آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فوزي بن يونس بن حديد
عن الكاتب :
كاتب

هل يفعلها الكونجرس الأمريكي ويعاقب بن سلمان؟


فوزي بن يونس بن حديد

ليست هناك قوّة مطلقة في هذا العالم، هذا ما ينبغي أن نؤمن به، ولا أحد يملك عصا هذه القوة دون محاسبة أو مراقبة،  لأن من يفعل ذلك فهو إنسان في النهاية مثلنا مثله وإن تقوّى ببعض الوسائل والأشخاص، ولنا في التاريخ دروس وعبر، فهل سلم فرعون من عذاب الله؟، وهل سلم قارون من قبضة الله؟، وهل كانت الأقوام التي تعمل الخبائث وتقتل الأبرياء في غنى عن عذاب الله تعالى؟، فانظروا إلى ما فعله الله تعالى بقوم لوط جعل عاليها سافلها، وانظروا إلى ما فعله بقارون، خسفنا به وبداره الأرض، وانظروا إلى ما فعله بثمود فقد أهلكهم بالطاغية، وأما عاد فأُهلكوا بريح صرصر عاتية سبع ليال وثمانية أيام كاملة، جعلهم صرعى كأعجاز نخل خاوية، لا ترى لهم من باقية، ريحٍ ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم.

ظن ابن سلمان أنه سيتقوّى بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي منحه الضوء الأخضر ليفعل ما يشاء دون حساب في الداخل والخارج مقابل ما يدفعه من مال، لكنه نسي وهو الإنسان أن هناك من يراقبه وأن هناك من يحاسبه، وأن هناك من يقف ضده، وأن هناك سيؤدّبه، وأن هناك من سيحاكمه، وان هناك من سيجعله يعترف بذنبه، وأن هناك من سيقهره كما قهر غيره، نعم اعترف بأن الموت هو الحل الوحيد لإيقافه، وتجاهل من سبقه من الأقوام من هو أشدّ منه قوة وفتكا وكان الحساب في الدنيا قبل الآخرة، ما فعله بن سلمان ليس يسيرا مقارنة بالزمن القصير الذي استلم فيه الحكم كولي للعهد، فهِم أن السياسة قوّة كما فهمها ترامب، وهو لا شك مفهوم مقلوبٌ أو ما يسمى بمفهوم المخالفة للسياسة، فالسياسة دبلوماسية قبل أن تكون قوّة، هي نوعٌ من الحرفة التي يتقنها من يفقه ألاعيبها دون أن يجرح نفسه أو غيره، ودون أن يتبجّح بجرائمه أو يغترّ بقوّته، فلكلّ قوة قوّة أخرى أكثر تدميرا وقهرا، ويمكن إيقاف أي قوة يمكن أن تدمّر وتخطّط لما تريد ولكن تبقى هذه القوّة مرهونة بقوة أكبر منها.

ظنّ بن سلمان أن قوّة ترامب في الداخل الأمريكي لا تقف في وجهها أي قوّة، لما يملكه من صلاحيات واسعة، ولم يدُر في خلده أن هناك من يعارضه حتى من حزبه الجمهوري، حيث أعضاء الكونجرس الأمريكي يناقشون مسألة بن سلمان، هذه الظاهرة السعودية الناشئة التي لم يجرؤ أحد من الملوك أو أولياء العهد في تاريخ السعودية على القيام بهذه الخطوط الحمر في الداخل والخارج، يناقشون حرب اليمن المؤذية التي أصبحت تشكل هاجسا وأرقا كبيرا عند النواب الأمريكيين الذين يرون أن هذه الحرب قذرة وأن الضمير الإنساني في الولايات المتحدة الأمريكية بدأ يتحرك صوب اليمن بعد التقارير المفزعة والمؤذية جدا للشعب اليمني الذي انهار تحت وطأة الحرب ولن يرحمهم التاريخ إذا هم لم يتدخّلوا، فلا فائدة من مواصلة دعم بن سلمان في هذه الحرب مادام الرئيس الأمريكي هو وحده من يأكل الكعكة السعودية، كما تحركّت بموجب هذا القرار منظمات حقوق الإنسان وبحثت في ملف الناشطات السعوديّات اللائي تعرضن للتحرش والاغتصاب والتعذيب لمجرد أن قالوا كلمتهن في حق بن سلمان.

أما القشّة التي قصمت ظهر بن سلمان فهي حادثة خاشقجي وما تبعها من أحداث دراماتيكية جعلت تركيا تنتفض هذه الأيام وتصدر مذكرتي اعتقال رسمية في حق عسيري والقحطاني المتّهمين الرئيسين في القضية، وجعلت أعضاء الكونجرس الأمريكي يصرّون على معاقبة بن سلمان في قضية اغتياله لأنهم اقتنعوا بما لا يدع مجالا للشك أن بن سلمان ضالعٌ في الاغتيال وهو من أمر بقطع جثّة جمال، وقطع رأسه والإتيان به إلى الرياض، ليطمئن أنه قُتل هو نفسه ولا أحد غيره، ومما يؤكد إصرارهم إفادة رئيسة الاستخبارات الأمريكية أمام لجنة التحقيق في القضية واستماعهم إلى تسجيلات تؤكد تورّط بن سلمان، وبالتالي هم مصرّون على توجيه التهمة له، فكم سيدفع بن سلمان؟

هم سيصوّتون على مشروع قرار يطالب الإدارة الأمريكية بالتحرك الفوري في هذه القضية، وحتى لو رفضه ترامب فإن المحللين يرون أن مشروع القرار سيمرّ حتى لو رفضه ترامب نفسه، لأن القرار غير التشريع، فإن كان الرئيس الأمريكي قادرا على استخدام الفيتو في وجه أي تشريع يصدر من الكونجرس فإنه وحسب المراقبين غير قادر على استخدامه في مشروع قرار صوّت له الكونجرس، فهل يفعلها الكونجرس الأمريكي وتحسب له في التاريخ أنه وقف ضدّ الاستبداد والظلم والقهر وطغيان الرئيس وإصراره على التعامل مع الإرهابيين؟

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/12/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد