آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد بتاع البلادي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

خوارج الخوارج !!


محمد البلادي
• إعلان وزارة الداخلية الأخير عن سقوط خلية (الحرازات) الإرهابية ، والكشف عن شيء من سجلاتها الدموية وتحولاتها الإجرامية، يؤكد صحة ما ذهبنا إليه في أكثر من مقال سابق بخطورة المرحلة القادمة ( مرحلة ما بعد داعش )، ففي الوقت الذي يشهد العالم اللحظات الأخيرة من عمر التنظيم ( الذي أرعب الكون بوحشيته غير المسبوقة ) يبدو أن ثمة انشقاقات وتنظيمات أكثر توحشاً تحاول الظهور على الساحة، من خلال ( الخروج ) على ( الخوارج ) أنفسهم ، و( التطرف ) على (التطرف) ذاته ! .. فالقوة العسكرية - على أهميتها - لا تقضي - في الغالب - على هذه التنظيمات التي تتشظى تحت الضربات العسكرية إلى أجزاء أشد قسوة ومناعة ، كما حدث مع تنظيم ( داعش) نفسه الذي كان نتاجاً لشظية متشددة، خرجت على تنظيم القاعدة،والذي كان هو الآخر نتيجة لانشطار تنظيمات إرهابية سابقة مثل تنظيم الجهاد ، والتكفير والهجرة، وبعض أذرع جماعة الإخوان المسلمين ! .

• يشير كتاب « كنت في الرقة « إلى هذه الحقيقة، فثمة تيارات أشد تطرفًا بدأت مرحلة الانفكاك عن مكوك التنظيم المندحر ، إذ يؤكد التونسي «محمد الفاهم» بطل الكتاب و ( الخارج ) على داعش في سرده للباحث «هادي يحمد» أنه ترك التنظيم (المتخاذل بحسب رأيه) لأنه يريد تطرفًا أكثر ، وراديكالية أشد ، فباع سلاحه ، وهرب إلى تركيا بحثًا عن جماعة تحقق طلبه !. ويكشف «الفاهم» أنه ليس الوحيد الخارج على التنظيم ، فهناك خوارج كثر انشقوا لنفس السبب ، وتركوا التنظيم هربًا من (كفره) وتساهله ، وعدم تطبيقه للشريعة الإسلامية بحسب رأيهم .. ويتحدث الفاهم في الكتاب عن خلافات عميقة وصراعات داخل التنظيم لا تحل في الغالب إلا بالتصفية الجسدية ، لمن يسميهم بالخوارج !! .. تماماً كما حدث في خلية ( الحرازات) من قتل أحد العناصر وترك جثته في العراء لأيام ! .

• الانشقاقات والانشطارات والاغتيالات سمات تاريخية لكل الجماعات الراديكالية ، وعندما توقعت ظهور تنظيمات أكثر تشددًا وتطرفًا من «داعش « ، كنت أعتمد على قراءة لمبدأي (الاستعلاء الفقهي) و(متوالية التشدد) اللذين ظلا يؤسسان - طوال التاريخ - لتنظيمات أكثر غلواً ، على أنقاض تنظيمات سابقة ، وبالنظر إلى الظروف السياسية للمنطقة ، والجهود الدولية لمحاربة الإرهاب، وهروب العديد من العناصر وانتشارها في معظم دول العالم ، فإن الوضع مرشح لإنتاج الكثير من التنظيمات الصغيرة ذات الأهداف والآليات الخاصة ، والتي قد تكون مختلفة عن التنظيم الأساسي مما يطيل أمد حربنا مع الإرهاب ، ويضيف لها المزيد من التعقيدات .

• فترة ما بعد «داعش» قد تكون مفتوحة على احتمالات كثيرة ومرعبة في عموم المنطقة ، وهذا يتطلب من دولها الاستعداد التربوي والاجتماعي والاقتصادي ، والتركيز على الإستراتيجيات الثقافية والفكرية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، مثل الدمج الاجتماعي لمختلف التوجهات، ومكافحة الفقر والفساد والفكر العنصري المتطرف ثقافيًّا واجتماعيًّا واقتصادياً ، فالتركيز على العمل العسكري دون اعتبار لكل هذه الإستراتيجيات قد يولد أجيالاً تزايد بعنفها على من سبقها ، وتخرج على من سبقها لأنها تريد دماء أكثر وانتقاماً وبطشاً أكبر !.
 
صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/05/06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد