آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
نبيل نايلي
عن الكاتب :
باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.

عن هذيان “سلطة الولايات المتحدة الأخلاقية” والخطر الروسي!


د. نبيل نايلي

“إنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يهدف إلى زعزعة والحدّ من جاذبية النموذج الديمقراطي الغربي ومحاولات تقويض سلطة الولايات المتحدة الأخلاقية.. أن “تصرفاته ليست مصمّمة لمواجهة أسلحتنا في هذه المرحلة بل لتقويض قيمنا ومثلنا.””! وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس.

في حفل تخرّج طلاّب الكلية الحربية البحرية الأمريكية، the US Naval War College، أكّد وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، James Mattis، أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “يهدف إلى زعزعة والحدّ من جاذبية النموذج الديمقراطي الغربي ومحاولات تقويض سلطة الولايات المتحدة الأخلاقية”!

عن أيّ”سلطة أخلاقية للولايات المتحدة” يتحدّث هذا الوزير؟ أي مزحة سمجة؟ هل تناسى هذا الماتيس الذي يشرف على جرائم الحرب التي ترتكبها قواته في العراق وسوريا وفي كلّ بقعة تدنّسها أقدام جيوش القوات المسلّحة الأمريكية!!

عن أيّ”سلطة أخلاقية” يحاضر جنابه؟ والولايات المتحدة الأمريكية هذه هي التي تمخّضت عن إبادة القبائل والأمم الهندية الأصلية وبفضل جهد العبيد الأفارقة؟ أ لم تذبح بلاده الملايين في كوريا وفيتنام وكمبوديا والعراق وليبيا وسوريا دون سبب شرعي؟

أليسوا الشريك الشرعي للنازيين الجدد والقدامى؟ وللجحافل الإرهابية التي أطلقت أياديها في سوريا والعراق وغيرهما؟ ألا تدعم بلاده 73 في المئة من ديكتاتوريي العالم؟، وتتدخل باستمرار في العمليات الانتخابية لدول أخرى لتغيير أنظمة؟ وتنظم وتشرف على الانقلابات في جميع أنحاء العالم؟ أليست هي من تحاصر دول العالم بالقواعد العسكرية؟

أليس مكتب تحقيقاتها الفيدرالي هو من يستهدف حتى يومنا هذا نشطاء الحقوق المدنية السود من أجل الاضطهاد؟، والذي يتدخل بشكل روتيني في الحروب المعلن منها وغير المعلنة من ضد الحكومات غير “الطيّعة” لتركيعها؟ من أجل دفع بمصالح هذه البلوتوقراطية، plutocratic،؟ أ ليست بلاده الدولة الوحيدة التي استخدمت الأسلحة النووية على البشر! فعن أيّ “سلطة أخلاقية للولايات المتحدة” تحاضر؟؟

مجرّد نظرة سريعة على الحقائق والتاريخ تجعل من الواضح فورا أن الولايات المتحدة تفتقر لأبسط “سلطة أخلاقية” على الإطلاق، بل يمكن القول إنها كانت ولا تزال مصدر القوة الأكثر ضررًا وخطورة على الإطلاق في تاريخ البشرية. إنّ حشر روسيا والتغطية والتعتيم على سجلّ بلاده الأسود أمر مثير للسخرية: إذ عليك عليك أن تعتقد أن الحكومة الأمريكية تحتكر نسبة 100 بالمائة من الخير الخالص وأن الحكومة الروسية شر محض 100 بالمائة!

من أجل أن تعتقد بأن للولايات المتحدة ما يشبه “السلطة الأخلاقية”، عليك أن تذهب بعيدا في تفكيرك وأن تذهب أبعد من ذلك لتتمكّن من استيعاب وفهم الهستيريا الغربية والأمريكية المناهضة لروسيا. يحتاج ماتيس إلى سرد أسطورة “السلطة الأخلاقية”! وبما أنّ فكرة وجود سلطة أخلاقية للولايات المتحدة تتناقض مع كلّ الوقائع والأدلّة ، فإنّ هذه الأسطورة محبوكة بالضرورة بخيوط الخيال والإنكار.

إن الهستيريا المناهضة لروسيا هي مجرّد سرد دون مضمون. نفس “التأكيدات” بالإجماع مراراً وتكراراً في نغمات صوتية موثوقة ودقيقة، دون تقديم أي دليل ملموس أو التعامل مع حقيقة ما تقوم به روسيا أو منافسوها بالفعل.

روسيا، في الواقع، ليست سوى قوة منافسة تريد مكانها أو أن تقتسم كعكة الريادة، يحكمها ذات القانون الذي يضبط العلاقات بين الأمم! المصالح! وليست الجمعية خيرية حين تلتقي مصالحنا معها أو تقاطعت! فقط لا غير!

الناشط والباحث الأميركي المخضرم نعوم تشومسكي، في تعليقاته التي نشرتها صحيفة الاندبندنت البريطانية، قالها لمن به صمم: إنّ: ““التدخّل الإسرائيلي في الانتخابات الأميركية يكتسح كلّ شيء قد يفعله الروس، يعني حتدّ النقطة التي يذهب فيها رئيس وزراء إسرائيل، نتنياهو، مباشرة إلى الكونغرس، من دون أن يبلغ الرئيس (الأميركي) بذلك. ويخاطب الكونغرس بتصفيق عارم، في محاولة لتقويض سياسات الرئيس – (أي) وهو ما حدث مع أوباما ونتنياهو في عام 2015.
“!!!
ثم يحاضر ماتيس عن “السلطة الأخلاقية” لبلاده ويحذّر بنو جلدتنا من “خطر روسيا” وبوتين!

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/08/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد