آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فؤاد البطاينة
عن الكاتب :
كاتب بصحيفة رأي اليوم

المستجدات لإسرائيل.. وعلاقتها بالصفقة والأزمة المفتعلتين


فؤاد البطاينة

إنما تناقلته الصحافة عن ما سمي  بصفقة العصر ، لا يتفق مع  أطماع  إسرائيل في هذه المرحلة ومستحقاتها .فإسرائيل اليوم أمام مستجدات ثلاثة تعظمت معها  مطامعها ، وما كان يكفيها سابقا لا يكفيها اليوم. وأزمة الخليج ملعوب سياسي جاء في سياقه الحديث عن الصفقة لصنع واقع مواتٍ، وعروض تُسوق لتنازلات عربية جديدة لإنهاء صفحة المبادرة العربية ، ولتكون نقطة انطلاق صهيونية  نحو تعظيم  تصور الصهيونية لطوي ملفي القضية الفلسطينية والشرق الأوسط طبقا للمستجدات الثلاثة.*

المستجد الأول ، هو انهزام شعوب الدول العربية  وانفراط العقد القومي  بينها  تحت وابل الإفقار والقمع  والتهميش في الداخل والذي تبع سياسات شعار” البلد أولا ” ثم وابل القتل الجماعي والهدم والتهجير على يد الإرهاب ومحاربيه على السواء ،والذي تبع سياسة توريط العرب  في مسرحية الحرب على الإرهاب . فلم تعد الشعوب العربية محذورا لإسرائيل ولا ضابط إيقاع لحكامها ،ولا فلسطين نشيدا مشتركا لها . ولعل شروط إعادة رسم صورة العرب والعروبة لن تتوفر  قبل  تحقيق المشروع الصهيوني وتساوي شعوبنا في العبودية .*

المستجد الثاني ، إدارة  أمريكية لا سابقه لها في سياسة الإدارات مع الحكام العرب ، سياسة  “جزية الحماية “وبلطجة معلنة لا تعتمد المواربة والمجاملة والاحترام ، ولا تقيم وزنا لهم كحكام  لدول ، بل رعاة أغنام في محميات . وهي فرصة لإسرائيل لطلب وتنفيذ ما كان محظورا دوليا وعربيا ووطنيا ،وللتذكير فإن ما حصلت عليه إسرائيل من مسألة تيران وانعكاسه  المرعب على الاقتصاد المصري لم يكن واردا في الخيال .*

المستجد الثالث ، هو اضطرار الحكام العرب  للكشف عن حقيقتهم  وتسابقهم على افتداء العار بالشرف والأوطان ، حماية لمواقعهم من بوابة إسرائيل . وقد تحقق ذلك نتيجة لانكسار الشعوب وغيابها وعربدة  ترمب وتهديده المباشر والمعلن للحكام  بفقدان سلطتهم ومكتساباتهم . فإسرائيل لم يبق أمامها من الأنظمة عدوا ، بل حولت مهامها الداخلية لتغيير العقيدة السياسية لشعوبها  .*

ومن هنا فإنه لا يمكن  فصل لعبة الأزمة الخليجية المفتعلة وما  يحاك في إطارها عن حاجة إسرائيل لوسائل جديدة لتصفية مكونات القضية الفلسطينية على أسس من المستجدات المشار إليها .والتي تجعل من الخيار الأردني هذه المرة  طريقا لضم إسرائيل  للضفة الغربية ، أو لانفصال  إسرائيل عن الفلسطينيين من جانب واحد كسيناريو  يقوم  على التهجير أو الترانسفير القسري.*

فالباعث لافتعال أمريكا للأزمة ليس  دعم قطر المالي  للإرهاب ، فليست السعودية ولا مصر موكلتان  بتنفيذ هذه المهمة نيابة عن العالم ،ولا انقطاع الدعم القطري لحماس لا يعوض من غيرها  . ولا  افتعال الأزمة  منطويا على عمل عسكري ضد قطر ،فهذا يخضع لحسابات أمريكية إسرائيلية دقيقة  وكابحه ، وقطر أكثر أماناً من السعودية ومصر .وترمب وغيره يفهمون أنها  دولة قبلية  مستهدفة  من جارتها القبلية  وتريد البقاء  كغيرها ، ولا هدف سياسي لها سوى ذلك  ، فلا  فلسطين على قائمة أهدافها وأهداف جاراتها ولا العروبة ولا الإسلام . وعلاقتها العلنية  مع المتناقضات ، أمريكا وإسرائيل وإيران  وتركيا هي  لتأمين حمايتها وهي سياسة مستقرة منذ ثلاثة عقود بمعرفة الجميع  ، وليس من مصلحة جهة من تلك الجهات  استعداؤها  أو مواجهة التوازن  .*

 . فالحقيقة من وراء الأزمة ، لا يتعدى خلق  جو  سياسي وقانوني لتشكيل حلف عربي داعم لإسرائيل  لشيطنة حماس المقاومة عربيا ودوليا بالقانون ، ثم بالحرب المبررة  عليها قانونيا وصولا  لتحقيق مشروعها بسلاسة  في ضوء المستجدات .*

إن مطلب إسرائيل العاجل والأهم في ظل المستجدات  المشار إليها هو رأس المقاومة فكره وممارسه  وممارسين . فالمقاومة الفلسطينية هي العائق المتبقي  أمام إسرائيل ، والنيل برأسها يمهد  طرقا ثلاثة أمامها ، أولها حل مسألة غزه الكأداء لتكون هي  الدولة الوحيدة في المخطط الصهيوني ، التي ستحمل وحدها اسم فلسطين إعلاميا للعالم ، وثانيها تسهل عملية ابتلاع الضفة الغربية ، وثالثها إماتة الشعلة الشعبية العربية الوحيدة المتبقية  وإفقاد الشعوب  ثقتها  بنفسها والاستسلام لليأس .*

وهنا فإننا لا نستطيع المجازفة في القول أن حماس تتغاضى عن المقاومة الفلسطينية  وأهدافها الشاملة ومبرر وجودها  وتقوم بمقايضة كل ذلك  بإمارة  في الصحراء على أنقاض فلسطين . ولكننا نستطيع القول أن حماس في ورطة حصار حدودي وسياسي ومالي   ، ومن واجبها  التعامل مع هذا الملفات ، سيما  وأن العِداء المصري لها يشكل مقتلا  .لكن المفارقة التي تكشف عدم مصداقية عارضي المشروع وما يخطط لحماس بعد رفضه ، نراه  عندما  نرى التقارب المصري نحو حماس  على طبخة فيها الإمارات ودحلان المرفوض في ذات الوقت الذي تتحالف فيه مصر مع الشروط السعودية – الخليجية ،  وتتعاطف فيه حماس مع قطر ومع إيران.*


صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/07/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد