آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
أحمد عبد الرحمن العرفج
عن الكاتب :
كاتب سعودي ساخر، من مواليد 25 مايو 1967 في مدينة بريدة. حصل على شهادة المرحلة الابتدائية من المدينة المنورة، والمتوسطة من المعهد العلمي في جدة والرس، والثانوية في عنيزة والدمام من المعهد العلمي. وحصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية من الجامعة الإسلامية عام 1410هـ. وحصل على درجة الدكتوراه في الإعلام من جامعة برمنجهام في بريطانيا

ازدراء السقيم خطأ جسيم!!


أحمد عبدالرحمن العرفج

هُنَاك مَقولاتٌ يَجبُ وَضعهَا عَلى المَحكِّ، وفَحصهَا بالمَنطقِ والعَقلِ، للتَّأكُّد مِن صحَّتِهَا وسَلامةِ مَعنَاهَا، ومِن هَذه المَقولاتِ عِبَارة: «الجِسمُ السَّليمُ فِي العَقلِ السَّليمِ»، أَو «العَقلُ السَّليمِ فِي الجِسمِ السَّليمِ»..!

لقَد شَكَّك فِي هَذه العِبَارَة، أُستَاذنَا الفَيلسوف «أبو بندر»، عبدالرحمن المعمَّر، كَمَا أَنَّ صَديقَ الطُّفولَةِ والكِتَابةِ العَذِبَةِ «أبوحسام»، فهد عامر الأحمدي، قَد تَنَاولَ هَذه الفِكرةَ، كَما تَنَاولهَا القَلَمُ هُنَا قَبل سَنوَات، وهَا أَنَا أَطرحهَا بصِيغةٍ أُخرَى، حَتَّى أُنصفَ الضُّعفَاءَ مِن العُقلاءِ، والأَقويَاءَ مِن المَجَانِينَ..!

تَقول العَرب: (كُلُّ ذِي عَاهَةٍ جَبَّارٌ)، بمَعنَى أَنَّ أَصحَابَ العَاهَاتِ؛ لَديهم قُوَى خَفيَّة -عَوَّضهم الله بِهَا- عَمَّا فَقدوه مِن حَواسّ، وهَذا مَا يَجهله أَكثَرُ الأَصحَّاءِ، كَمَا أَنَّ غَالبيةَ الأفذَاذِ الكِبَار؛ لَديهم ضَعفٌ فِي الحَواس، فمَثلاً «بيتهوفن»، لَم يَكن يَسمَع، و»طه حسين»، لَم يَكن يَرَى، و»المَعرِّي، وبشَّار بن برد»، كُلُّ هَؤلاء وغَيرهم تَفوَّقوا عَلَى الأَصحَّاءِ فِي مَجَالَاتهم، ومَع هَذا لَم تَكُن أَجسَامُهم سَليمةً..!

ولَو تَدبَّرتَ نُزلاءَ المُستشفيَاتِ مِن «المَجَانين»، لوَجدتَ أنَّهم أَقويَاء وأَشدَّاء، بحَيثُ لَا يَستطيعُ أَحَد تَخديرَهم؛ إلاَّ حِين يَتكَالبُ عَليه طَاقمٌ مِن الرِّجَال..!

أكثَر مِن ذَلك، أنَّ أَجسَام البغَالِ والحَميرِ والخيُولِ والجِمَالِ، كُلّهَا أَجسامٌ قَويَّةٌ، ولَكنَّها مَنزوعةُ العَقلِ، لِذَا تَنقَادُ بسهولَةٍ لضعَافِ البَشَرِ، وفِي ذَلك يَقول الشَّاعر «حسَّان بن ثابت»:

لَا بَأسَ بالقَومِ مِن طُولٍ ومِن عَظْمٍ

جِسمُ البِغالِ وأَحلَامُ العَصَافيرِ!!

كَمَا أَنَّ حُرَّاس المَبانِي، مِن أَصحَابِ الأجسَام الضَّخمَةِ والعقُولِ البَسيطَةِ، ولَو كَانُوا مِن أَصحَاب العقُولِ السَّليمَة، لأَصبَحوا هُم مُلَّاك المَبَاني التي يَحرسُونهَا..!

ولقَد لَمَّ شَمْل المَعنَى، وانتبَه إليهِ الشَّاعِر «الفَرزدَق»، حِين قَال:

لَا خَيْرَ فِي حُسْنِ الجُسُومِ ونُبْلِهَا

إنْ لَمْ تَزِنْ حُسْنَ الجُسُومِ عُقُولُ!!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي أَنْ نُشيرَ إلَى أَنَّ تَمَام الصحَّة؛ يَكمُن فِي التَّوازُن، المُتَمثِّل فِي صِحَّة العَقْلِ والجَسَدِ، ولَكن لَا يَنبَغي أَنْ تَزدرِي نَحيلَ الجِسمِ، فقَد يَكونُ عَقله يَزنُ بَلدًا، لذَلك يَقول الشَّاعِر «كَثير عَزَّة»:

تَرَى الرَّجُلَ النَّحِيفَ فتَزْدَرِيهِ

وفِي أَثْوَابِـهِ أَســدٌ هَصُـورُ!!.

صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/06/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد