آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد النوباني
عن الكاتب :
كاتب سعودي

بعد تصريحات ترامب المهينة.. هل بمقدور السعودية مراجعة مواقفها!؟


محمد النوباني

بشكل فظ وبعيدا عن الأعراف الدبلوماسية في التخاطب مع الدول , عاد الرئيس الأمريكي رونالد ترامب في التصريحات التي أدلى بها لوكالة رويترز للأنياء في الثامن والعشرين من نيسان الجاري لتكرار ما سبق أن قاله في حملته الانتخابية مدعيا بأن بلاده تخسر الأموال في الدفاع عن السعودية دون أن تحصل منها على نصيب عادل مطالبا الرياض بدفع المزيد من الأموال نظير تلك الحماية .

وإذا كان القاصي والداني يعلمان بأن هذا الكلام هو محض أكاذيب وعار تماما عن الصحة لأن الحقيقة التي لا مراء فيها أن الولايات المتحدة لم تتكلف ولم تخسر سنتا واحدا نظير دفاعها المزعوم عن السعودية , بقدر ما كسبت من الأخيرة تريليونات الدولارات على شكل سرقة نفط وصفقات سلاح ضخمة واستثمارات في البنى التحتية الأمريكية وودائع هائلة في البنوك من خلال تخويفها من عدو خارجي مزعوم تمثل ذات يوم بالزعيم العربي الخالد الراحل جمال عبد الناصر وبالاتحاد السوفييتي السابق , وبعد انهياره بجمهورية إيران الإسلامية في حين أن العدو الوحيد للسعودية في الواقع واشنطن نفسها ولا أحد غيرها.

ولكي لا أبدو مبالغا فيما ذهبت إليه يحضرني في هذا السياق ما قاله ذات يوم وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسنجر في معرض تعبيره عن حالة الغضب الأمريكية من قرار السعودية وقف إمدادات النفط لواشنطن وعواصم الغرب تضامنا مع مصر وسوريا أثناء حرب أكتوبر 1973 العربية – الإسرائيلية حينما قال : ” سنعاقب هؤلاء البدو على تحديهم لنا بحرمانهم من الثروة التي راكموها وأعادتهم إلى خيامهم ” وهذا ما عبر عنه أيضا وزير الخارجية الأمريكي  الأسبق جيمس بيكر حينما قال بوضوح أثناء حرب “عاصفة الصحراء ” مطلع العام 1991 “بأن الهدف المباشر للحرب هو العراق في حين أن الهدف الاستراتيجي لها هو السعودية .

استنادا إلى ذالك يمكن القول بأن واشنطن تحديدا هي التي ورطت السعودية في الحرب ضد الشعب اليمني ناهيك عن أنها هي التي أوحت لها بتقديم الدعم العسكري والمالي للعصابات المسلحة في سوريا لتحقيق هدفها القديم الجديد بابتزازها واستنزافها ماليا حتى أخر دولار وريال لديها من جهة وحماية إسرائيل وأمنها بواسطة أدوات تمولها السعودية من جهة ثانية .

واستطرادا استطيع القول بأن الهدف من زيارة ترامب القادمة للسعودية وعدا عن الابتزاز المالي هو دفع الرياض للمشاركة في حلف إقليمي (عربي –إسلامي –إسرائيلي ) يكون بمثابة مظلة لتصفية القضية الفلسطينية تحت عنوان مواجهة الخطر الإيراني المزعوم لا لكي يحظى حكام الرياض بعد ذالك بحصة من الكعكة الموعودة , لأن إسرائيل هي التي ستحصل على كل شيء , وإنما ليتم بعد ذالك استبدال نظامها السياسي بنظام آخر أكثر قبولا وملائمة للغرب .

ومن نافلة القول بأن هكذا حلف في حال قيامه لن يكتب له النجاح وسيفشل كما فشلت كل الأحلاف التي حاولت إقامتها الولايات المتحدة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وعلى رأسها حلف بغداد الاستعماري ليس لأن سياسة الأحلاف العدوانية تتناقض مع المصالح العليا لشعوبنا العربية والإسلامية فحسب بل وأيضا لأنها تتناقض حتى مع مصالح استقرار وبقاء النظم العربية التي ربطت نفسها بعجلة السياسة الأمريكية التي لا تكترث إلا بمصلحة الحليفة الاستراتيجية إسرائيل فقط . ولا ترى في الآخرين سوى أتباع .

وهنا فأنني لا أطالب حكام الرياض بأن يحذوا حذو رئيس كوريا الشمالية “كيم ايل” في تحديده للغطرسة الأمريكية لأنني أعرف أنه ليس باستطاعتهم فعل ذالك ولكنني أطالبهم على الأقل بأن يسيروا على خطى حكام كوريا الجنوبية للذين ورغم علاقات التحالف التي تربطهم بواشنطن رفضوا الإذعان لطلب ترامب دفع التكلفة المالية لنصب نظام “ثاد” الامريكي المضاد للصواريخ في بلدهم طالما أن نصبه هناك جاء في المقام الأول لخدمة المصالح الأمريكية .

على هذا الضوء وطالما أن الرهان على واشنطن لا يسمن ولا يغني من جوع فأن أسلم الطرق للخروج من دائرة الابتزاز الأمريكي هو وقف الحرب على الشعب اليمني الشقيق وكذالك وقف دعم العصابات المسلحة في سوريا وترك السوريين يلملمون جراحهم ويعيدون بناء بلدهم , وفوق هذا وذاك وقف الضغط على الفلسطينيين لإجبارهم على قبول تسوية لا تلبي أدنى الحد الأدنى من حقوقهم ولا تخدم سوى مصلحة إسرائيل.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/05/02

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد