لا يكاد يكفي الموجود منها ربع المطلوب حالياً ، رغم تطلعات ( رؤية المملكة ٢٠٣٠ ) الى خدمة ٣٠ مليون زائر مستقبلاً .. ناهيك عن ضعف الخدمات المساندة كصناعة الطعام والوجبات الغذائية ، الخدمات الصحية ، وسائل المواصلات والاتصالات وشركات النقل ، وجميعها يمكن أن تفتح مجالات عمل واسعة للكثير من أبناء المنطقة والمناطق المجاورة لو استثمرت بشكل جيد .

• تبدو الظهران نموذجاً محلياً مقبولاً يمكن الإشارة إليه ، بعد أن صنعت منها ( أرامكو ) بيئة مناسبة لأعمالها ، توَّجتها بإنشاء كلية للبترول والمعادن في العام 1963 م ، بعد أن فرضت طبيعة المنطقة البترولية، وحاجة الشركة للأيدي والعقول المؤهلة ذلك ، فكانت الكلية البترولية ( المتخصصة ) خير داعم لمشاريع الشركة، ولنهضة وازدهار المنطقة بالكامل ، وهي ذات الفكرة التي نتمنى أن تعمم على بقية مناطق المملكة كل بحسب طبيعتها ومواردها وحاجاتها التنموية .

• إن إنشاء مجالس استشارية محلية ترسم خطط المدن الداخلية بناء على مواردها واحتياجاتها الذاتية ، وتنسق بين جميع الجهات والمؤسسات الحكومية والأهلية لخلق بيئات تعليمية وصناعية داعمة ومحفزة ، أمرٌ ضروريٌ من أجل خلق مدن سعودية منتجة ومنافسة وقادرة على حل مشكلاتها الاقتصادية ذاتياً .. مدن تقدم للوطن مشاريع حقيقية وداعمة لاقتصاده الوطني لا عالة عليه .

• أهل مكة ليسوا أدرى بشعابها فقط ، بل أدرى بكل إمكاناتها وحاجاتها ومشاريعها واستثماراتها ووظائفها أيضاً.
 
صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/03/25

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد