آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
نبيل نايلي
عن الكاتب :
باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.

من تعاليم تلمود كيسنجر إذ يحذر من مغبة تدمير “تنظيم داعش” وإقامة “الإمبراطورية الراديكالية الإيرانية”!


نبيل نايلي

“إن التاريخ هو ذاكرة الأمم، أو معمل كبير لتجارب البشرية، يحفل بمعادلات النجاح لمن يحسن صياغتها”! وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر.

الآن وبعد أربع سنوات كاملة من القتال الدامي ودمار دول بأكملها وموت وتشرد الملايين أثناء قتال ضد “تنظيم داعش”، في سوريا والعراق وباقي أنحاء المعمورة، نُشر مقال لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق والاستراتيجي الثعلب هنري كيسنجر،Henry Kissinger، بصحيفة “كاب أكس،  “CapX  تحت عنوان “فوضى ونظام في عالم متحوّل”، استلهمت منه صحيفة “الأندبندنت، “The Independent البريطانية عنوانا مثيرا للجدل وحمّال أوجه في الآن نفسه، جاء على النحو التالي: “هنري كيسنجر يحذّر من أن تدمير تنظيم “داعش” الذي قد يؤدي إلى قيام الإمبراطورية الراديكالية الإيرانية”!

الدبلوماسي السابق كيسنجر، أكد أنه “بمجرد هزيمة التنظيم، وإذا احتلت إيران المناطق المستعادة، فإن النتيجة يمكن أن تؤدي إلى ظهور إمبراطورية جديدة”!

كما حذّر وزير الخارجية الأسبق في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، ممّا أسماه “تعقيدات انحياز أطراف النزاع في الشرق الأوسط”، مشدّدا على أنه “في هذه الظروف، فإن القول المأثور التقليدي الذي يعتبر عدو عدوك صديقك لم يعد ينطبق. في الشرق الأوسط المعاصر، عدو عدوك قد يكون أيضا عدوك. الشرق الأوسط يؤثر على العالم بسبب تقلّب أيدولوجياته بقدر ما هو الحال في إجراءاته المحددة “.

كيسنجر أوضح أيضا أن “حرب العالم الخارجي ضد التنظيم يمكن أن تكون بمثابة توضيح. فمعظم القوى، بما في ذلك إيران الشيعية والدول السنية، تتفق على ضرورة تدميره”. ويتساءل بعدها مستنكرا “ولكن أي كيان يفترض أن يرث الأراضي المستعادة؟ ائتلاف من السنة؟ أم مجال نفوذ تهيمن عليه إيران؟”

كيسنجر اعتبر أن “الجواب بعيد المنال لأن روسيا ودول حلف شمال الأطلسي تدعم الفصائل المتعارضة. وإذا كان “إقليم تنظيم داعش” محتلا من قبل الحرس الثوري الإيراني أو القوات الشيعية المدرّبة والموجّهة من قِبله، فإن النتيجة يمكن أن تكون حزاما إقليميا يصل من طهران إلى بيروت، مما يمكن أن يمثل ظهور إمبراطورية راديكالية إيرانية “!

كيسنجر الذي حذّر أيضا من مغبة انخراط الغرب “في مواجهة عالمية دون مقاربة جغرا-استراتيجية”، قائلا إن ذلك سيؤدي إلى “تعميم الفوضى”. وأوضح أن “الغرب في مثل هذا المنعطف المحفوف بالمخاطر، ليس أمامه خيار آخر إلا إعادة تعريف الأطلسي”.

يُذكر أنها ليست المرة الأولى التي يدلي فيها كيسنجر بهذه الملاحظات، فقد سبق، في العام الماضي، أن قال “إن التحدي الأكبر الذي يواجهه الشرق الأوسط هو ما سمّاه “الهيمنة المحتملة” من قبل إيران.
يرى كيسنجر أن “الدور الجديد لروسيا سيؤثر على نوع النظام الذي سيظهر، متسائلا: “هل هدفها هو المساعدة في هزيمة تنظيم داعش ومنع الكيانات المماثلة؟ أم أن روسيا مدفوعة بالحنين إلى المهام التاريخية للسيطرة اللإستراتيجية؟

ويسعى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق إلى الرد على هذه التساؤلات فيقول: إن التعاون مع روسيا ممكن إذا كانت جادة وبنّاءة في حربها علة تنظيم “داعش”. أما إذا كانت نوايا روسيا “الرغبة في السيطرة الاستراتيجية”، “فمن المتوقع تكرار أنماط الحرب الباردة. وموقف روسيا من السيطرة على إقليم تنظيم داعش الحالي، سيكون اختبارا رئيسيا”.

بعبع إيران التي صارت بقدرة قادر “العدو القومي” التي وجب محاربته مهما كلّف ولو اقتضى “حلفا سنيا” مع الكيان الصهيوني، لا زال الشماعة التي يعلق عليها من سلّم رقبة العراق ثم رقبة سوريا وباقي الأواني المستطرقة النازفة!

كيسنجر يعلم أن سياسة الابتزاز قد أعطت أكلها ولم يعد تفصل بقايا النظام الرسمي سوى خطوات ليصبح الكيان جزءا من المنظومة يُنسّق معه أمنيا وعسكريا واستراتيجيا ذات الكيان الذي يهدد بمقاطعة قناة منحته فرصة دخول بيوت نوم العرب وكسر كل حاجز نفسي وتبلد ذهنه!!

هل توجّب على العالم، سيد هنري، أن “يتعايش” مع فظاعات تنظيم “الدولة الإسلامية” ليتجنّب قيام “إمبراطورية إيرانية راديكالية”، كما يصفها في مقاله؟

ثم هل هي محض الصدفة أن يتزامن مقال هنري كيسنجر وإعلان سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، Nikki Haley، أنها “تريد من مهمة حفظ السلام الأممية في جنوب لبنان توسيع مهامها والتحقيق في انتهاكات  مزعومة لحزب الله”؟
هل يعقلون؟؟؟؟؟

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/08/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد