آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
خالد الجيوسي
عن الكاتب :
كاتب وصحافي فلسطيني

ماذا لو كشفت تركيا أسرار منظومة صواريخ “إس- 400” الروسيّة لحليفها الأمريكي؟..

 

خالد الجيوسي

هذا التَّصريح الغامِض الذي أطلقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاثنين الماضي، والذي نقلت عنه شبكة “سي إن إن” الأمريكيّة قوله للرئيس التركي رجب طيب أردوغان: “سوريا كلها لك.. لقد انتهينا”، فتح المجال أمام التحليلات التي تحدَّثت عن صفقات غامضة بين الرئيسين، وتحديداً نوعية التنازلات التي قد يكون قد قدّمها الرئيس أردوغان لنظيره الأمريكي مثلاً في ملف اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي ليحصل على هكذا تصريح وانسحاب للقوّات الأمريكيّة من الشرق السوري، أم أن ثمّة خِداع وتوريط أمريكي للأتراك في “الوحل” السوري، إثر عمليّة عسكريّة مُرتقبة ينوي أردوغان إطلاقها في سورية، للقضاء على الأكراد كما يقول.

هذا الحديث عن الصَّفقات غير واضحة المعالم بين الأمريكي والتركي، يأتي مع ذكر وكالة “بلومبيرغ” في وقتٍ سابق، اقتراحاً تركيّاً كانت قد قدّمته للولايات المتحدة الأمريكيّة، يسمح فيه الأتراك للأمريكيين، تفحّص منظومة الدفاع الجوي الصاروخيّة الروسيّة “إس- 400″، والتي ستستلمها تركيا من روسيا في القريب العاجل، ويأتي هذا العرض كما أشارت الوكالة بعد مُعارضة أمريكيّة لشراء الأتراك هذه المنظومة الروسيّة، وكانت الولايات المتحدة (الكونغرس) ينوي تعليق توريد مُقاتلات “إف 35” إلى تركيا، لاعتزام الأخيرة شراء المنطومات الروسيّة.

وزير الخارجيّة التركي مولود تشاووش أوغلو، علّق على ما أوردته الوكالة، وأكّد أنّ أنقرة لن تمنح أمريكا فرصة الكشف عن صواريخ المنظومة الروسيّة الشهيرة، وهو إبلاغ مُباشر تم من الوزير التركي إلى السفير الروسي لدى أنقرة أليكسي يرخوف.

روسيا فيما يبدو، عبّرت عن قلقها غير المُباشر من هذه المعلومات، وعلَّق الناطق الرئاسي الرسمي ديمتري بيسكوف على إمكانيّة دخول فنيين أمريكيين، لتقصّي أسرار صواريخ إس- 400، بالقول إنّ العقد الروسي التركي لتوريد المنظومة يَنُص على مُحافظة أنقرة على أسرار هذه الصواريخ، وموسكو تَثِق بهذا السياق بشركائها الأتراك.

هذا الإنجاز العسكري (منظومة صواريخ إس- 400)، على قدر عالٍ من الأهميّة للروس، لأنّه تفوّق على أرض الواقع على نظيره من السلاح الأمريكي الذي يُوازيه، وكشف أسراره للأمريكيين، قد يعني تفوّقاً أمريكيّاً في هذا المجال، خاصّةً أنّ الولايات المتحدة، تملك قدرات تطويريّة هائلة في مجال صناعة الأسلحة، وليس من المُستبعد، إذا اطّلعت على أسرار المنظومة الروسيّة، أن تقوم بصناعة مثيل لها، بل تتفوّق عليها، وهو ما لا يُريده الروس بالتأكيد.

لا نعلم لأي حد يُمكن أن يذهب الروس بثقتهم بحليفهم الجديد التركي، الميّال باتجاه حليفه التقليدي الأمريكي، ونظراً إلى الواقع، يبدو أنّ الخِلافات الأمريكيّة- التركيّة، يتم حلّها تِباعاً، من تسليم الرئيس أردوغان القس الأمريكي أندرو برانسون السجين السابق لديه، وعودته لبلاده، وتخلّي الرئيس ترامب عن حلفائه الأكراد الخصم اللَّدود للرئيس أردوغان في سورية، وليس من المُستبعد أن يُسلِّم ترامب فتح الله غولن المُتَّهم بالتحضير للانقلاب الفاشِل في تركيا، وأن يكون الثَّمن التركي مثلاً، الكشف عن سر الصواريخ الروسيّة، التي شكّلت ردعاً للإسرائيليين في سورية، وهي التي تمتلك المنظومة الأقل تَطوُّراً (إس- 300).

ما يَبْعَثُ على الاطمِئنان للروس، أنّ تلك المنطومة لم تَصِل بعد إلى يَد الأتراك، وهي لا تزال في طريقها إليهم ضمن اتفاق تم في ديسمبر 2017، وهو قرض روسي لتركيا لتمويل توريد الأنظمة المذكورة، وستدفع أنقرة جُزءاً من قيمة هذه الصفقة، والأُخرى من هذا القرض الدفاعي الروسي الذي بلغ قيمته 2.5 مليار دولار، وبحسب وزير دفاع تركيا خلوصي أكار، فإنّ نصب تلك المنظومات سيبدأ في أكتوبر 2019.

لسنا خُبراء عسكريين، ولا نستطيع أن نتحدّث بِلُغَة السِّلاح وصناعته وأسراره، لكن الحكمة تقول: “لا تَبُح بسرّك لعزيز.. فلكُلِّ عَزيزٍ عَزيز.. وإنْ قِيلَ لكَ سرّك في بِئرٍ.. فلا تنسى أنّ البئر يشرب منه الجميع”! 
صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/12/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد