آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
خالد الجيوسي
عن الكاتب :
كاتب وصحافي فلسطيني

هذا ما سَمِعناه حول حقيقة ما جرى مع الكاتِب السُّعودي جمال خاشقجي واختطافِه!


خالد الجيوسي

يذهب البعض في الداخل السعودي ممن استمع إليهم كاتب هذه السُّطور، إلى تحليل واقعة اختفاء أو “اختطاف” الكاتب السعودي جمال خاشقجي من داخل سفارة بلاده في تركيا، وهو الذي دخل إليها لإجراء مُعاملات شخصيّة، ودخل ولم يخرج حتى ساعة كتابة هذا المقال في أجواء أشبه بأفلام الخطف والآكشن والإثارة لكن بختم إخراجي سعودي: وإليكم أبرز ما سمعناه:

هُناك طرف ثالث في “مسرحيّة” الاختطاف هذه، من يسعى إلى زيادة الطٍّين بلّة، وإدخال القيادة السعوديّة في نفق علاقات مُظلم آخر، فسعى إلى “إخفاء” خاشقجي بهذه الطريقة المُريبة، لتحميل المملكة المسؤوليّة في ظِل تواجد الدليل المادّي المُقنع أصلاً ويُوجّه أصابع الاتّهام للمسؤول عن الجريمة والضحيّة الذي يُمارس الانتقاد خاشقجي ضِد حُكومته، وبالتَّالي اتّساع هذا الشَّرخ في سُوء العلاقات مع تركيا التي هي سيئة أصلاً، ولا يستبعد صاحب هذه الفرضيّة أن تكون مخابرات دولة ثالثة هي من نسجت خُيوط هذه اللُّعبة، ويستند هذا التحليل إلى الأنباء التي تحدّثت عن خُروج خاشقجي من السفارة وفق كاميرات المُراقبة، أي حُدوث “الخطف” خارجها، مما يرفع المسؤوليّة عن بلاد الحرمين.

لا يبدو السًّبب الذي دفع خاشقجي وهذه فرضيّة سمعناها من ضابط مُخابرات سعودي تمنّى عدم ذكر اسمه، إلى التوجّه إلى سفارة بلاده مُقنِعاً أي لإجراء مُعاملة إثبات طلاق، والزواج بخطيبته خديجة التركيّة التي كانت آخر من شاهده قبل اختفائه، أي يعني أنّ هُناك سبب آخر أكثر إجباراً قد يكون بمثابة فضيحة أو تهديد خارق للعادة، دفع الرجل إلى الاستعجال، أو الذَّهاب بقَدميه لسفارة بلاده، والتي ينتقد سياسات وليّ عهدها الأمير محمد بن سلمان، والأخير لا يتهاون مع الناقدين، ويستحيل وفق الضابط أن يكون خاشقجي بهذه السَّذاجة، وهو كأهل مكّة أدرى بشِعاب قمع وعدم تسامح الحُكومة مع المُنتقدين والمعارضين، إلا إذا كان يُخطِّط للانتحار، ونحن لا ندري، تساءل الضابط.

السذاجة المُفرِطة، يقول زميل صحافي سعودي، هي الأساس في واقعة الاختطاف التي لم يكن الكاتب خاشقجي الأوّل في التعرّض لها، فقد سبقه أُمراء مُعارضون تم خطفهم من عواصم مُعارضتهم، أحدهم (أمير) قد وصلته دعوة وضمانات، فركب طائرة كان يعلم أنها من قبل سُلطات بلاده بقدميه، حتى وجد نفسه في العاصمة الرياض، ويتوجّه نحوه رجال لاقتياده إلى مكان غير معلوم، فهل تُحسِن الحُكومة التخطيط في عمليّات الاختطاف، أم أنّ المُعارضين يُبالغون في تقييم حُسن النّوايا، ويعتقدون أنّ في الرياض مَلِكاً كملك الحبشة لا يُظلم عنده أحدا؟

فرضيّة رابعة تقول، أن الأمير بن سلمان، يرغب في عودة بعض الأصوات المُؤثّرة إلى صومعته، وضمان دعم سياساته التي تُواجِه التعثّر، وأحدهم كجمال خاشقجي لكن على طريقته الإجباريّة، وربّما في قادم الأيّام قد يظهر الرجل أي خاشقجي من عاصمة بلاده، أو مُحافظاتها، ويُعلن دعمه، وحتى تراجعه، وشُعوره بالنّدم، إمّا على طريقة استقالة سعد الحريري، أو على طريقة الأمير أحمد بن عبدالعزيز الذي كان تراجع عن نقد حزم اليمن في فيديو شهير بحضرة مُتظاهرين في لندن، وحمّل المسؤوليّة للملك ووليّ عهده، ثم عاد وتراجع من خلال نبأ بثّته وكالة الأنباء السعوديّة “واس”.

البعض الآخر في العربيّة السعوديّة، يذهب إلى ما هو أبعد من الاختطاف، والتواجد في الرياض أو في السفارة بتركيا، ويتحدّث عن مخاوف من تصفية للرجل، في حال شعرت السُّلطات السعوديّة بأزمة دبلوماسيّة حقيقيّة، تنتهي بالعُثور على جثّته في مكانٍ ما، وتتحمّل الظُّروف الغامضة مسؤوليّة الحادثة، وكان الله بالسِّر عليم.

أحد مُرتادي الصالونات السِّياسيّة في المملكة، قال لنا أنّ خاشقجي ابن النظام السعودي بحُكم مسؤولياته الصحفيّة والاستشاريّة في بلاده، وهو إمّا الابن البار، أو الضَّال، فإن كان بارّاً لا يزال فقد استطاع أن يُسلّط الأضواء على قدرة سُلطات بلاده إسكات مُعارضيها، وتحقيق مُعادلة الرًّعب بينهم، وهو استطاع أن يأخذ كل هذا الحيّز من الأضواء والنُّجوميّة الإضافيّة بالاتّفاق، وإن كان بالفِعل ضالّاً، فقد أخطأ حساباته حين اعتقد أنّه حصل على ضمانات العودة، وفي كُل الأحوال والثابت الوحيد أنّ النظام هو المُستفيد من إعادته أو إسكاته.


خِتاماً، الأيّام القادِمة هي الكفيلة بكشف حقيقة ما جرى للكاتب الصحافي جمال خاشقجي، وأي من تلك الفرضيّات التي سمعناها لا يُمكننا ترجيح أو استبعاد إحداها، لكن السُّؤال المطروح، إذا كانت الحُكومة السعوديّة تمتلك كُل تلك القوّة، وتُمسك بكُل أورقها جيّداً، وتُسكت من تُريد إسكاته من أفراد وحتى دول أجنبيّة وتُهددها، لماذا تلتزم الصّمت حين يجري اللَّعِب بأوراقها من قبل حليفها الأمريكي، لا بل تُفَضِّل الغش والخِداع من قبله، والخسارة أمامه، وتبتلع حتى الإهانة؟

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/10/06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد