آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
حسين علي حسين
عن الكاتب :
كاتت وقاص روائي سعودي

تهميش العمالة السعودية


حسين علي حسين

ذهبت لزيارة صديق، يعمل في الموارد البشرية، بأحد البنوك السعودية، وقفت في مدخل الاستقبال، منتظرا الإذن بالدخول، على ذلك الصديق، لكن موظف الاستقبال لم يكن موجودا، كان وقت راحته قد حل، وأمام دقائق، لحضرة الموظف الآخر، في هذه الأثناء بدأ موظفو البنك في النزول من مكاتبهم، للغذاء أو للراحة. وبدون مبالغة كانت نسبة الموظفين السعوديين، في ذلك الجيش العرمرم (حلوة العرمرم) لا تزيد على الـ10% والباقي من مختلف الجنسيات، سألت صديقي مستغربا بعد أن وصلت إلى مكتبه: فين المواطنين في إدارة هذا البنك؟ قال الرجل بيأس، وبلهجة نجدية صرفة: شوفة عينك!

لا تقولوا لنا إن هذه البنوك أو الشركات أو المصانع، حلال ناس، يضعون فيها من يرون أنهم قادرون على النهوض بها خير قيام، وما يتعلق ذلك من تحقيق أرباح مجزية للملاك أو المساهمين، وسمعة حسنة، وتطور في الأداء والمواظبة، وسعي للابتكار والتميز، فنحن نعرف وهم يعرفون، ووزارة العمل ربما تعرف وربما لا تعرف، وهي في الحالتين، يدها طرية، وليست ناشفة، وعينها نعسانة، وليست قوية، كما هي حال الأجهزة المماثلة، في كافة الدول الصحية والنائمة، التي الشغل لديها وضع الخطط للقضاء على البطالة بكافة الطرق، حتى أميركا لا يكون أداء رئيسها ناجحا إلا إذا خفض البطالة، ولديهم مؤشر، مثل مؤشر الأسهم، يرصد ويحلل أسباب البطالة وطرق القضاء عليها، إلا عندنا، نخاف من التاجر،الذي لا يجد البلد منه، إلا الكلام المعسول إذا أخذ أو التهديد بالرحيل إذا لم يأخذ ما يريد، ويعطى ما يريد، هذا التاجر إذا رحل بماله ومشروعاته إلى أي دولة، سوف يقدم طائعا مختارا، الضريبة التصاعدية، ويخضع للرقابة الصارمة، ويلتزم بتدريب وتوظيف نسبة ملزمة سنويا من أبناء البلد التي تستقبل استثماراته، بل إن أبناء البلد (العمالة المحلية) قادرون على شل أعماله، إذا قصر في الالتزام بحقوقهم، من الرواتب والحوافز والإجازات، وهو هنا في بلاده، يتفنن في تطفيش من يوظفهم، وقد يسلط عليهم زبانيته من الوافدين.

هذه للأسف حقيقة، موجودة وملموسة، قف مع أي موظف مواطن في واحدة من هذه الشركات، وسوف تسمع العجب، خاصة إذا وقفت مع موظف 90% من عمالته وافدة في ذلك البنك أو غيره، صحيح هناك مواطنون، عاملون وفي غاية الراحة، ويأخذون رواتب مجزية، ويعملون دون كلل أو ملل، حتى الساعة الخامسة أو السادسة مساء، لكن هؤلاء مثل الملح الأصفر، لن تراهم إلا صدفة، وحتى هؤلاء قد يكونون في يوم ما معرضين، من أصحاب المناصب العليا للأذى في أي وقت، منهم أو بإيعاز من الملاك ولا عاصم من هؤلاء إلا الله، ثم وزارة العمل عندما تقسو يدها ويقوى بصرها، فلا تجعل المظلوم من هؤلاء ضائعا في مهب الريح!

البطالة الآن في ازدياد، والأيدي العاملة الوافدة في ازدياد، ونحن لا نقول بوقف الاستقدام، ولا بعدم توظيف الوافدين، ولكننا نقول، وهذه مهمة الحكومة، أوزارة العمل، بوضع خطط واضحة، بتقديم دورات مكثفة في المصانع والشركات والبنوك وعلى رأس العمل، لخريجي المعاهد والجامعات، حسب تخصصاتهم، ولا يتم تثبيت المتدرب إلا بعد اجتياز التدريب على رأس العمل، وبعد ذلك يتم توظيفه براتب يضمن له الحياة الكريمة له ولمن يعيل، وعدم تمكين الكفاءات الوافدة من القرار في أي منشأة من منشآت القطاع الخاص، فلاسفة يأتي أغلب الطفيل منهم، وسترى شركات ومؤسسات وبنوكا ومستشفيات خاصة، أقساما كاملة تهيمن عليها جنسيات معينة، عربية وغير عربية، وهكذا كل جنسية تفتح الطريق لأبناء جنسيتها، هذه حالات سمعت عنها ولمستها، وأرجو ألا يكون من نقل لي هذه المعلومات غير دقيق فيما نقل، وإلا فإن النتيجة ستكون كارثية، إذا تجذرت مثل هذه الوقائع!

ضعوا أبناء البلاد في مراكز صنع القرار، فهم أولى من غيرهم، لا أقول ذلك كرها أو شكا في الوافدين، فهؤلاء لم يأتوا إلا برغبتنا، ومن حقهم علينا ألا يضاروا مثلهم مثل أبناء البلاد، بشرط واحد ألا يكون سيفهم على رقبة المواطن!

القضاء على البطالة في بلد مثل المملكة سهل، إذا خلصت النيات وأوضحت الخطط الملزمة، لكن إذا ظلت على ما نحن فيه، فسوف تزداد البطالة، وسوف يأتي علينا وقت، نجد فيه الكثير من أبنائنا الذين صرفنا على تعليمهم في الداخل والخارج الكثير، سوف نجدهم مهاجرين، وقد بدأت هذه البوادر للأسف!

الكلام الذي أقوله يقوله وأكثر منه أي مواطن، في بيته عاطل عن العمل، ولن تجد السعودي أكثرية في مصر أو لبنان أو أميركا أو دبي أو قطر أو غيرها، المواطن في أي بلد في العالم أولى بأي فرصة عمل في بلاده، لا بد أن نعي هذا المبدأ، ونضع الخطط والدراسات والأنظمة التي تضمن حق ابن البلد في وظيفة تليق بما تعلمه، لا أكثر ولا أقل، ولا ترحموا هذا المواطن إذا فتحتم له الباب، لكن لا تسلطوا عليه من لا يرحم أو يقرب منه أبناء بلده أو أقاربه. هناك الآن أكثر من 15 ألف مواطن يحملون شهادات جامعية من أرقى الجامعات السعودية والأجنبية، في الطب والهندسة فقط، لا يجدون عملا، هؤلاء يحملون شهادات عليا في كافة التخصصات، وقد بدأ الكثير منهم في الهجرة بحثا عن فرصة عمل عزت عليهم في بلادهم، وبعض هؤلاء عادوا إلى الدول التي تخرجوا في جامعاتها، وأبرزها أميركا وكندا وبريطانيا وغيرها!
 
جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2017/04/30

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد