آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. عبد المحسن يوسف جمال
عن الكاتب :
كاتب ومؤلف كويتي

وقف النار بداية الاتفاق السلمي


عبدالمحسن يوسف جمال
أخيراً اتفق الأميركان والروس على «إقناع» الأطراف العربية المتصارعة على الأرض السورية لوقف إطلاق النار.

هذا الخبر لم يأت من إحدى المدن العربية، بل جاء من مدينة ميونخ الألمانية، وهذا بحد ذاته يجسد المشهد العربي المؤلم الذي نعيشه في عالمنا العربي.

فالعرب فقدوا القدرة على حل مشاكلهم بالطرق الحضارية والسلمية، والجامعة العربية لم تعد قادرة على جمع العرب بعد أن «تفرقت أيدي سبأ».

من خلال الحرب في سوريا تبين بوضوح أن قرار الحرب والسلم لم يعد عربيا، بل أصبح قرارا أمميا تتحكم به الدول الكبرى، وبالأخص أميركا وروسيا، اللتان تتشطران ضرعي الأزمة السورية من جهة، وتتبنيان احد أوجه الرأي العربي من جهة أخرى.

اليوم وبعد ضعف الجامعة العربية والخلافات الحكومية العربية ــ العربية، أصبح الأجنبي هو الذي يحدد بداية الحروب العربية ونهايتها، وأصبح العرب يرهنون خططهم في الحرب والسلم لقناعات الدول الكبرى، التي تقرر متى يحاربون ومتى يلتزمون بوقف إطلاق الحرب.

أصبح العربي عدوا لأخيه العربي وصديقا حميما للأجنبي في مفارقة مخيبة للآمال والأحلام العربية.

أصبحت الاتفاقات العربية ــ الأجنبية سلاحا للعرب في حربهم ضد العرب، ووصل الأمر إلى أن العرب من الصعب أن يجلسوا معا للتحاور على أرض عربية، بينما ها هي المدن الأجنبية تجمعهم لتحل مشاكلهم، ولكن ومع الأسف من خلال التدخل الأجنبي.

فمن يعلن وقف إطلاق النار هما السفيران الروسي والأميركي، بينما الوزراء العرب يتبادلون الصراخ والأقسى من العبارات فيما بينهم!

من خلال اجتماعات جنيف ولندن وبروكسل وميونخ تبين أن الدبلوماسية العربية أعجز من أن تجد حلولا لمشاكلنا، وأبعد من أن تقارب ما كنا نطمح إليه من وحدة عربية، لا يتجرأ أحد أن يفكر بها، بما في ذلك العروبيون السابقون، ناهيك عن الجامعة العربية التي لم تعد تصلح حتى إلى مكان لاجتماع العرب بها، بعد أن تنازلت طواعية لتسلم أمر العرب وحربهم وسلمهم إلى دبلوماسيي الدول الكبرى، لعل وعسى أن يجدوا حلا لواقع عربي مرير.

اجتماعات ميونخ وما صدر عنها من قرارات و«أوامر» لوقف إطلاق النار في سوريا نزعت ورقة التوت الأخيرة من واقع عربي وصل إلى درجة المأساة.

أيعقل أن تكون الحركات الإرهابية الدينية في بعض البلاد العربية أقوى من حكوماتها.

انه الواقع المزري الذي لا نريد أن نصدقه، والكابوس الذي نتمنى أن نصحو منه.

والعرب اليوم بانتظار ما تقرره الدول الكبرى من حلول حول النزاعات العربية ــ العربية لتنفيذها!

فالعين بصيرة، واليد قصيرة.

إما العرب فسينشغلون فيما بينهم بالتراشق المذهبي والتشاتم العنصري.

صحيفة القبس الكويتية

أضيف بتاريخ :2016/02/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد