آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
أحمد عبد الرحمن العرفج
عن الكاتب :
كاتب سعودي ساخر، من مواليد 25 مايو 1967 في مدينة بريدة. حصل على شهادة المرحلة الابتدائية من المدينة المنورة، والمتوسطة من المعهد العلمي في جدة والرس، والثانوية في عنيزة والدمام من المعهد العلمي. وحصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية من الجامعة الإسلامية عام 1410هـ. وحصل على درجة الدكتوراه في الإعلام من جامعة برمنجهام في بريطانيا

كلما حلَّت بنا لعنة.. شكَّلنا لها ألف لجنة


أحمد عبدالرحمن العرفج

أَتَّصِلُ بصَديقٍ لِي فيَقول: إنَّه أُختِيرَ عُضوًا فِي اللَّجنَةِ الفُلانيَّةِ، ثُمَّ أُقَابِلُ صَديقًا آخَرَ فيَقول: بَارك لِي -أيُّها العَرفَج-، لقَد أَصبحتُ عُضوًا فِي اللَّجنَةِ العِلَّانيَّةِ، ثُمَّ أَسأَلُ عَن صَديقٍ ثَالِثٍ فيُقال لِي: إنَّه لَا يَستَطيعُ أَنْ يَحكَّ رَأسه؛ بسَبَب انشغَالِهِ فِي التَّنقُّلِ مِن لَجنةٍ إلَى لَجنَةٍ..!

بَعد هَذا أَقولُ: يَكادُ يُجْمِعُ خُبرَاءُ الإدَارَةِ، عَلَى أَنَّ أَغلبَ اللِّجَانِ لَيست -فَقَط- مَضيعةً للوَقتِ، بَل تُعطِّل -أَيضًا- الأعمَالَ، وتُؤخِّرُ الإنجَازَ، وقَد قَال شَيخ الإدَاريِّين «غازي القصيبي» -رَحمه الله-: (إذَا أَردتَ لمَوضوعٍ أَنْ يَموتَ فشَكَّل لَه لَجنَةً)..!

كُنتُ أَظنُّ -ولَيس كُلُّ الظَّنِّ إِثمًا- أَنَّ التَّشكِّي والتَّذمُّر مِن اللِّجَانِ، أَمرٌ جَديدٌ وطَارئٌ، لَكن وأَنَا أُراجع -بالمُصَادفَة- كِتَاباتِ شَيخنا المُفكِّر الكَبير «أحمد أمين»، وَجدتُ مَقالاً كَتبَهُ فِي مُنتصفِ القَرنِ المَاضي يَقولُ فِيهِ: (كُنتُ فِي بِدءِ حَيَاتِي العِلميَّةِ كَثيرَ الفَرَاغِ، أَصرفُهُ فِي القِرَاءَةِ والكِتَابَةِ، فألَّفتُ «فَجر الإسلَام، وضُحَاه»، ثُمَّ قَلَّ فَرَاغِي باشتغَالِي بكَثرةِ المَجَالسِ واللِّجَانِ، فأَنَا عُضو فِي المجمع اللُّغوَيِّ، وفِي مَجلسِ دَار الكُتبِ، ومَجلسِ كُليَّةِ الآدَابِ ودَارِ العلُومِ، ورَئيسُ لَجنةِ التَّأليفِ والجَامعةِ الشَّعبيَّةِ، ومُذيعٌ فِي الرَّاديو... إلخ، وكُلُّ هَذه أَكَلَتْ مِن وَقتي، وبَعثَرَتْ زَمنِي، ووزَّعتْ جهدِي، مَع قلَّة فَائِدتها فِيمَا أَعتَقدُ، ولَو استَقبلتُ مِن أَمرِي مَا استَدبرتُ، لرَفضتُ كُلَّ هَذِهِ الأمُورَ ونَحوهَا، وفَرَّغتُ نَفسِي لإتمَامِ فَجر الإسلَام وضُحَاه، وظُهره، وعَصره، فقَد كَان ذَلك أَجدَى وأَنفَعَ وأَخلَدَ، ولَكنَّ للظُّروفِ أَحكَامًا، ولَستُ أَميلُ إلَى الاجتمَاعِ كَثيرًا، ولَا أُحبُّ يَومًا يَمرُّ، دون أَنْ أَخلوَ فِيهِ إلَى نَفسِي، بَعيدًا عَن أَهلِي ووَلدِي)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: إنَّني بَدأتُ أَتخوَّفُ مِن اللِّجانِ، وكُلَّما سَمعتُ بخَبرٍ عَن تَشكيل لَجنَةٍ، بَدأتُ أُدندنُ بَيني وبَين نَفسِي قَائلاً: يَا ليلُ مَا أَطوَلكَ.. هَذِهِ اللِّجَانُ ستُصيبنَا بـ»الجنَانِ»!!

صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/04/25

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد