آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد بتاع البلادي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

التقنية في خدمة الخرافة !!


محمد البلادي ..

• يبدو أن الخرافة مازالت تحتل نفس المساحة الشاسعة من العقل العربي، فبالرغم من التقدم العلمي الكبير، والانفتاح المعلوماتي غير المسبوق، يبقى العقل العربي مفتوناً بكل ما يخالف العلم والمنطق، مما يجعله صيداً سهلاً للدجالين والأفاقين الذين يجتاحوننا اليوم بثوب جديد، بعد أن طوعوا التكنولوجيا، ووضعوها في خدمة نشر الخرافة، وهذه كارثة جديدة تضاف إلى جملة كوارثنا الكبيرة والكثيرة.

• مناسبة هذا الكلام هو ما تنقله لنا قوافل (الواتس اب)، وما تسير به ركبان التواصل الاجتماعي من مشاهد مؤلمة لبعض أدعياء ما يسمى بالطب الشعبي، الذين يقومون -على الملأ- بمجازر طبية بحق المحتاجين والضعفاء وطالبي العلاج، وهي كوارث لا تتنافى مع أبسط القواعد الطبية وحقوق الإنسان فحسب، بل تخالف حتى المنطق والعقل السليم، فهي أقرب لمعجزات الأنبياء منها للعلاج البشري، والعجيب أنها تنتقل بين الناس انتقال العدوى دون أدنى تدخل من الجهات المسئولة، مما يوقع يومياً المزيد من الضحايا في شراكها.. ويزداد الأمر سوءاً مع الصمت العجيب وغير المبرر لأطبائنا المختصين، وعدم قيامهم بأقل واجباتهم التوعوية والأخلاقية، بنفي صحة هذه الممارسات المحرمة دولياً وتفنيدها وتبيان خطورتها للناس!.

• إن قال أحد إن ثمة ممارسات دجل تجري حتى في الدول الكبرى والمتقدمة.. فسأقول إن هذا صحيح، لكن ما يحدث هناك هو أمر مراقَب، ولايصل أبداً لهذه الدرجة غير الإنسانية من الاستغلال المادي والعنف الشديد، كالإحراق بالنار أو التلاعب بالانزلاقات الغضروفية بجهل مؤلم، أو صناعة الخلطات العشبية القاتلة، فأكبر ما يحدث هناك لا يخرج -في معظمه- عن الإيحاء النفسي الإيجابي والمجاني أيضاً، الذي يرفع من معنويات المرضى دون المساس بهم أو استغلالهم، تماماً كما فعلت إحدى الصحف الأمريكية الشهيرة قبل بضعة شهور، عندما أرفقت مع أحد أعدادها (بوستراً) كبيراً لدمية من دمى الهنود الحمر قالت إنها قادرة على امتصاص آلام الموجوعين وعذاباتهم بمجرد الضغط عليها!. وهو دجل لا يصل لمستوى دجل (ربعنا) الذين يجمعون الناس كالأغنام في أحواش كبيرة لا يمكن دخولها إلا بـ(٥٠٠) ريال، ويطوف عليهم فيها ولدان يبيعون العسل والماء والزيوت، ويأكلون أموال الناس وصحتهم بالباطل.

• مسؤولية الوزارة -أي وزارة- لا تقف عند حدود تقديم الخدمات لمن يطلبها من المواطنين فقط، بل يجب أن تتعدى هذا الدور إلى خلق بيئة ومناخ مناسبين لتفعيل وتعميق خدماتها، ومحاربة كل ما يتعارض أو يقلل من تأثير هذه الخدمات والأدوار، خصوصاً وزارة الصحة التي يجب عليها التدخل العاجل والفوري لإيقاف هؤلاء المرتزقة الذين يبدو أنهم قد أمنوا العقوبة إلى الحد الذي باتوا معه لا يخشون تصوير وتوثيق جرائمهم الطبية، ونشرها على عينك يا تاجر.
 
صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/04/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد