آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد بتاع البلادي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

بين التعايش والانهزامية!!


محمد البلادي ..

* ليس جديداً أن نقول إن (التعايش) هو إحدى الفرائض الإنسانية الغائبة عن مجتمعاتنا العربية.. فالإجماع يكاد يكون منعقداً (حتى بين العرب أنفسهم) على نقص هذا (الفيتامين) لدى الشخصية العربية، مما أفقدها توازنها، وتسبب في شتاتها وضعفها، وسهّل كثيراً من مهام أعدائها، وأضاع في الوقت نفسه معظم مواردها وقدراتها في احترابات، واقتتالات داخلية، رغم تفاهتها إلا أن أطرافها على استعداد للتحالف مع الشيطان في سبيل الفوز بها!. ولا أظنك بحاجة للغوص في أعماق التاريخ للتأكد من هذه الحقيقة، فنظرة سريعة للمشهد الدموي القاتم اليوم في المنطقة يؤكد لك هذا، خصوصاً عندما تعلم أن هذه الحروب -التي قتلت من العرب أكثر مما قتل أعداؤهم مجتمعين- لا تخرج عن أسباب إثنية عرقية أو عقدية طائفية أو عنصرية مناطقية، كان يمكن تجاوزها بقليل من التعايش وشيء من العقل!.

* تبدو فكرة (التعايش) فكرة غير مقبولة عربياً، لأنها تعني في القاموس العربي الهزيمة أو الاستسلام أو التراجع وكلها مصطلحات سيئة السمعة جداً في العقلية العربية المفتونة بالمغالبة والقوة، وإذا ما تجاوزنا الحروب الأهلية والإقليمية فإن أخطر أعراض هذا الفيروس هو حالة التربص والتوجس الدائم التي يخلقها بين شرائح الوطن ومكوناته وأحزابه، والتي تستنزف كل طاقاته وقدراته في حالة (اللاحرب واللاسلم) الداخلية، تلك الحالة اللعينة التي قد تجيب على السؤال الكبير: لماذا لم يتقدم العرب رغم كل ما يملكونه من إمكانات؟.

* ‏أبناؤنا أو (العرب الجدد) بحاجة لمناهج وبرامج ترسخ في نفوسهم أن التعايش لا يعني التنازل ولا يتطلب التخلي عن عقيدتك بقدر ما يعني ترك مصائر الخلق للخالق، وتقبُّل العيش مع الطرف الآخر كما هو.. وأن التقبُّل لا يعني الذوبان في هوية الآخر، بل يعني العيش بأمان، وإعطاء الآخرين حقوقهم، مع تجنب الاعتداء والاستعداء والظلم وإكراه الآخرين على معتقدك.

* 90% من اقتتالاتنا وحروبنا وانكساراتنا وجمودنا وتخلفنا التنموي سببها الخلط بين مفهومي التعايش والانهزامية.
 
صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/04/05

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد