آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
خالد الجيوسي
عن الكاتب :
كاتب وصحافي فلسطيني

عن حياد روسيا.. ومسألة تسليمها سورية صواريخ “إس 300”.. وعن حليفتها إيران التي تَرُد بالصَّواريخ على “العدو” الإسرائيلي بتوقيتها لا “توقيت موسكو”!

 

خالد الجيوسي

يبدو “القيصر” الرُّوسيّ فلادمير بوتين غير مُكترثٍ بدعوات “نصره” وجيشه العربيّة وتحديداً “القوميّة” منها كما حالنا على قِوى الشَّر، والمُتَمثِّلة بالمِحور الأمريكيّ الإسرائيليّ، والحديث هُنا عن هذا التّكريم الذي فيما يبدو “أثمرت” نتائجه، وحظي به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث حضر الأخير في العاصِمة موسكو إلى جانب “القيصر” الاستعراض العسكري بمُناسبة الذِّكرى 73 للنَّصر في الحرب العالميّة الثَّانية على النَّازيّة، وهو مشهدٌ لا يَسُر الخاطِر العربي القومي بالتأكيد.

التحليلات التي سبقت زيارة نتنياهو قبل يومين من زيارته لروسيا، ذهبت باتِّجاه عدم قُدرة نتنياهو، التأثير على الرئيس الروسي، وأنّه لا يستطيع فرض مُعادلة التخلِّي عن سورية، وإيران، وأخذ الضَّوء الأخضر الذي يُريده لمُواصلة صولاته وجولاته في ضرب الأهداف السوريّة، والقواعد الإيرانيّة التي تقول إسرائيل أنّها القواعد التي تُساهم في “تقويض” أمنها، ويُشن أو شُن من خلالها إطلاق ضربات الصواريخ الإيرانيّة على الجولان المُحتل ليلة الخميس، والتي أفزعت المُستوطنين، وحُكومتهم المُحتلَّة، كما أكَّدت التحليلات أنّ القِيادة الروسيّة “عازمة” على تسليم صواريخ “إس 300” لسورية، الذي يبدو أنّ نتنياهو نجح في “إقناع” بوتين عدم تسليمها لها.

التًّصريحات الرُّوسية التي صدرت اليوم الجمعة، تُؤكِّد بما لا يدعو للشَّك، أن نتنياهو حقّق مُبتغاه في زيارته، ومنع تسليم سورية تلك الصَّواريخ، وتُؤكِّدها تصريحات مُساعد الرئيس الروسي للتعاون العسكري- التقني فلاديمير كوجين التي جاءت بعد الزِّيارة، والتي قال بأنّه لا يوجد هُناك مُفاوضات بشأن تزويد سورية بنُظم الصَّواريخ الروسيّة المُضادّة للطَّائِرات “إس 300″، مُضيفاً في تصريحات ذكرتها وكالة “سبوتنيك” أنّ القُوات السُّوريّة لديها كل ما تحتاجه.
العجيب في كل هذا أنّ الرُّوس يعتبرون سورية تحديداً حليفاً لا يُمكن التخلِّي عنه، ويعتبرون أنّ أي تهديد جدَّي لتواجده، ورأس هرمه، يُمكن أن يؤدِّي إلى تصادم القِوى العُظمى أمريكا، وروسيا على الأرض السوريّة، وهو الذي تمنّى عدم وقوعه الرئيس بشار الأسد في مُقابلته الصحفيّة التي أجراها أخيراً، وتحدَّث فيها عن حَربٍ عالميّةٍ ثالِثة، وأعاد التَّأكيد على مسألة عدم استخدام جَيشِه السِّلاح الكيماوي الذي تخلَّى عنه العام 2013، ودون التَّطرُّق بِوُضوح إلى مسألةِ ليلة سُقوط الصَّواريخ “الإيرانيّة” من أراضيه.

نجح نتنياهو إذاً، بإقناعِ كُل من أمريكا بالانسحاب من الاتِّفاق النَّووي مع إيران، وهي أي أمريكا بطبيعة الأحوال حليفته فائقة الدَّلال، كما نجح في إقناع الرُّوس أيضاً الذين من المفروض أنّهم حُلفاء المِحور المُضاد، بعدم تسليمهم الصواريخ الدٍّفاعيّة، التي من شأنها صد العُدوان، لا الهُجوم على أكثر دولة عُدوانيّة “إرهابيّة” ساهمت في قتل وترويع الشعب الفلسطيني على مدار 70 عاماً، في أكثر مشاهد التًّاريخ إذلالاً وقهراً.

في ليلة الصًّواريخ الإيرانيّة- السوريّة التي أثلجت صُدورنا بعد طُول انتظار على الجولان المُحتل، وكشفت عن أنّ هذا الكيان أوهن من بيت العنكبوت، حتى الملاجئ كما نقلت تقارير إعلاميّة لم تكن مُؤهّلة، وليس فيها من الخدمات كالكهرباء والماء، وهو الأمر الذي دفع سُلطات الكيان الغاصب إلى طَلَبِ مُغادرتها، والبقاء بجانبها.

في هذه الليلة “المُباركة” لنا كفلسطينيين وكعرب نُؤمن بالمُقاومة، اعتقد البعض أنّ الحليف الرُّوسي يَقِف تماماً مع المُعتدى عليهم، وأنّ نتنياهو عاد بُخفًّي حنين من موسكو، لكن مُمارسة روسيا لدور الحِياد ودعوتها طرفيّ ليلة الاشتباك إيران وإسرائيل، إلى ضبط النَّفس، وكأنّ كلاهما بالنِّسبة إليها دُوَل حليفة، في دَورٍ يُشبِه الدَّور الأمريكي المُصطَنع، ولعلَّه يَنسِف اتّهامات الانحياز الرُّوسي التَّام لمِحور المُقاومة، ويُنهي ربّما الرِّوايات التي تَحدَّثت عن ضُوء أخضر روسي للإيرانيين بالرًّد ليلتها بعد زيارة نتنياهو، ولعلَّها برأينا رسالة وجَّهتها إيران لحُلفائها الرُّوس قبل أعدائها، أنّ ردَّهم على العُدوان الإسرائيلي الانتقامي بعد ضربة مطار “التيفور” واستشهاد خيرة ضُبَّاتها، يأتي بحسب أولوياتهم، إرادتهم، وتوقيتهم، وزمانهم، لا حسب ما يُقرره نتنياهو مع “القيصر” بوتين، وهو ما تم بالفِعل ليلتها.

هذا الحِياد غير المقبول، والذي يصفه البعض بالضَّبابي في تفسير “عدم الانحياز” الظَّاهر، غير مُقنع لنا، وربّما يأخذنا إلى جملة قالها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله خلال الأزمة السُّوريّة، روسيا ليست عُضواً في محور المُقاومة، وإنّما دولة عُظمى، لها مصالحها الاستراتيجيّة في سورية ومع إيران، وربّما إعادة هذه الجُملة كَفيلٌ بِفَهم العَقليّة الرُّوسيّة، وفِلسطين لا ولن يُحرِّرها إلا رِجالها، ورِجال المُقاومة، ودُوَلِها الدَّاعِمة، وغير هذا قِمّة في فرط التَّفاؤل، وحتى السَّذاجة، وسلامتكم.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/05/12

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد