آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد بتاع البلادي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

لماذا نكافئ المسيء ؟!


محمد البلادي ..
• من عجائب وغرائب عاداتنا الإدارية (المبروكة ) ، ولعلها أيضاً من أهم أسباب ( جمودنا ) الإداري وضعف إنتاجية العديد من مؤسساتنا الحكومية ، أننا حين نعجز عن علاج وإصلاح موظف ( سيىء) أو متهاون ، نلجأ - وياللعجب - إلى مكافأته ! .. إما من خلال إسناد كل مهامه وأعبائه الوظيفية إلى بقية زملائه المجتهدين، بحجة عدم تعطيل مصالح الناس !! ، أو برفع تقديره الوظيفي - والعجب لا ينقضي - إلى ما فوق الممتاز ، بحجة ( زحلقته ) إلى إدارة أخرى !! .. وكلاهما - كما ترى - عذر أقبح من فعل .. ففي الأولى إحباط للمجتهدين بتحميلهم المزيد من الأعباء وكأننا نعاقبهم على انضباطهم ! ، وفي الثانية غش وتدليس، وهرب من المشكلة على طريقة النعام !.

• لماذا نكافئ المسيء ؟! عندما طرحت هذا السؤال - الذي لا يمكن أن تسمعه إلا في بلدان الرمال والنعام العربية - على أحد الأصدقاء المشهود لهم بالكفاءة الإدارية ، أجابني بقصة ذات مغزى عن موظف لديه كان يعامل إدارته على طريقة المتنبي ( أنام ملء جفوني عن دوائرها ) فالعمل لديه لا يزيد عن يومين أو ثلاثة في الأسبوع على الأكثر ، تبدأ في أحسن الأحوال وأبكرها من العاشرة ! ، وبعد سنوات مضنية من النصح ومحاولات الإصلاح والاحتواء الفاشلة قرر ( صاحبنا ) رفع أمر الموظف ( نصف النائم ) إلى سعادة المدير العام الذي أرعد يومها وأزبد وهدد وتوعد ، لكنه سرعان ما عاد سيرته الأولى ، لينتهي الأمر بنصيحة ( على الماشي ) و ( شوية) ورق ( لاتهش ولاتنش )، عاد بعدها الموظف إلى مديره عودة المنتصرين ليقول له بصدر مفتوح : ماذا استفدت من هذا الفيلم الآن .. لقد عدنا لنقطة الصفر من جديد ؟! . وبالفعل عادت حليمة ( لنومتها ) القديمة وكأن شيئاً لم يكن ! .. لكن المفاجأة المذهلة أن الموظف ( أبا النوم ) أصبح بعد سنوات من ( السبات العميق ) رئيساً لمديره ( الصاحي ) !

•هذه القصة المألوفة جداً في ردهات الكثير من إداراتنا ومؤسساتنا الحكومية ، والتي ربما سمعت مثلها مئات المرات ، تفصح عن واحد من أهم أسباب لجوء بعض القيادات ( المغلوبة على أمرها ) إلى ( التمسيح ) على الموظف المهمل ، و( مداراته ) مثل جار السوء ، فلا صلاحيات حقيقية في أيديهم يستطيعون من خلالها ردع المقصر ومكافأة المحسن ، مما يضطرهم للعمل بقانون ( طبطب وليّس ، تمشي كويس ) .

• إن فيروسات التسيب والتقصير واللامبالاة وانعدام الضمير تنتج في الغالب عن ضعف صلاحيات القيادات وعدم قدرتها على تقويم اعوجاجاتها الداخلية ، فالإهمال «ابن» للإدارة الضعيفة ، ما لم تكن هناك أنظمة محكمة بقوانين صارمة، تطبق على الجميع بعدالة ،وهذا ما يبرر ندرة الإهمال في القطاع الخاص ، وفي معظم الدول الأوروبية كألمانيا التي تصدر للعالم شهرياً ما قيمته 200 مليار يورو بعد أن أنشأت بيئة قانونية محفزة للمجتهد وكابحة للإهمال والمهملين .

• ويعاود السؤال الظهور بشكل آخر : إلى متى سنبقى نكافئ المسيء ،ونحبط المجتهد ؟!
 
صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/04/01

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد