آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فوزي بن يونس بن حديد
عن الكاتب :
كاتب

بين أمريكا وفنزويلا… دكتاتورية في مواجهة الديمقراطية من يفوز يا ترى؟

 

فوزي بن يونس بن حديد

حتى نفهم التدخّل السّافر للولايات المتحدة الأمريكية في فنزويلا لا بد أن نعرّج على الصراع بين أمريكا من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى، إضافة  إلى الروح الاستعمارية الامبريالية التي تتمسك بها الولايات المتحدة الأمريكية منذ إنشائها لتبقى أمريكا قوة عالمية لا تنافسها أي قوة أخرى في العالم، ولا تعارض سياساتها، فإذا أظهرت أي دولة معارضتها جهرة وعلانية أو حتى سرا فستكتم أمريكا أنفاسها، وتخضعها إلى سياساتها بالقوة والعنف، هذا الاتجاه يخالف سياستها الديمقراطية التي ما فتئت تتشدّق بها في كل المنابر الإعلامية، ففنزويلا بلد غني بالنفط ويملك أكبر احتياطي في العالم، معادٍ لسياسات أمريكا، وأمريكا تريد أن تستفيد وتحتكر هذا النفط الفنزويلي وتريد أن تستبق روسيا والصين في المنطقة والسيطرة على مكامن الغنى في فنزويلا لصالح أمريكا لا لصالح شعب فنزويلا.

فالصراع الأمريكي الروسي الصيني مصلحيٌّ بامتياز ولا عبرة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، فهذا ليس من شأنهم وليس في حساباتهم، وإن كان كذلك فهي آخر ما يفكرون فيه، بعد أن يُشبعوا بطونهم ويُعبؤوا جيوبهم بأموال الشعب الفنزويلي سيتحدثون عن الديمقراطية، وهكذا هي سياسة الغرب، سياسة تعتمد على المنفعة وليس على المبادئ والقيم، وتمثل كابوسا للشعوب المقهورة الفقيرة التي تبتغي وتنشد حياة أفضل في وضع يشهد سوءا يوما بعد يوم، وإلا فكيف تسمح أمريكا لنفسها بإقحامها في المشهد الفنزويلي الذي شهد انتخابات ديمقراطية، وتم انتخاب مادورو لولاية أخرى، هل أمريكا حريصة على شعب فنزويلا من الدولة نفسها، وما زال شبح العراق وسوريا ماثلا أمام الجميع، هي تريد أن تحدث فتنة داخل فنزويلا وتغير الحكم فعمدت إلى تعيين جوايدو رئيسا للبلاد بهذه السرعة الخاطفة، وإذا نجحت في ذلك خلال الأيام القادمة فإنها  ستوجّه سهامها إلى إيران وتبحث في الطريقة المثلى للقضاء على النظام هناك.

لن تهدأ أمريكا إلا بعد أن ترى الأنظمة المعادية لها تسقط كأوراق الخريف الواحد تلو الآخر، لن تهدأ إلا بعد أن تسيطر على منابع النفط في الدول الغنية بالنفط، أما الدول التي لا تملك هذه الثروة فلا تنظر إليها إلا بعين واحدة، ومصالحها هي التي تقودها، وما يجري في السودان مثال حي على ذلك، لو أرادت أمريكا أن يتغير النظام في السودان ما بقي إلى الآن، وسوف تفعل ما في وسعها لمساعدة الذين ينادون بتنحّي عمر البشير، ولكنها السياسة الأمريكية المبنية على التحالف مع إسرائيل وقضاء مصالحها والحصول على المنافع المادية وترك الشعب يعاني الأمرين، وبدعوى الديمقراطية ينتقل الحكم من حاكم إلى حاكم آخر ليظل الشعب يبحث عن لقمة العيش، فسياسة التجويع من السياسات الأمريكية الناجحة التي تتقنها الولايات المتحدة الأمريكية في الشعوب العربية.

وبدعوى الديمقراطية تصنع أمريكا الفتنة بين الدول الجارة، وتمثّل على العالم بأنها تحرص على إعادة العلاقات بين الجارين المتحاربين، وهي في الوقت نفسه من يقودها ويشعل النار ويؤججها كما تفعل اليوم بين قطر والدول المحاصرة، فنحن اليوم نعيش عالما مختلفا تختلف توجهاته بين دولة وأخرى، نعيش بين امبراطوريتين، كلٌّ منهما تسعى لترسيخ قوتها والمحافظة على سيطرتها، قوة أمريكية في مواجهة أخرى روسية صينية والضحية الشعوب العربية والإسلامية، التي تعاني من جهتين، فقد يحكمها حاكم ديكتاتوري فتعاني شبح التضييق عليها من جميع الجهات، أو تعيش ديمقراطية معادية لسياسة الدول الكبرى فتقع فريسة للعقوبات الاقتصادية المتنوعة والمعقدة حتى تركع الدولة وترضخ لمطالب أمريكا وغيرها.

لكن الغريب في الأمر أن أوروبا لها المسار نفسه الذي نهجته أمريكا في فنزويلا، فهي متعاطفة مع المعارض جوايدو، بينما لا تساند الديمقراطية التي جاءت بمادورو، وكأن أوروبا التي نراها أقل استعمارا قد انحرفت عن مسارها الديمقراطي المعتاد.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/02/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد